مطالب بحل “السيادي” و”الوزراء”.. هل اتّسع الفتق على الراتق؟

 

الخرطوم- الطيب محمد خير

برزت بصورة لافتة, دعوات مطالبة بإسقاط الحكومة من قبل الحزب الشيوعي الذي كشف على لسان سكرتيره السياسي محمد مختار الخطيب عن اتصالات يجريها مع قوى سياسية لإسقاط الحكومة الحالية التي وصفها بالتماهي مع ما يُعرف بالهبوط الناعم وتكوين حكومة كفاءات, فيما لوّح ما يُعرف بتحالف قوى الثورة السودانية بالتصعيد الثوري بوضع المتاريس والاعتصام حتى سقوط الحكومة التي وصفها بالفاشلة, وتجئ الدعوة لإسقاط الحكومة بالفعل الثوري مُتزامنةً مع دعوة شخصيات مؤثرة في الساحة السياسية سلكت الطريق الدستوري في دعوتها لحل الحكومة, إذ نادى الأمين العام لحزب الأمة في تغريدة له على حسابه الخاص في مواقع التواصل الاجتماعي بحل الحكومة بشقيها السيادي والتنفيذي. وفي ذات التوقيت اطلق حاكم دارفور مني اركو مناوي ذات الدعوة بحل الحكومة مع اختلاف مع دعوة الواثق بمطالبة مناوي الإبقاء على حصص الحركات الموقعة على السلام.

مَوتٌ سريريٌّ

قال المحلل السياسي د. خالد التجاني لـ(الصيحة), إنّه من المستغرب ان تتم الدعوة لحل الحكومة وهي محلولة بالانقسام الموجود بين مكوناتها, بالتالي فهي ميتة سريرياً, ما يعني ان الحكومة الموجودة الآن ليس لها مستقبل ان تمت الدعوة لحلها او لم تتم, واضاف د. خالد ان الأمر الأهم الذي يبرز من بين ثنايا هذه المطالبات بحل الحكومة ما قال به الأمين العام لحزب الامة القومي الواثق البرير, رغم انه أشار الى ان ذلك رأيه الشخصي, غير ان حزب الامة جزء من المجموعة الموقعة على الإعلان السياسي وهي ذات المجموعة التي تقود المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير الذي يُشكِّل الحاضنة السياسية الأقرب واكبر تأييد للحكومة, وهنا تصبح مطالبة الواثق البرير مؤشرا قويا بأن حزب الامة القومي قد خرج او كما يقال بالعامية السودانية (فرز عيشته أو كوم) من مجموعة قوى الحرية والتغيير الموقعة على ميثاق الحرية والتغيير الذي تم في احتفال مشهود بقاعة الصداقة حضره رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك.

واشار د. خالد الى ان مطالبة الواثق تكشف بطريقة صريحة ان حزب الأمة مُتماهٍ مع دعوة رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان لحل الحكومة, ويسانده في ذلك الشق الآخر من قوى الحرية والتغيير، ما يعني أنّ حزب الأمة عملياً خرج من الميثاق السياسي كأحد الموقعين عليه وأصبح له موقفٌ مُستقلٌ عن التحالف المُوقّع على الإعلان السياسي.

حكومة جديدة

وفيما يلي التهديدات التي أطلقها الحزب الشيوعي وتجديد تمسكه بإسقاط الحكومة عبر اتصالات يجريها مع قوى سياسية للإتيان بحكومة جديدة تحقق شعارات الثورة الحرية والسلام والعدالة بالتزامن مع الدعوة التي أطلقتها ما يعرف بقوى الثورة السودانية لتحريض الشارع للخروج وقيام اعتصام حتى يتم إسقاط الحكومة الحالية, قال د. خالد التجاني في هذا الصدد إن سلطة الشارع السوداني الموحد التي خرجت في (30 يونيو 2019) الآن غائبة وغير موجودة ولا احد يستطيع ان يراهن على انه يضمن تأييد الشارع له, وزاد (كل طرف عنده الشارع حقو هو) على حد تعبيره,  والسؤال المشروع هنا حتى ان تم حل الحكومة الموجودة الآن ما الذي ستأتي به الحكومة الجديدة في ظل عدم وجود أفق أو رؤية لحل المشكلات والأزمات الماثلة الآن.

تحريض

من جانبه, قال عضو قوى الحرية والتغيير الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله ان الحكومة القائمة الآن لم يتم حلها، مشيرا الى ان حل الحكومة من سلطة رئيس الوزراء بعد موافقة مكوناتها (قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري وشركاء السلام) والآن مؤسسات الدولة السيادية والاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء وغيرها معطلة بسلوك من رئيس مجلس السيادة الفريق البرهان وبالتالي هذا الحديث لا يعني حلاً للحكومة وانما توجه انقلابي يبحث له غطاء سياسي واجتماعي.

واضاف خلف الله اما التحريض الذي نراه الآن مع تعطيل المؤسسات هو جزء من خطة الإجهاز على عملية التحول الديمقراطي.

وفي اشارة منه لمطالبة مناوي بحل الحكومة على  اطراف السلام, قال خلف بوجود مفارقة في دعوة البعض لحل الحكومة وفي ذات الوقت يظهر حرصة للمحافظة على وجوده داخلها والاشكالية هنا تكمن في تضمين اتفاق جوبا في الوثيقة, وهنا لا بد من الاشارة الى ان الحل ليس بالهروب من مخاطبة جذور الازمة والتنصُّل من المسؤولية.

دعاوى شخصية

في معرض تعليقه على مطالبة البرير بحل الحكومة, قال خلف إنه لا يحبذ الحديث عن دعوات الأشخاص وانا لم احصل على افادة رسمية من الامين العام لحزب الامة بهذا الخصوص, والميديا تعج بالبيانات والبيانات المضادة, ولم يصلنا ما يفيد من حزب الامة بطريقة رسمية ومؤسسة بتبني الدعوة لحل الحكومة وبالتالي الذين ينادون بحل الحكومة يعبرون عن وجهة نظرهم وقناعاتهم الخاصة، لا تكون هذه الدعوة ذات قيمة إلا في حال تبني المؤسسات والهيئات التي ينتمون إليها, وجهات النظر التي يعبرون عنها هنا تتجلى في قيمة التنظيم السياسي والمؤسسات.

والثابت ان حل الحكومة لا يتم الا بالتآم مؤسسات الدولة المعطلة الآن.

وفيما يتعلق ما يعرف بالتحريض الذي أطلقه ما يعرف بتحالف قوى الثورة السودانية للشارع بالتحرك لإسقاط الحكومة بالاعتصام, نفى خلف الله  معرفته بأي تنظيم يحمل اسم قوى الثورة السودانية على ارض الواقع في الساحة السياسية، هذا جزء من العمل الدعائي الذي يعمل على إرباك الرأي العام واي دعوة تتجاوز مهام السلطة الانتقالية والاحتكام للوثيقة الدستورية.

اجتهادات

وقال نائب رئيس حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي صلاح ابو السرة لـ(الصيحة), إنّ التصريحات المطالبة بحل الحكومة والمتزامنة مع الدعوات للشارع بالتحرك لإسقاط الحكومة كلها قائمة على اجتهادات مختلفة ومعلومات بقرب صدور قرار بحل الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات وبالتالي ان كان هناك انقلاب سيكون انقلابا مدنيا وليس عسكريا, واكد ابو السرة عدم وجود قوى سياسية لها المقدرة على تحريك الشارع ولا يمكن ان تتبناه, لان الجماهير التي خرجت واسقطت نظام البشير, القوى السياسية ليست جزءا منها وبالتالي ليست تابعة لأي حزب سياسي  بدليل عدم وجود اي شهيد من قيادات هذه الأحزاب في اي مستوى من هياكلها, سقطت بين شهداء الثورة ولم يكن لهذه الاحزاب وجود فاعل في طليعة الاحتجاجات في اي مرحلة, ويكفي ما خطاه الراحل نقد في دفتر الحضور بمقولته الشهيرة (حضرنا ولم نجدكم).

واضاف ابو السرة ان المطالبة بحل الحكومة التي صدرت من هنا هناك نتيجة لما وصل اليه حال السلطة الانتقالية من وهن وهشاشة نتيجة عدم التوافق بينها بشهادة رئيس وزرائها بسبب أن الأحزاب اصبحت حريصة على مصالحها, ولكنها فشلت في إدارة هذه المصالح وبالتالي من الأفضل ذهاب هذه الحكومة بسلام وهدوء, والآن امام رئيس الوزراء فرصة تاريخية لحلها وتعديل الحال المائل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى