آمال عباس  تكتب : •وقفات مُهمّة.. أرفعوا أيديكم عن ربع المقاعد

المُجتمع الاشتراكي الذي تُبشِّر به ثورة مايو, وتُبشِّر به كل القِوى المُحِبّة للعدل والخير.. هو مُجتمع الاشتراكية أو بعبارة أخرى هو عالم الإنسان المتحرر نهائياً من العذاب, إنسان جديد لم يعرف المجتمع السوداني القديم نموذجاً واحداً له. الإنسان المعذب ظل موجوداً في السودان طوال الفترات السابقة.. وداخل عالم العذاب هذا تنفرد المرأة بنصيب الأسد وذلك بفعل الواقع الاقتصادي والاجتماعي.. والنظرة العامة لها, ومن هُنا وباختصارٍ شديدٍ, نستطيع أن نقول إنّ الاضهاد الذي تُعاني منه المرأة في السودان وفي كل البلدان المتخلفة اضطهادٌ مُزدوجٌ.

ومن خلال هذا الواقع الملئ بالمشاكل والمسائل المُعقّدة, تكون المسؤولية كبيرة وعظيمة أمام الذين يبشرون بالعوالم المُتحرِّرة المسكونة بالإنسان المُنعتق من ذل الاستغلال والحاجة والعوز والمرض.
ومن هنا, فإنّ قضية المرأة تطرح نفسها بحدة شديدة لا مثيل لها وتتطلب الجهد الكبير والعظيم.. وأقول بلا تحفظ, إنّ الموقف من قضية المرأة بالنسبة للثورات المُبشِّرة بالاشتراكية في العالم الثالث هو المقياس الوحيد للأصالة الثورية وللصدق الثوري.
وثورة مايو ومنذ أن تفجّرت ظلت تُقدِّم يوماً بعد يومٍ, الأدلة الصادقة على ثوريتها وتقدميتها حيال موقفها من قضية المرأة وتفهم دورها في بناء المجتمع الاشتراكي.
لا أريد أن أعدِّد المكاسب والحقوق التي نالتها وحقّقتها المرأة فهي كثيرة, بل أردت أن أقف عند مكسب واحد أتى ضمن مكاسب قانون الحكم الشعبي المحلي للإنسان السوداني, ذلك القانون الذي يمثل أداة الثورة في تغيير الإنسان بالسودان.. وتغيير الحياة في السودان والذي يؤدي الى إقامة العلاقات الجديدة مع العمل ومع السلطة.. ومع القضايا والمشاكل.
في هذا القانون, خصّصت الثورة ربع المقاعد من مجالس الحكم الشعبي المحلي من مستوى الحي والفريق الى مستوى المديرية للنساء.. والذي ينظر الى هذا المكسب نظرة محدودة ومحكومة بالواقع, يكون قد أجحف في حق الثورة الاجتماعية والثقافية.
هنا لا أريد أن أدافع عن مُمارسات مجالس الحكم الشعبي المحلي. ولا أريد أن أقيم تجربة في اعتقادي أن وقت تقييمها لم يحن, باعتبار قانون الحكم الشعبي المحلي لم يطبق بالصورة التي نستطيع من خلالها أن نحكم حكماً صادقاً على التجربة أو لها.. وعليه فإن قانون الحكم الشعبي المحلي هو القانون التقدمي الذي يساعد الثورة بفصائلها المختلفة على إحداث التغيير والتنمية في السودان مهما تباينت وجهات النظر وتفاوتت نظرة الناس ومُنطلقاتهم للتجربة.. فيكفي القانون عظمة وثورية أنه خصّص للنساء ربع المقاعد.. وصحيح أن في كثير من أنحاء السودان لا تستطيع المرأة ممارسة هذا الحق بفاعلية.. وذلك بفعل التّخلُّف حتى في المناطق التي يعاني فيها الرجل من الجهل مثلما تعاني المرأة, إلا أن معاناة المرأة مضاعفة.. وهذا يقود الى مناقشة قضية كبرى لا سيما ونحن ما زلنا في عام المرأة الدولي, وما زال الرجل السوداني يحمل أفكار أجداده وآبائه القائلة “المرأة كان فاس ما بتكسر الرأس” وهذا أمر واردٌ ومتوقعٌ بفعل العادة.. ونحن نعلم قوة العادة ومدى سيطرتها على المجتمعات المُتأخِّرة.. ولكن محل النقاش والعمل هو كيفية المحافظة على المكاسب التي نالتها المرأة السودانية في ظل ثورة مايو..
كثير من بلدان العالم التي سارت في طريق الثورة الاشتراكية أصدرت مع أول قرارات التأميم, قوانين جديدة للأحوال الشخصية, وأعطت المرأة حقوقها السياسية والاقتصادية بالرغم من البون الشاسع ما بين الواقع والقانون أو التشريع.. ولكن الطليعة الاشتراكية الواعية في تلك البلدان ناضلت في سبيل تطبيق تلك القوانين الثورية الجريئة.. وأقنعت الرأي العام بتقبلها وتلكم هي القاعدة التي اتخذتها ثورة مايو من عمقها النضالي التقدمي.
إصدار القانون أولاً ثم النضال في سبيل تطبيقه وهذه القاعدة قد يكون اتباعها في مجالات الثورة الاقتصادية والسياسية صعباً, ناهيك عن مجال الثورة الاجتماعية, ولكن مهمة التقدم بالثورة لا يستطيع القيام بها إلا الثوار الحقيقيون الذين يفهمون ويتفهّمون واقع المجتمع السوداني المرير والأليم والذين يقدرون المساحة الزمنية والنضالية ما بين الواقع والمأمول والذين تكون قناعتهم كاملة بأن المأمول هو الأمثل وبأن المأمول هو مجتمع الاشتراكية.. هو المجتمع الإنساني.
نقول هذا لأن الذين يتحدّثون عن تطبيق قانون الحكم الشعبي المحلي يقفون عند أنّ المرأة لا تُمارس هذا الحق.. وما دام الأمر كذلك, لماذا يظل النص عليه في القانون.. وهؤلاء نقول لهم في احترام شديد أرفعوا أيديكم عن ربع المقاعد.. ولتظل خالية سنة وسنتين وثلاث, فنحن اللائي نستطيع أن نتحكّم في طول أو قصر هذه المدة.. سوف نفعل هذا من خلال تنظيمنا الأوحد الاتحاد الاشتراكي السوداني ومن خلال تنظيمنا النسائي.. نفعل هذا بفضل قوانين الثورة.. وبفضل تمسُّكنا الذي لا تحده حُدودٌ بكل مكاسبنا.. وأيضاً باعتمادنا الكامل على الثوريين الذين يعلمون أن النوايا الطيبة الضائعة في خضم العموميات لا تكفي.. ومراجعة الذات ومحاسبتها محاسبة دقيقة أمر ضروري.. لأننا بشر – ولأنّنا خطاؤون أبناء خطائين.. ولأن النقاء الثوري المطلق لا وجود له, فهذا النقاء مهما علت درجته فلا بد أن يكون ملطخاً بشوائب العادات المتوارثة والنظرة القديمة في ازدراء المرأة واضطهادها وتجريدها من الإنسانية.
ولذلك نكرر نحن النساء ومن خلفنا ثورة مايو التقدمية, ومن أمامنا قائدها المناضل نميري بأننا سنتمسّك وندعو كل المخلصين أن يتمسّكوا معنا بجوهر حقوقنا.. أما معوقات وشوائب الممارسات فهي واردة طالما أن التغيير يحدثه البشر, وطالما أن الثورة في مجملها حركة شعب حي.. وطالما أن البشر لا يحتكرون الكمال ولا يكفون عن البحث عنه ومحاولة الوصول إليه.
•وجهة نظر
عديد البشاقرة
على مدى عمر ثورة مايو.. لم يداخلني شَكٌ يوماً في انها لم تصل الى أعماق الريف.. أعماق الريف السوداني الحبيب الذي ظل كماً مهملاً ضائعاً لا يعني بالنسبة لحكام الأحزاب إلا ذاك العدد من الأصوات المشتراة عن طريق المقاول.. مقاول الانتخابات وقد يكون هذا المقاول “عمدة” أو صاحب مشروع أو وجيها أو زعيم طائفة دينية..
هذا الريف كانت صحوته يوم أن تفجّرت ثورة مايو, وكان أمله يوم أن رفعت شعاراتها, وكان يقينه يوم أن أعلنت انفتاحها على الريف.. الانفتاح المسؤول الصادق.. القائم على الإصلاح الزراعي والتنمية وتغيير حال الناس في الريف.
دار في ذهني هذا الكلام وأنا أتابع, أتلفت في شارع الخرطوم مدني يمنة ويسرة وأشاهد المستشفى الجامعي.. الأبحاث البيطرية.. المركز الإسلامي.. المدارس.. واجهات القرى المتغيرة المباني الحديثة.. صهاريج المياه.. أفواج البشر الذين يُلوِّحون بصدق وبهجة للأخ المناضل أبو القاسم محمد إبراهيم.. فكنت أرافقه لمشاركة شباب وأهل عديد البشاقرة الفرحة بعيد الثورة السادس.
على مشارف القرية الوادعة.. الوديعة.. التي تبعد حوالي عشر كيلومترات جنوب الشارع تقاصد قرية “التكينة”, قلت للشاب الذي استقبلنا مع شيوخ القرية لعل تصغير كلمة “عد” وهي “البئر” كانت “للتعظيم” والملاحة, إذ أن القرية جميلة وأجمل ما فيها حرارة استقبال أهلها وصدق البهجة والسرور عندهم.
لا أريد أن أتحدّث عن عظمة المهرجان, ولكن أردت أن أتحدّث عن عظمة الثورة في تفجيرها لتلك الطاقات الشابة بالقرية البعيدة التي شكى أهلوها إهمال المسؤولين لها إلا بعد ثورة مايو حين زارها المناضل الأخ كامل محجوب حاملاً صوت الثورة.. وزارها المناضل الأخ أبو القاسم مُشاركاً أهليها بهجة استشراف الجديد. ويومها قلت لهم كنتم يا أهل الريف ويا أهل السودان دائمي الحضور في وجدان الثورة ولكم تفجّرت وبكم تبقى وتدوم.
التحية لأهل عديد البشاقرة والتحية لشبابها والتحية لنسائها وهنيئاً لكم بإعلان الأخ أبو القاسم لوحدتكم الأساسية كوحدة نموذجية وستكون الوحدة النموذجية الأولى بمديرية الجزيرة.
أخيراً.. لي كلمة أقولها لأهلي في قرية النوبة وهي أن بعديد البشاقرة عشر طالبات نجحن في امتحانات الدخول للمدارس الثانوية العامة وقبلن بمدرسة “النوبة” الثانوية العامة, إلا أن موضوع السكن يعرقل عليهن فرصة تلقي العلم وبالتالي يعرقل من مسارنا كلنا نحو الغد المأمول.. وما أظنكم يا أهل النوبة تضنون بتسهيل سكن بناتكم من عديد البشاقرة من أجل تحصيل العلم ومن أجل مستقبل السودان, دعوني اعتبر أن المشكلة وجدت الحل عندكم وانتم أهل لذلك.. وكل سنة وكلنا بخير وإنجازات ثورتنا مُتلاحقة ومكاسبنا مُتزايدة.
مع تحياتي وشكري،،،
مقطع شعر:
هل من حق المرأة ان تعبر عن وجدانياتها؟ وهل عبرت بالفعل؟ والواقع يقول المرأة إنسانٌ والحُب إحساسٌ مُتوهِّجٌ لا يعرف قيمته إلا الإنسان الفنان.. والمرأة عبّرت عن وجدانياتها ولكن العادات والتقاليد والنظم الاجتماعية تنظر لهذا التعبير بكثيرٍ من الريبة باعتبار أن المرأة يجب أن تظل ساكنة وساكتة وتلبي رغبة الرجل.. وهذا المقطع من القصيدة جميلٌ.. جميل لأنّ شاعرته شابة فنانة رحبة الرؤية للحب.. عميقة المشاعر وأنا لست في حل من أن أنزل لرغبتها بعدم ذكر اسمها.. لكنها نموذج إيجابي للشابة السودانية في تعاملها مع العواطف:
عند لقاء العيون في المساء
تنتصر كل الشعوب الحرة
والشمس تشرق مليون مرة
والسماء تمطر.. حباً.. ووفاءً
يوم أحببت لأول مرة
فتحت السماء بابها الرئيسي.. وهدأت الريح
ومد ذراعه للشمس القمر
عندها أحسست أن الله قادم
فصلت للقادم
مرة
وللحب مرة
وبكيت ألف مرة
لأن الذي أحببت
قد غادر المكان
أنت عاشقة؟
أجل
لكنك امرأة
لكنني بشر
العشق يا صديقتي جنون
العشق يا صديقتي عبادة
مثلما عذاب الفنان عبادة
والموت على دين الذي عبدت عاشقاً.. عبادة
جاءتني ذات صباح صديقتي
في عينيها انكسار
وبقلبها مليون جرح
حدّثتني عن الذي تهوى
وحكينا كثيراً
عن الفتى الذي لا يملك سوى الحب مهراً
وبكينا كثيراً.. وافترقنا
وفي المساء حدّثتني
وهي تهمس
ليت الله يجعل مهر العاشقين
زهرة
وضحكنا كثيراً
وافترقنا
مربع شعر:
قال ود الفراش متغزلاً:
اتاريك يا الأحد ماك يوم زيانة
توجوج في نار جدي البطانة
مكور ديسك المتل الرسانة
مسيخة الحلة يوم ترحل فلانة
من أمثالنا:
كَان راحت في القيزان ما بتروح في الميزان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى