الانكماش الاقتصادي يُثير قلق قطاع الأعمال والمُستثمرين

 

الخرطوم: جمعة

يمر قطاع الأعمال والاستثمار بمرحلة من التباطؤ غير المسبوق بعد تراجع أنشطته بسبب النمو الضعيف للاقتصاد السوداني خلال الأعوام القليلة المنصرمة، وانعكست هذه الحالة على العديد من الأعمال التجارية والاستثمارات الأجنبية التي تنشط في السوق المحلي, وباتت العديد من الأعمال إما مهددة بالتراجع الحاد أو التوقف الكلي بسبب ظروف العمل غير المواتية، وفاقم عدم الاستقرار السياسي والفراغ الحكومي من مخاوف هذه القطاعات وادى لتراجع نشاطها بشكل ملحوظ.

ويساور القلق كثير من المستثمرين الاجانب وبعض الاستثمارات المشتركة من عدم تعافي الاقتصاد السوداني قريباً لجهة غياب المؤشرات التي تدعم هذا الاتجاه، وهو ما يدعوهم لإعادة التفكير حول جدوى استمرار اعمالهم في السودان ودراسة الأسواق القريبة لمقارنة فرص العمل فيها.

ويُحذِّر مُختصون من تبعات سالبة لاستمرار الوضع الحالي الذي يُهدِّد بخُرُوج بعض رؤوس الأموال من البلاد بسبب صعوبة العمل في ظل هذه الأوضاع، مشيرين لتوقف بعض القطاعات الحيوية مثل قطاع المقاولات والإنشاءات العقارية بسبب ارتفاع تكاليف البناء لمستويات قياسية، علاوة على غلاء قيمة الأراضي في السودان مُقارنةً بالدول المُحيطة, حيث يفوق سعر المتر في السودان سعره في مدن عالمية, مَا يجعل كثيراً من شركات الإنشاءات تنسحب من السوق السوداني وتتّجه لأسواق أفضل بيئة وأفضل تنافسية.

ويقول الخبير الاقتصادي، التوم بابكر، إن فرص النمو لأيٍّ من القطاعات الاقتصادية مرهونة بمدى توافر جملة من الشروط, أولها “الاستقرار”, وقال إنه يشمل الاستقرار السياسي والأمني واستقرار سعر الصرف وثبات السياسات الاقتصادية، وهو ما لا يتوفر كله حالياً بحسب قوله.

وقال التوم لـ”الصيحة”، إن الاسثتمارات الأجنبية على وجه الخصوص لا تخاطر برؤوس أموالها في وضع مضطرب وغير واضح المعالم، موضحاً أنّ أيِّ اختلال في بنية الأجهزة الحكومية أو غيابها عن اداء دورها يبعث المخاوف في هذه الاستثمارات, مَا يجعلها تُفكِّر في سحب أنشطتها لمواقع أخرى أكثر أماناً وبها فرص النمو المضمون، مُشيراً الى أن النمو والازدهار الاقتصادي مرهونٌ بالاستقرار السياسي ولا يُمكن أن يتم بغيره.

في الوضع الطبيعي, لم يكن السوق السوداني جاذباً للاستثمار لعدة اعتبارات منها ضعف الاقتصاد الوطني وعدم تهيئة البيئة المناسبة بالرغم من وجود قانون يوصف بـ”الجيد” للاستثمارات, لكن عدم استقرار سعر الصرف وتصاعد تكاليف الإنتاج وافتقار السودان للبنيات التحتية المتطورة في مجال النقل والتسويق والعرض, إضافةً للعشوائية التي تُصاحب العمل التجاري, جعل من مهمة المُستثمرين الأجانب ضعيفاً لحد لا يتناسب مع الإمكانات المُتاحة.

وبحسب مدير عام إحدى الشركات الخليجية التي تنشط في قطاع الإجارة بالسودان، فإن سعر الصرف يمثل أحد أكبر مهددات استمرار الشركات الأجنبية في البلاد، بسبب تغيُّر أسعار المطالبات بين فترة وأخرى, مَا يخل بالميزانيات الموضوعة لهذا الغرض، موضحاً أن الشركات الأجنبية العاملة في قطاع الأعمال الأجنبي تُعاني عشرات المشاكل التي حدّت من فعالية أدائها وأدت لتقليل النمو المتوقع في المجالات الاقتصادية.

وقال المصدر في حديث لـ “الصيحة”, إن العقبات التي تواجه قطاع الاعمال “لا حصر لها”, مشيرا إلى أنها تتراوح ما بين سياسات بنك السودان المركزي وصعوبة الحصول على الاموال من الحسابات طرف البنوك, بالإضافة لعدم ثبات السياسات الاقتصادية الكلية، وعدم تنفيذها بالشكل المطلوب، والاختلالات في الرسوم الحكومية والجمركية والضريبية التي لا تُخضع للضبط بالصورة الكافية، مما ينتج عنه اختلال موازنات قطاع الإعمال خاصة في جانب المصروفات التي تحسب سنوياً لكنها غير ثابتة وتُخضع للتغيير أكثر من مرة خلال العام ولا يمكن حتى التّحكُّم بها.

يواصل المصدر إفاداته قائلاً: إن هذه الوضعية كثيراً ما تُكبِّد الشركات خسائر لا ذنب لها فيها، كما يصعب على بعض الشركات تحويل أرباح المساهمين وبعض المستحقات لضعف وتقليدية شبكات المراسلة التي يتعامل معها السودان، ويأتي توفير الدولار ضمن أصعب المهام التي تعترض عمل الشركات الأجنبية، حيث إن بعض مساهميها أجانب بطبيعة الحال ولا يمكن تحويل أرباح أسهمهم بالعُملة المحليّة.

المعضلة الأخرى التي تُواجه الشركات الأجنبية “الدولار”، حيث تُسدِّد الحكومة مطالباتها بالسعر الرسمي، لكن الشركات لا تجد هذا السعر دائماً وفي كل الأوقات في المصارف وإن وجد يكون بسعر أعلى، وليس أمامها من خيار سوى اللجوء للسوق المُوازي.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى