محمد عثمان الرضي يكتب.. صناديق الاقتراع سيدة الموقف

وُلدت الأحزاب السياسية السودانية مصابة بداء الخلافات والانقسامات, فبدلاً من أن تفكر جادة في معالجة هذا المرض واستئصاله من جذوره, حملته في داخلها وساعدت على انتشاره حتى يتمكّن بمفاصل الجسد فيصرعه على الأرض.

هذا هو حال أحزابنا السياسية إن اتفقت على أمر واحد هو اتفاقها على أن لا تتّفق, ومهما حاول البعض من المُخلصين والحادبين على مسيرة أحزابهم إجراء بعض الإصلاحات، سرعان ما ينهزموا من داخل أروقة أحزابهم.

الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية الحالية قوى الحرية والتغيير لم تسلم من هذا الداء العضال سرطان الخلافات والانقسامات, فسارت في ذات الدرب إقصاءً وتَهميشَاً لبعض القيادات المُتجرِّدة لخدمة البلاد, وانفرد بالملعب السياسي أشخاصٌ بعينهم لا يؤمنون باحترام الرأي والرأي الآخر!!

بالرغم من إعلان قيادات الحاضنة السياسية لقوى الحرية والتغيير من قيام الانتخابات في موعدها, إلا أنه شعار مرفوعٌ, ولكنه لن يُطبّق على أرض, وذلك لعلمهم التام بأنهم لن يفوزوا في الانتخابات القادمة وذلك لافتقارهم للقاعدة السياسية التي ستُصوِّت لصالحهم, فلذلك ظلوا مُتمسكِّين بهذه الفترة الانتقالية إلى ما لا نهاية.

والغريب في الأمر بحق وحقيقة, أن يكون المكون العسكري أحرص على قيام الانتخابات في موعدها, وهذه دلالة واضحة على صدق المكون العسكري وعزمه الكامل على تنحيه عن المشهد السياسي وتفرغه الكامل لأداء مهامه في حماية البلاد وتأمينها.

 

صدر خطابٌ من الأمين العام للمجلس السيادي الفريق الركن محمد الغالي, مُعنون إلى وكيل وزارة الخارجية بغرض دعوة رؤساء البعثات الدبلوماسية والمنظمات الإقليمية والدولية لحضور حفل التوقيع على الميثاق الوطني لوحدة قوى الحرية والتغيير “السبت” في تمام الساعة 1:30 بقاعة الصداقة.

 

والخطاب أعلاه الصادر من الأمين العام للمجلس السيادي, أشعل النار في الأوساط السياسية, مما دفع ذلك إلى إصدار بيان من قوى الإجماع الوطني للرد عليه بقوة ونفيه واتهام من يقفون خلفه بالساعين إلى شق الصف وإحداث الفتنة, متهمين بذلك المكون العسكري لقيامه بهذه الخطوة بغرض خلق جسم بديل للحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية الحالية.

 

تبادل الاتهامات وحرب البيانات والاغتيال المعنوي للقيادات, صفاتٌ قديمةٌ ومتجددةٌ في الواقع السياسي السوداني لم يسلم منها أي حزب سياسي سوداني, وسيظل الحال في حاله ما دام ذات العقلية التآمرية هي من تُسيطر وتُدير المشهد السياسي السوداني.

الخروج من عُنق الزجاجة الذي نعاني منه الآن يتمثل في تنحِّي المجلس السيادي والحكومة الحالية تماماً وتشكيل حكومة تكنوقراط ليس لديهم أي خلفيات سياسية البتّة ويتولّون قيادة البلاد لفترة لا تتجاوز السنة, مُهمّتهم الأساسية الترتيب لقيام الانتخابات وبعدها (الحشاش يملأ شبكتو), وأي حزب يدعي بأنه يمتلك الجماهير وفي مقدرته تحريك الشارع (اليورينا شطارتو وفلاحتو)!

الشعب السوداني ذكيٌّ ولمّاحٌ وعارف تماماً (البتصلحو من البتضرو)، ويعلم تماماً الأحجام الحقيقيّة لهذه الأحزاب السياسية التي تدعي بأنها تمتلك ناصيته.

فقوموا إلى انتخاباتكم يرحمكم الله.

والسلام،،،

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى