Site icon صحيفة الصيحة

 ابن الخطاب آدم أبو زيد- المحامي والمستشار القانوني يكتب.. مذكرة صباحية في بريد السيد المارشال مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور ……..

بقلم

بقلوبٍ نقيةٍ تقيةٍ, ملؤها التقدير والسلام, وأفئدةٍ بيضاء تسأل الله لكم التوفيق، ودعوات مباركات من القلب وإلى القلب لأقول لكم ….

أهلاً وسهلا بك أخي الحبيب سعادة المارشال مني أركو مناوي، فأنت بين أبناء جلدتك وفي دارك العامرة والكل يدعو الله لك بالرعاية والعناية …

ثم استميحك عذراً لأهمس في أذنك سراً ودون الجهر وأقول: –

بحمد الله وتوفيقه لقد وضعتم حداً للاحتراب، واصدرتم الأوامر  والتوجيهات لكل منسوبيكم بأن (هلموا إلى البناءِ والتعميرِ والتنميةِ ونشر ثقافةِ السلامِ في كل مكانٍ وقبول الآخر, ثم المحافظة على البلد هي الهمّ الأوحد وهي التحدي الكبير).

ما أجمل وقع عبارة أرضاً سلاااااااح على قلوبنا جميعاً، إننا في أمسّ الحاجة الى نهضة عمرانية وسلام دائم محروس بوعي أبناء وبنات البلد الكبير، والأمل المرتجى فيكم أن تدوي صافرة قطار التنمية والبناء والتعمير إيذاناً بالشروع في النهضة الكبرى …

حتى يتحقق السلام المنشود في ربوع بلادي, يجب أن تبذل مكونات الدولة السودانية حكومة وجبهات كفاح ثوري, مزيداً من العصف الذهني وتغليب مصلحة البلد الواسع, وترجيح صوت العقل على كل  مصلحةٍ ضيِّقةٍ وإثنيةٍ بغيضةٍ وانكفاءٍ قبيحٍ على قبلية ملعونة ما وجدنا فيها إلّا الدمار والتسوُّل والتشرُّد والتقزُّم وسفك الدماء …

عليكم أن تضعوا قضية السلام فوق كل شئ، وذلك لأجل الوصول إلى سلام دائم وأمن وأمان وتعايش اجتماعي سلس عبر تواثقكم على برامج هادفة لإنهاء كل أنواع الأزمات والنزاعات والتقاطعات والذهاب بعيداً لتحقيق أهداف سامية ينشدها كل سوداني غيورٍ محبٍ لتراب وطنه الغالي.

أيضاً لابد من تقديم مبادرات وأنشطة فاعلة لتعزيز مفاهيم وقيم السلام عبر ورش عمل ولقاءات تفاكرية وحملات توعية وانفتاح كبير نحو ثقافات وحضارات ومكونات البلد في مثل هكذا مواقف ….

عليكم كذلك أن تنشروا معاني الحب والتسامح والتسامي حماية للحقوق ومساهمة في نشر ثقافة قبول الآخر والتعايش السلمي توطئة  للاندماج والانصهار في بوتقة واحدة يكون عنوانها العريض يومئذ (رُبّ همةٍ أحيت أمة).

أهل معسكرات النزوح وكذا اللاجئون المنتشرون والمشردون في دول الجوار هم أصحاب المصلحة الحقيقية بحسب الواقع المعاش هناك في الإقليم، هم الذين فقدوا كل شئ، فقدوا الولد والزوج والأخ، نزحوا من أراضيهم وقراهم وفرقانهم بعد أن قعقع صوت الدوشكا فوق الرؤوس ودوى هدير الآربيجي وصنت بكائيات الثكالى والأرامل واليتامى آذان الجميع وصكت فرقعة الهاوند القلوب، وصهيل عربات الدفع الرباعي قد فعلت بهم الأفاعيل وهم عُزّل لا حول ولا قوة لهم إلا بالله العلي العظيم ..

الحرب لعينة، لا سمح الله أن وقعت للمرة الثانية فإنها ستقضي على كل شئ ولا تستثني أحدًا أبدًا،  لذلك لابد من الاستماع الى كل مكونات مجتمع الولاية بقلب وبصر وحكمة واعتماد ذلك في جدول أعمالكم باعتبارهم عنصراً أساسياً في ترسيخ مبادئ السلام واستدامته والمحافظة عليه وإحلاله بأسرع ما يُمكن أن يكون، فإن القضية قضية إنسانية في المقام الأول وليست سياسية كما يزعم الآخرون.

علينا أن لا ننسى دور الشباب لأنهم هم المِعول والمحرك الأساسي لإطلاق المبادرات وتنفيذها، إذ يمكن أن يؤدوا أدواراً مهمةً في ردع كل أنواع الصراعات وحلها لبناء سلام شامل وعدالة اجتماعية بين جميع مكونات الدولة السودانية, علاوةً على مقدراتهم لبناء تجمعات تشكل ترسًا وترسانة وضمانًا لمنع اي نوع من أنواع التفلتات، فضلاً على مقدراتهم لنبذ التطرف والتعصب والإرهاب ورفض كافة أشكال العنف والصلف، إذ لا يمكن تحقيق السلام بمنأى ومعزلٍ عن الشباب ولا يمكن أيضاً الوصول إلى الهدف العام دون هذه الشريحة الكبيرة والفاعلة ……

نحن على يقين بأن خير من يقود البناء والتعمير في هذه المرحلة هم الشباب لأنهم هم الطبقة المستنيرة، مسلحون بسلاح العلم والمعرفة والتكنولوجيا والقدرة الهائلة على التغيير والإبداع عبر الاستفادة من طاقاتهم المهولة …. هكذا يمكننا أن نرسم الطريق المؤدي إلى تسريع وتنفيذ سلام جوبا الذي تشرئب له الأعناق ……

 

سيكون الشباب هم المحرك الأساسي لكافة قضايا البلد، الساعين إلى بناء عالم يسوده السلام ويتّجه اهله إلى التنمية عوضاً عن النزاعات التي تعصف بنا عصفًا, وبذلك يستطيع الشباب أن ينقل الوطن من رقعة جغرافية يسودها العنف والاحتراب إلى بلد يعيش كل أبنائه في عدالة اجتماعية وتحول ديمقراطي سلس وسلام ورفاه ووئام ..

سعادة المارشال مني اركو مناوي حاكم الإقليم ….

حتى لا يصنف السودان بأنه دولة فاشلة وعاجزة عن إدارة شأنها السياسي وفق تلك المعايير المعدة والمتفق عليها, وجب عليكم أن تمسكوا بهذا الملف المهم إمساكًا حاسمًا كي لا تضيع هذه الفرصة الغالية من بين أيادينا فأنت رجل قامة صاحب كاريزما قوية، تمتلك مبادرات إنسانية مشهودة لا ينكرها إلا مكابر ومواقفك تشهد على ذلك.

أخي الحبيب المارشال مني اركو مناوي …

أوصيكم بالاهتمام الكبير بملف العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية وإحياء الحراك الثقافي ودعم الرياضة، وقد رأيتك قد شرعت منذ توليتك للإقليم بصدق في القيام بزيارات مهمة انتظمت بعض الدول في الخليج ودول الجوار, كل ذلك لينعم أهلنا فيما تبقى من أعمارهم بكريم العيش ورغده …

هي أمنيات وأشواق عراض تراود عقل كل ذي لبٍ حصيف، وأرجو ألا تكون أحلامنا كأحلام (ديك زلوط) الذي يمني نفسه بالعيش مع تلك الفراريج برغم ما يعيشه من بؤس وحزن ووجل.

الآمال معقودة والهمة عالية والأنفس راضية والكل يترقّب الحل العاجل لأن القلوب قد كلّت، والأمنيات قد تبعثرت ولكن حراككم ووعودكم قد طمأنت الجميع …

وما توفيقي إلا بالله رب العالمين…..

Exit mobile version