حاكم دارفور المُكلّف.. الحديث من داخل أرض الأحداث

 

الفاشر: فاطمة علي      30نوفمبر 2021م

مُجدّداً عادت الأحداث الدامية إلى إقليم دارفور، بالرغم من توقيع اتفاق جوبا لسلام السودان، وتضاربت المعلومات حول الاشتباكات العنيفة التي وقعت الأسبوع الماضي بمنطقة صليعة في محلية جبل مون بغرب دارفور والتي خلّفت نحو (24) قتيلاً على الأقل من الطرفين وعددا من الجرحى، بجانب حرق (8) قرى وفقدان (20) طفلاً وفرار سكان تلك القرى الى المناطق المجاورة ودولة تشاد.

وتضاربت الروايات حول الحادثة، غير أنّ البعض ذكر أنه تمت عمليات نهب وسرقة، وتطور الأمر وأدّى لاحتكاكات بين مجموعتين عقب نهب (200) رأس من الإبل تتبع لمجموعة عربية من قبل مجموعات جاءت من خارج المنطقة، مما أدّى لهذه التطورات، فيما تُجرى مساعٍ لإعادة الإبل المنهوبة لأصحابها، واتّخذت السلطات إجراءات أمنية إدارية لمنع تكرار هذه الأحداث، ونشرت تعزيزات عسكرية بالمنطقة .

ويرى مراقبون أنّ الوضع الأمني بدارفور يحتاج لتكثيف المساعي والخُطى لتنفيذ بند الترتيبات الأمنية بالإقليم، بما فيه تشكيل القوة المشتركة التي تضم (20) ألف جندي مُناصفةً بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح لحماية المدنيين بالإقليم .

وشهدت دارفور منذ العام 2003م, حرباً عنيفة خلال حكم النظام السابق, خلّفت (300) ألف قتيل ونزوح ولجوء الآلاف نتيجةً لتهميش الإقليم سياسياً واقتصادياً، ورغم تراجع القتال في السنوات الأخيرة لحكم المخلوع عمر البشير، إلا أن العنف ظل يتجدّد في بعض المناطق من حين لآخر بسبب النزاعات المُنتشرة بين الرعاة والمزارعين، في ظل انتشار السلاح بأيدي المواطنين.

مشاكل أمنية

وقال حاكم إقليم دارفور المكلف محمد عيسى عليو خلال مؤتمر صحفي بأمانة حكومة ولاية شمال دارفور أمس الأول، إنّهم وقفوا ميدانياً على الولايات المختلفة لتفادي الأحوال الأمنية وتداولوا أمر الإدارات الأهلية، وأضاف “أيضاً أعلنّا عن مُلتقى تنويري للإدارة الأهلية”.

وأشار إلى أن دارفور فيها بؤر أمنية وسياسية، وقال “في شمال دارفور وقفنا في محطات، ثم الضعين ثم نيالا وزالنجى ثم الجنينة، وكل ولاية بها مشاكل مُختلفة، وهناك بؤرة خلايا نائمة وأخرى صاحية”. وأضاف “تفاجأنا بمشكلة جبل مون واستصحبنا الوالي في زيارة ميدانية لوضع حدٍّ للتجاوزات التي حدثت”، وأقر بأن شمال وغرب دارفور بهما مشاكل أمنية يقودها أشخاص استغلوا الوضع السياسي المُترهل والمناخ الديمقراطي الأيام الماضية وحدثت تحركات نهب هنا وهناك، وقال إن اللصوص هم أُس المشكلة، بجانب بُعد الحكومة عن الحدث، وتطوّر الأمر من قتل شخصٍ أو نهب إبلٍ إلى حرب قبلية وأخذت طابعاً إثنياً بسبب تراكُمات وُرثت منذ الاستقلال وليس من الإنقاذ فقط، عصفت بإقليم دارفور وتسبّبت بمعظم التهتكات الموجودة الآن.

جهدٌ كبيرٌ

وأكد عليو بذل جهد مع حكومات الولايات الخمس لإرجاع الإقليم إلى الوضع الطبيعي أُسوةً بالولايات الأخرى، وقال إنّ وزارة المالية وحكومة الإقليم بذلتا جهداً فيما يتعلق بالمشاريع التنموية والخدمات، وأضاف “لاحظنا وعورة الطرق والنهب المُسلّح يمشي بقدميه في بعض المناطق بسبب بُعد الإقليم وتخلفه في التنمية”، وأكد بذل الجهد ليقف الإقليم على قدميه وإنفاذ اتفاق سلام جوبا.

وقال عليو إنّ سيطرة حركات الكفاح المسلح بجبل مون وخروجها ترك غُبْنَاً، وأصبح هناك عدم اندماج، واعتبر أنّ هناك حالتين سيئتين غير مسبوقتين بدارفور وهما حرق القرى وقفل الأسواق أمام بعض الناس من المسؤولين والأطراف المعنية، ووصفها بالمشكلة الكبيرة, لذلك حدثت توترات خلّفت (24) قتيلاً وتأثّرت ثماني قرى، اثنتان حُرقتا بنسبة (60%) وأخرى بنسبة (30%) وهناك (20) طفلاً مفقودون .

تنفيذ الاتفاق

طالب وزير المالية بالإقليم عبد العزيز مرسال شدو، بإنزال بنود الاتفاق للسيطرة على الوضع، وأشار إلى أنّ هناك هشاشة أمنية، وشدّد على ضرورة إنفاذ بند الترتيبات الأمنية، وأكد أن تكوين القوة المُشتركة سيسهم في حماية المدنيين، ووصف الوضع الأمني بالفارغ، ونوّه لضرورة قيام مؤتمر للإدارة الأهلية.

وبشّر مرسال بمشروعات ضخمة للإقليم سترى النور قريباً في انتظار استتباب الأمن، وكشف عن قيام مؤتمر للمانحين قريباً، وقال: “ناقشنا بنيالا موازنة 2022م لتقدم عن طريق وزارة مالية الإقليم للاتحادية”، وأضاف أن وزارات المالية الولائية مسؤولة عن الفصل الأول, أما الإقليمية فمسؤولة عن المشاريع.

زيارات ميدانية

يُذكر أن حاكم الإقليم المكلف محمد عيسى عليو، نفّذ جولة برفقة وزير مالية الإقليم والمستشار الأمني والمُستشار السياسي، والتقى الوفد باللجان الأمنية والإدارات الأهلية بولايات دارفور الخمس، وذلك في إطار الوقوف على الأحوال الأمنية بدارفور والتبشير باتفاقية السَّلام والاستماع لأهالي دارفور عبر الإدارة الأهلية.

زيارة ميدانية

الزيارات بدأت من شمال دارفور إلى شرق وجنوب ووسط وغرب دارفور، ووقف الوفد على عددٍ من فرقان وحلاّل ومحليات الولايات للاطمئنان على أحوالهم، وتمّت تبرُّعات تحفيزية.

ووقف الوفد عند خزان جديد والتقى بعمدة المنطقة، ثُمّ مُهاجرية بشرق دارفور، ولبدو بجنوب دارفور وبليل، وزالنجى وكاس بغرب دارفور، ومنطقة قوز منو التي شهدت أحداثا دامية بسبب صراع قبلي, واختتم الوفد زيارته وتوجّه إلى الفاشر عاصمة الإقليم لتقييم الزيارة التي امتدّت لخمسة أيام.

وكشف عليو خلال اللقاءات، عن مُلتقى تنويري للإدارة الأهلية مطلع يناير 2022م، وطالب الإدارات الأهلية بترشيح مُمثلين للمُلتقى حسب توجيه حاكم الإقليم مني أركو مناوي، وأقرّ عليو بأنّ الإدارة الأهلية ظُلمت بسبب سياسات النظام السابق، واستخدامها بشكل وصفه بالسيئ، وشدّد على أن تعود لسيرتها الأولى، ونادى بضرورة إنزال مُكتسبات اتفاق السلام خاصة بند الترتيبات الأمنية.

أساس الدولة

وقال عليو: “خلال طوافنا لولايات الإقليم الخمس, وجدنا الظروف متشابهة وتتفاوت المشاكل من منطقة لأخرى”، وأكد أن الإدارة الأهلية أُس الدولة، وأضاف: “أتينا بالسيارات للوقوف في محطات رئيسية والوقوف على أحوال أهل إقليم دارفور”، وثمن دور الإدارة الأهلية، منادياً بترتيبها وتقنينها بقوانين، وأكد دورها في حل كثير من القضايا المعقدة لقيادتها قيادة رشيدة إلى بر الأمان.

وبحثت اللقاءات مع اللجان الأمنية الأوضاع الأمنية وقضايا التفلتات بإلاقليم خاصة بعد توقيع اتفاقية السلام، وأكد عليو ضرورة تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، وتكوين القوة المشتركة لاستتباب الأمن بدارفور، وأهمية تأمين موسم الحصاد.

بدوره، عقد وزير مالية الإقليم عبد العزيز مرسال شدو ومستشاره المالي د. عبد الحميد محمد, اجتماعاً مع وزراء مالية الولايات الخمس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى