اتفاق البرهان – حمدوك… الشارع مُنقسمٌ على نفسه!!

 

الخرطوم: القسم السياسي

عشية التوقيع على الاتفاق السياسي بين قائد الجيش, رئيس مجلس السيادي، الفريق عبد الفتاح البرهان، وبين رئيس الوزراء المنحلة حكومته، الدكتور عبد الله حمدوك، بدا الشارع السياسي منقسماً بين مؤيد للاتفاق ومعارض له، كما انقسمت الحاضنة السياسية لحكومة حمدوك، والمتمثلة في مركزية قوى اعلان الحرية والتغيير، البعض يرى ان الاتفاق فرصة لإنهاء حالة الاحتقان السياسي الذي انتجته قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر، وتسبّب في مقتل اكثر من 50 متظاهراً و400 جريح، يقول آخرون إنّ الاتفاق خيانة لدماء الشهداء ولن يعيد الوضع إلى ما كان عليه، ولن يعمل على تهدئة الشارع.

أهم بنود الاتفاق

وكان البرهان، ورئيس الوزراء المقال الله حمدوك، وقّعا نهار امس، اتفاقاً سياسياً، ونص الاتفاق على إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وإلغاء قرار إعفاء حمدوك من منصبه رئيساً للوزراء، وينص الاتفاق على إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين الذين احتجزوا خلال الانقلاب ويعيد التأكيد على أن الوثيقة الدستورية الصادرة في 2019 هي المرجعية لعملية الانتقال السياسي ولاستكمال المرحلة الانتقالية، وأن يحقق التعديل مصالح الشعب السوداني،  التأكيد على أهمية الشراكة بين المكونين المدني والعسكري، بجانب الاتفاق على بناء جيش قومي موحد، وإعادة هيكلة لجنة تفكيك نظام البشير مع مراجعة أدائها.

أسسٌ صحيحةٌ

وخلال حفل التوقيع، قال البرهان، إن الاتفاق “يضع الأسس الصحيحة للفترة الانتقالية”، مشيراً إلى أن “التوقف في مسيرة الانتقال كان لإعادة النظر في الخطوات المستقبلية”, وأضاف أن “حمدوك سيظل محل ثقة القوات المسلحة في السودان”، مؤكداً أن الاتصال به خلال الأزمة لم ينقطع، وتابع قائد الجيش: “لا نريد أي إقصاءً لأي جهة في السودان.. سنعمل على استكمال المسار وصولاً لانتخابات حرة ونزيهة”.

من جانبه, ركز حمدوك في كلامه، على أن التوقيع على الاتفاق عالج كل قضايا المرحلة الانتقالية.. وحصن التحوُّل المدني الديمقراطي وووسّع دائرة الانتقال السياسي، وقال: “مصلحة السودان أولوية.. هدفنا هو حقن دماء الشعب السوداني.. أنا على استعدادٍ للعمل سوياً للتقدم بالسودان”، وأضاف: “سنعمل على توحيد كل القوى السودانية بنظام ديمقراطي راسخ وإنه يهدف لإعادة البلاد إلى الانتقال الديمقراطي وحقن الدماء بعد مقتل شبان سودانيين خلال احتجاجات لسيطرة الجيش على السلطة”, وقال حمدوك إنه يعرف أن لدى الشباب القدرة على التضحية والعزيمة وتقديم كل ما هو نفيس لكن “الدم السوداني غالٍ”, ودعا إلى حقن الدماء وتوجيه طاقة الشباب إلى البناء والتعمير.

اتفاق خياة

وفي وقت لاحق، أعلن تجمع المهنيين السودانيين رفضه للاتفاق ووصف تجمع المهنيين ما جرى باعتباره “اتفاق الخيانة”، معتبرا أنه اتفاق لا يخص سوى أطرافه، و”مجرّد محاولة باطلة لشرعنة الانقلاب الأخير وسلطة المجلس العسكري”.

كما ذكر بيان لتجمع المهنيين السودانيين، على حسابه على فيسبوك، إن اتفاق اليوم هو “انتحار سياسي” للدكتور عبد الله حمدوك، وأشار إلى التمسك “بمقترح الإعلان السياسي الذي تقدمنا به لقوى الثورة”.

وقال البيان إن “طريق شعبنا أكثر وضوحًا الآن من أي وقت مضى، إسقاط شراكة الدم وكل من يلتحق بها، ومواصلة المقاومة السلمية ببناء قواعده المقاوِمة في لجان الأحياء والكيانات النقابية، وتنويع أدوات الفعل المقاوم بلا توقف وصولًا للدولة المدنية الديمقراطية وسلطتها الثورية الخالصة”.

وقد اتّفقت كل القوى التي كانت تُشكِّل الحاضنة السياسية لحكومة حمدوك، على رفض الاتفاق, وأعلنت عن مقاومتها له مثلما كانت تقاوم الإجراءات التي اتّخذها البرهان في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، وقالت قوى إعلان الحرية والتغيير،  في بيان “نؤكد موقفنا الواضح والمعلن سابقا أنه لا مفاوضات ولا شراكة ولا شرعية للانقلاب”.

وطالبت المجموعة بمحاكمة قادة الانقلاب، بتهمة تقويض شرعية العملية الانتقالية وقمع المتظاهرين وقتلهم،  ، لكن رئيس حزب الأمة فضل الله برمة ناصر وقف إلى جانب الاتفاق, رغم أن حزبه أخرج بياناً معارضاً للاتفاق, فقد جاء في بيان حمل توقيع الواثق البرير الناطق الرسمي أن حزب الأمة يرفض أي اتفاق لا يُخاطب جذور الأزمة التي أنتجها الانقلاب العسكري، وتداعياتها ومنها قتل الثوار الذي يستوجب المحاسبة وانه لن يكون طرفاً في أي اتفاق لا يلبي تطلُّعات الثوار والشعب السوداني، وقال ناصر, إن حمدوك سيشكل حكومة مستقلة من الكفاءات، وسيتم إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في إطار الاتفاق بين الجيش والأحزاب السياسية المدنية.

طلاقٌ بائنٌ

إلى ذلك, قال سليمان الغوث، من المؤتمر السوداني, إن ما جرى لم يحدث تغييراً غير ضم  حمدوك الى الانقلابيين، وأضاف في تصريحات صحفية أن ما قام به حمدوك يُعد خيانة لا تقل عن خيانة العسكريين، مشيراً الى انه تراجع عن ما كان ينادي به وما اتفق به مع قوى الحرية والتغيير “قادة الأحزاب في المعتقلات وحمدوك في منزله”، هم لم يتراجعوا ولكنه تراجع، ونبّه إلى أن الشارع ضم حمدوك إلى زمرة الانقلابيين.

وانتقد تجمع الاتحاديين, الاتفاق الذي وقّعه حمدوك مع البرهان، وقال في بيان تلقته “الصيحة”، ان الحزب سيواصل النضال من أجل إجهاض الاتفاق.

من جهته، أكد بشرى الصايم القيادي بقوى الحرية والتغيير، أن الشارع لن يتوقّف في مقاومة الشراكة بين حمدوك والعسكريين، وأن المظاهرات الرافضة للشراكة مع العسكريين ورافضة للتفاوض وتنادي بحكومة مدنية خالصة مستمرة ولن تتوقّف، وأضاف “حمدوك خان من يدافعون عنه، وخان من أجبروا البرهان على إطلاق سراحه” وقال متسائلاً “الآن حدث طلاق بين حمدوك وقوى الحرية والتغيير”، وتساءل ما هو الضمان الذي سيذهب بهذا الاتفاق الى نهايته، العسكر خانوا الاتفاقات ثلاث مرات من قبل من هو الضامن له”..

واعتبر الصائم، توقيت الاتفاق جاء بهدف تقسيم الشارع السوداني، وأضاف “ظن العسكريون  بأن الشارع يقف مع حمدوك وعندما يتفقون مع حمدوك سيقسمون الشارع”, مشيراً الى تدفق الآلاف إلى الشوارع, مطالبين بمدنية الدولة رافعين شعارات رافضة لأي اتفاق سياسي مع الجيش.

وفي الخرطوم ومدينتي كسلا وعطبرة في شرق وشمال البلاد، واصل آلاف السودانيين، الأحد، احتجاجاتهم ضد الانقلاب العسكري رغم اعلان الاتفاق السياسي الجديد، حسب ما أكد شهود عيان لوكالة فرانس برس.

وفي المقابل أطلقت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين الذين خرجوا مساندين للحكم المدني قرب القصر الجمهوري بوسط الخرطوم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى