تفاصيل مُثيرة في مُحاكمة (11) من منسوبي الأمن مُتّهمين بقتل الشهيد محجوب التاج

الخرطوم: محمد موسى

كشف خبير الأدلة الرقمية الجنائية، معلومات مُثيرة في قضية مقتل الشهيد الطالب محجوب التاج في تظاهرات اندلعت بجامعة الرازي لإسقاط نظام المخلوع عمر البشير  في 24 يناير عام 2019م, المتهم فيها (11) من منسوبي جهاز المخابرات العامة بينهم ضباط برتب متفاوتة.

فيديو لكاميرات معلقة

وكشف شاهد الاتهام الخامس خبير الأدلة الرقمية بالإدارة العامة للأدلة الجنائية عميد شرطة حسن محجوب عثمان للمحكمة, عن تلقِّيهم خطابا بتاريخ 6/2/2019م ممهور بتوقيع وكيل نيابة الخرطوم شمال أحمد عمر التني، يلتمس من خلاله تحليل محتوى معروض اتهام عبارة عن (فلاشة) وهاتف محمول وذلك لأغراض التحري في البلاغ (140/2019) المدون تحت المادة (51) إجراءات اولية آنذاك، لافتاً الى ان الهاتف المحمول تم ارساله الى شُعبة الهواتف بالادلة الجنائية لفحصه، بينما تم تسليمه الفيديو لفحصه حسب اختصاصه، مبيناً بأنه وعقب ذلك قام بفحص محتوى الفلاشة واتضح بأن داخلها مجلدان, الاول يحوي (4) ملفات، بينما المجلد الثاني يحتوي على (5) ملفات ، مشيراً الى انه قام بإجراء الفحص والتحليل والكشف على البيانات الوصفية للمجلدين بالفلاشة واتضح بأنها أصلية ولم تتعرّض لأي من عوامل الإضافة أو الحذف أو المونتاج، ولم يتم تحريرها بأي من برامج الصور والفيديوهات المعروفة، مُضيفاً بأنّ مُحتوى الفلاشة عبارة عن فيديو نتاج لكاميرا مراقبة تلفزيونية مغلقة تخص صرافاً آلياً لأحد البنوك مثبتة خارجه بحد تعبيره، لافتاً الى أن هذه الكاميرا وحسب عملها تلتقط الصور على مَدى (15) متراً وحتى مدى (18) متراً، مشيراً الى أن جودة الصورة تقل ولا توضح معالمها كلما تم تكبيرها وتظهر مربعات فيها.

تحسين جودة فيديو

وقال شاهد الاتهام الخامس الخبير الرقمي للمحكمة الخاصة المنعقدة بمحكمة مخالفات الأراضي الديم بالخرطوم برئاسة القاضي المشرف زهير بابكر عبد الرازق، إنه وعقب ذلك قام بالخطوة الثانية بتحسين جودة الفيديو محل الفلاشة الموجود في كل من الملفين ونسخ اي منهما على حدة بأسطوانة قرص مدمج (سي دي)، لافتاً الى انه بعد ذلك استخدم برنامج (الاي كان الجنائي) لتحسين الصورة وجودتها وقام بقطع (25) صورة من الفيديو وظهر فيها بمسرح الحادث جزء من الموجودين فيه (أشخاص)  وسيارات تتبع لجهة امنية  بحد قوله، موضحاً بأنه  ومن خلال الصور قد ظهرت لوحة لعربة امنية بها ثلاثة ارقام تمكن من معرفة رقمين من اللوحة – إلا انه قد تعذّر معرفة الرقم الثالث، بيد أن الشاهد رجّح للمحكمة في ذات الوقت ان يكون الرقم الثالث للوحة العربة الأمنية هو إما (4/ او 9) بحسب قوله، مبيناً بأنه ومن خلال استخلاص الصور من فيديو الفلاشة اتضح ظهور أشخاص حول مسرح الحادثة, من بينهم يمكن ان يتم التعرف عليهم, وآخرون يمكن التعرف عليهم بواسطة اشخاص يعرفونهم ويحفظونهم في ذاكرتهم، مشيراً الى أنه ومن خلال الصور المستقطعة, تبيّن كذلك ظهور عربتين عسكريتين, الأولى مكتوب عليها (دابي الليل), والأخرى مكتوب عليها الرقم (45).

فحص وخطاب النيابة

وتسلسل شاهد الاتهام الخامس الخبير الرقمي بالأدلة الجنائية في أقواله أمام المحكمة وكشف لها عن فحصه لمجلدين من الفلاشة دون السبعة الأخريات من جملة (9) مجلدات، عازياً ذلك الى انه ارتبط فحصه بزمن وقوع الحادثة من قبل القوات الامنية المعتدية على الطلاب امام الجامعة حسب خطاب النيابة اليه وحتى وقت ذهابها من مسرح الحادثة، وكشف الشاهد للمحكمة عن عدم عرض اي من المتهمين او صورهم الشخصية عليه وقت استخلاصه الصور من الفيديو لمضاهاته، في وقت أكد فيه الشاهد للمحكمة ظهور المجني عليه الشهيد محجوب التاج، بالفيديو وهو خارج نطاق الكاميرا الرقمية – اي في خلفية الصورة وهو ملقي على الارض ممتلئ الجثمان يرتدي (فنلة) بلون لبني ، ولاب كوت ابيض اللون، موضحاً بأن الكاميرا أظهرت بأن قوة أمنية تقوم برفع المجني عليه على متن عربة بوكس يوم الحادثة.

إفادات وفيديو مع متهم

في ذات السياق, مثل امام المحكمة شاهد الاتهام السادس نقيب يتبع لشرطة مسرح الحادث بمحلية بحري دفع الله محمد بركة، وأفاد بأنه قام بإعداد تقرير كتابي ومصور لمسرح الحادثة الأولى لجثمان الشهيد المجني عليه محجوب التاج بمستشفى الامل الوطني، وتدوين أماكن الإصابات بجسده الظاهرية، في وقت اكد فيه ذات الشاهد للمحكمة بأنه وبعد مرور وقت من الزمان لا يذكره قام بزيارة مسرح الحادثة جامعة الرازي بالأزهري جنوب الخرطوم وإعداد رسم كروكي وذلك بناءً على اقوال شهود الاتهام ومقطع الفيديو مستند الاتهام، مبيناً للمحكمة بانه قام على إثر ذلك باستجواب المتهم الحادي عشر في القضية اثناء رسم الكروكي لمسرح الحادثة, حيث تطابقت اقواله مع الفيديو مستند الاتهام ، واكد له بالتحري الميداني أنه من ضمن القوة التي شاركت في أحداث الجامعة محل البلاغ، في وقت تعرف فيه شاهد الاتهام النقيب على المتهم الحادي عشر وهو داخل قفص الاتهام بقاعة المحكمة.

إمهال لحماية شهود

من جهتها, وافقت المحكمة على طلب ممثل الاتهام عن الحق العام وكيل أعلى النيابة ماهر سعيد، بمنحه فُرصة أخرى لتنسيقه مع الجهات الأمنية بالبلاد لتأمين حضور شهود الاتهام الخمسة المطلوب حمايتهم (طلاب جامعيين) للمثول امامها وإدلائهم بشهادتهم في القضية – الّا أنّ المحكمة وفي ذات الوقت شددت على انها سبق وان امهلت الاتهام عن الحق العام فرصة في احضار شهوده المطلوب حمايتهم حسب طريقته في تأمينهم  –الّا أنّه فشل في إحضارهم في هذه الجلسة بحجة ان الاضطرابات والاحوال الامنية بالبلاد, مَا حال دون توفير الحماية للشهود مع جهات الاختصاص – لا سيما وان الشهادة لا بد ان تكون في أجواء طمأنينة للشاهد حتى يدلي بأقواله في القضية، في وقت نبّهت فيه المحكمة الى انها اخذت علماً قضائياً بأحوال البلاد الأمنية – وضرورة ان يمثل الشهود أمامها ويدلوا بشهاداتهم وهم مطمئنون – الا أنها وفي ذات الوقت لن تترك الحبل على الغارب وان يظل سيف الاتهام مُسلّطاً على المتهمين، وان تكون الدعوى الجنائية معلقة على رقبتهم وإنما موازنة دقيقة لمبادئ العدالة والمحاكمة الناجزة، فيما قرّرت المحكمة إمهال الاتهام عن الحق العام لحين تأمين حماية الشهود مع الشروع في سماع شهود الاتهام عن الحق الخاص عن أولياء دم المجني عليه الشهيد محجوب التاج في جلسة الثامن والعشرين من الشهر الجاري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى