أحمد موسى قريعي يكتب : الإسلام السياسي .. يوميات البارود و الدم (4)

 

 

الجبهة الإسلامية القومية (2)

 

ذكرنا في الحلقة الأولى أن السودان صار الملجأ الآمن لإخوان مصر، عندما حل عليهم غضب السلطات المصرية عام 1948، مثلما هي اليوم، حيث فتحت الحركة الإسلامية السودانية حضنها لإخوانها المصريين وردت لهم “الجميل المشؤم”.

 

إخوان السودان بين الهبوط والصعود، والمد والجزر

 

في الحقيقة انحصرت الحركة الكيزانية الإسلامية في السودان خلال مدها وجزرها بين أمرين اختارت أحدهما وتركت الأخر، لأنه لا يتناسب مع طبيعتها الإجرامية الماكرة المخادعة. فاختارت النشاط السياسي الذي يتطلب الخبث والمكر والمراوغة والكيد، حسب زعم تيارات الإسلام السياسي بصفة عامة، وتركت الدعوة والإصلاح والدين، فهي خلال ثلاثين سنة هي عمر الإنقاذ عملت على ادخال السودانيين المساجد والكنائس وتفرغت هي للسوق والتجارة بالدين.

كما أدى غياب الدور الواضح للحركة الأم في مصر في رعاية الدعوة في السودان، إلى محلية الحركة الإسلامية السودانية، والتي أكدها الترابي عندما انفرد بإلسيطرة على إخوان السودان، حيث قطع كل صلة تنظيمية بالحركة الأم في مصر، ولكنه أبقى لهم الدعم المادي الذي كلف خزينة الشعب السوداني أموالا طائلة.

 

الانشقاقات داخل اخوان السودان

 

أدت كثرة الانشقاقات التي وقعت داخل تنظيم الإخوان في السودان، إلى ظهور العديد من الحركات التي تحمل فكر الإخوان لكن بمسميات مختلفة، منها:

أ/ الحزب الاشتراكي الإسلامي

 

هو مجهود طلابي تأسس عام 1949 وانتهى عام 1954 – حيث قام بتأسيسه اخوان جامعة الخرطوم (بابكر كرار وميرغني النصري) كردة فعل ضد المد الشيوعي والقومي بالجامعة، ولم يكن لهم أي ارتباط مباشر بجماعة “الإخوان” المصرية، ولكنهم تأثروا بالكتيبات والمجلات الصادرة إليهم من مصر.

 

ب/ الإخوان المسلمين

 

في الفترة من عام 1954إلى عام 1964 أطلق على إخوان السودان اسم “جماعة الاخوان المسلمين”. ففي مؤتمر إخوان السودان الأول خلال تلك الفترة، تم اختيار الأستاذ محمد الخير عبد القادر كأول مراقب عام لجماعة الاخوان المسلمين فرع السودان.

 

ج/ جبهة الميثاق الإسلامي

 

أُسست عام 1964، كتحالف إسلامي بين “إخوان السودان” و”السلفيين” والطريقة “التجانية” الصوفية، وذلك لخوض الانتخابات البرلمانية لسنة 1965.

وفي عام 1969م انتخبت جبهة الميثاق الإسلامي أو “الإخوان” الدكتور حسن الترابي، أمينًا عاما للجماعة، لكن خرج البعض على هذا الانتخاب بالرفض، ومن بين الرافضين محمد صالح عمر، والشيخ محمد مدني سبال، والشيخ جعفر الشيخ إدريس، والشيخ برات الذي كان يكفر الترابي، ويدعو الناس لعدم الصلاة خلفه والشيخ على جاويش، الذين كانوا النواة الأولى لجماعة “الإخوان المسلمين” الموجودة حاليا في السودان بصورة غير فاعلة.

 

د/ الجبهة الإسلامية القومية

 

أسسها الدكتور حسن عبد الله الترابي عام 1986، وأصبح الأمين العام لها، لتصبح أول حزب اسلامي انتهازي في تاريخ السودان، حيث كان الترابي يستهدف بها زورا أسلمة المجتمع، وتأسيس حكم الشريعة الإسلامية في السودان، وقد استطاع من خلال هذه الجبهة اختراق البرلمان والحكومة والجيش والمنظمات المحلية والإقليمية ومنظمات رعاية المرأة والشباب ضمن سياسة التمكين الانتهازية.

بعد انقلاب 1989 قام الترابي بحل “الجبهة الإسلامية القومية” ولكن تبين له بعد ذلك الخطأ الفادح الذي قام به، خاصة في المعركة التي قادها ضد الرئيس البشير في العام 1999.

 

هـ/ جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة

 

هي انشقاق آخر وقع في جماعة “إخوان السودان” عام 1991 حيث تم انتخاب الشيخ سليمان أبو نارو رئيسًا لجماعة الإخوان، إلا أن الكثيرين عارضوا هذا الاختيار وظلوا مع القيادة الإخوانية التقليدية الممثلة في الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد، الذي أيدته الجماعة العالمية والمرشد العام للإخوان في مصر، فقامت جماعة “أبو نارو” بحل نفسها، وتغيير اسمها إلى جماعة الاعتصام بالكتاب والسنة.

 

و/ حزب القصر وحزب المنشية

 

بدأت المفاصلة والانقسام بين الإسلاميين في السودان كنتيجة طبيعية لانفجار الصراع الصامت بين رئاسة الحزب والحكومة ممثلة في الفريق – وقتها المشير لاحقاً – عمر البشير والأمانة العامة للحزب الحاكم بقيادة الراحل دكتور حسن الترابي – والذي كان يشغل موقع رئيس المجلس الوطني في ذات الوقت.

 

يتبع ….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى