شاكر رابح يكتب : تداعيات الانقسام على الانتقال (1-2)

لن يكون هناك تحول من حالة الثورة الى الدولة والبلاد في حالة انقسام سياسي واجتماعي، والانقسام والتباين ليس محصوراً في قوى إعلان الحرية والتغيير بصفتها واحدة من التحالفات التي أسقطت نظام الإنقاذ, إنما الانقسام لم يستثن احدا بما في ذلك مؤسسات امنية واحزاب وكيانات سياسية.

لقد بات لهذا الانقسام تداعيات نتج عنها وضع لا يمكن معالجته بهذه الطريقة التي يتعامل بها شركاء الحكم ، ولعل الانقلاب العسكري الاخير هو نتيجة الانقسام سواء داخل المؤسسة العسكرية أو القوى المدنية، كذلك اعلان قوى الحرية والتغيير العودة لمنصة التأسيس بمعزل عن مجموعة الاربعة، والانقسام نتجت عنه كذلك ظروف انسانية واقتصادية في غاية التعقيد, ولا يخفى على احد ان هناك قوى خارجية توظف هذا الانقسام والاختلافات الأيديولوجية لخلق فوضى سياسية واقتصادية وامنية.

بشأن هذا الانقسام, قدمت مبادرات كثيرة وفي غالية الأهمية, منها مبادرة رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك ومبادرة حزب التنمية القومي (المصالحة المجتمعية الشاملة) ومبادرة حزب الأمة القومي (العقد الاجتماعي) والتفاهُمات الكثيرة مع القوى السياسية التي دعت لإصلاح الحاضنة السياسية وانبثق عنها تكوين اللجنة الفنية لقوى اعلان الحرية والتغيير بقيادة حزب الامة القومي, وكان هذا أول اسفين يضرب في جسد الحاضنة السياسية،  هذه المبادرات جميعها لم يكتب لها النجاح لأسباب عدة منها عدم جدية القوى السياسية الحاكمة وخاصة (الاربعة احزاب + واحد) التي اختطفت الثورة، ومنها اسباب خارجية تدخل دول إقليمية واجنبية تحاول عرقلة المصالحة السياسية خدمة لمصالحها واطماعها.

أسباب الانقسام الاساسية هي عدم وجود رؤية وبرنامج واضح بعد نجاح ثورة ديسمبر المجيدة، سبب آخر لا يقل أهمية هو ممارسات وقرارات لجنة إزالة الثلاثين من يونيو والتي شكلت اعتداءً صارخا على الحقوق والحريات العامة وهيمنة اللجنة على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مما كرّس من عملية الانقسام.

واحد اهم عوامل تأخير تنفيذ اتفاقية السلام وخاصة عدم الالتزام بتنفيذ البنود المتعلقة بالترتيبات الامنية (الدمج والتسريح), لا شك أن الانقسام قد فاقم اشكالية غياب سيادة حكم القانون وغياب المحكمة الدستورية اضافة الى إعفاء وتسريح القضاة والمستشارين ووكلاء النيابة, مما أربك المشهد القانوني برمته، «التشاكس» الأخير بين اعضاء مجلس السيادة المدنيين ورئيس المجلس قد يشير ذلك بوضوح الى التباعد وليس التقارب, ففاقمت من ظواهر الإقصاء والتخوين وعدم الاعتراف بالآخر واتساع الفجوة بين الشركاء والذي بدوره قد يؤدي الى تقويض عملية الانتقال، وفي تقديري يشكل الانقسام السياسي بين شركاء الحكم تهديداً استراتيجياً وامنياً واقتصادياً بعيد المدى، مما يهدد عملية الانتقال من حالة الثورة الى الدولة.

 

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى