Site icon صحيفة الصيحة

قال إن الشعب السوداني ساهم في نهضة دولة الإمارات (1)

حينما حضر الشاعر نزار قباني للسودان في زيارته الشهيرة .. وبعد أن عاد إلى بيروت من (مهرجان الثقافة الثالث)، كتب إلى الوزير عمر الحاج موسى بخط يده الجميل المنمق، وقال (إنه في كل مكان يشعر بأنه شاعر ولكنه في السودان يشعر بأنه قديس).. وربما ذلك الانطباع هو ليس الأول بالطبع ولن يكون الأخير.. والباشمهندس طارق الحوسني من دولة الإمارات الشقيقة يعيش ذات حالة الدهشة ولكن في مجال آخر غير الشعر .. وإن كانت كلماته عن السودان كادت أن تتحول لشعر من فرط محبته .. وبذات المحبة التاريخية التي تربط ما بين الشعبين الإماراتي والسوداني.. جلست مع الباشمهندس طارق الحوسني وحاورته في الكثير من القضايا والأفكار في هذا الجزء الأول من حواري معه.

حوار: سراج الدين مصطفى

دعنا أولاً نقرأ في تفاصيل بطاقتك الشخصية ونتعرف عليك عن قرب؟

أولاَ شكراً على الاستضافة في صحيفتكم وأنا فخور بذلك .. اذا أردت أن تقرأ في تفاصيل بطاقتي الشخصية.. فهي ذات محتوى بسيط يقول: أنا طارق الحوسني من دولة الإمارات يمكن أن تقول بأنني “رائد أعمال” أعمل في عدة مجالات وأفكار متنوعة مثل الذكاء الاصطناعي وفي مجال الإعلام وتقنية المعلومات، وكذلك مجال الحلول الأمنية.. وتلك هي المجالات التي ينصب فيها تركيزي في الوقت الراهن.

ما هو المجال الأكاديمي الذي درسته؟

بالنسبة للدراسة الجامعية، فأنا درست (هندسة الإلكترونيات)، وكذلك هندسة ميكانيكا ولديّ ماجستير في إدارة الأعمال وأسعى جاهداً وأعمل وأحضِّر وصولاً لدرجة الدكتوراة بإذن الله وهو مشروع مُؤجّل نسأل الله تعالى أن يوفقنا في تكملته.

كيف بدأ تعلقك بالمجال الهندسي؟

حينما كنت بالمدرسة كُنت دائماً ما أطلب من والدي أن يشتري لي جهاز كمبيوتر، ولكن والدي طلب مني ضروري التفوق وإحراز المركز الأول، وبالفعل اجتهدت وأحرزت المركز الأول فكان ثمن ذلك من الوالد هو (الكمبيوتر).. ولك أن تعلم بأنني يومياً أقوم بتفكيك كل أجزاء الجهاز لاكتشاف ذلك العالم الالكتروني المُدهش.. ويمكن أن تقول إن تلك المحاولات في معرفة أجزاء الكمبيوتر ورغم أنها جلبت لي عقاب الوالد في الكثير من المرات، ولكنها في ذات الوقت مثلت إلهاماً لي وزادت شغفي بالتكنولوجيا.

ماذا أضافت لك الغربة؟

بالطبع الغربة في أوروبا أيام الدراسة في إيطاليا منحتني الكثير من التجارب الحياتية المختلفة والمتنوعة.. وهناك يا صديقي يُعامل الطالب بطريقة راقية ومتحضرة.. ولعل المجئ من مجتمع إلى آخر مختلف في الثقافات والتكوين، جعلني أكثر تركيزاً على هدفي الأساسي وهو الدراسة، لذلك كنت متفوقاً فيها وتخرجت في الجامعة بمرتبة الشرف في مجالات هندسية مختلفة ومتشعبة.

وأين عملت بعد التخرُّج؟

بعد التخرُّج عملت في شركة أدنوك لمدة 16 عاماً في مجالات هندسية متعددة ومختلفة وتقريباً طبقت فيها كل ما درسته في الجامعة، لأنني وجدت بيئة عملية خصبة ومهيأة بدرجة عالية من الاحترافية والمهنية.

ماذا أضافت لك دراسة الهندسة على المستوى الشخصي؟

بالطبع أضافت لي الكثير من المهارات الحياتية ويأتي في أولها (الحساب)، بمعنى أن كل شئ في حياتي محسوب حساباً دقيقاً بحيث تقل نسبة الخطأ وتقريباً لا مجال للفشل.. فأنا أحسب خطواتي بطريقة هندسية لأنّ الهندسة هي علم المنطق.. ومن المؤكد أن الحسابات حالياً مختلفة وطريقة التفكير أبعد عن تلك الأيام قبل دراسة الهندسة، وأنا الآن أفكر بطريقة أكثر عمقاً ودرايةً وكل ذلك بسبب دراسة الهندسة.

كيف ساهمت الأجيال الجديدة من المعلمين أمثالك في نهضة الخليج عموماً والإمارات تحديداً؟

بصراحة متناهية دولة الإمارات العربية المتحدة بذلت الغالي والنفيس من أجل تطويرها ودفعها للأمام حتى تكون في مقدمة ركب الأمم.. حيث استجلبت أفضل المعدات والأجهزة وتمت إدارتها بأفضل الكوادر.. وهنا لا بد أن أشكر الشعب السوداني الذي قدّم لنا أفضل الكفاءات في كافة المجالات.. وإخوتنا في السودان هم من أوائل الناس الذي وقفوا على التعليم في دولة الإمارات وبفضلهم استثمرت الإمارات في مجال التعليم واهتمت بالجودة.. ونحن كما تعلم كشعب إماراتي عددنا لا يتجاوز المليون، ولكن تجد أغلبهم متعلمين تعليماً عالياً لذلك أصبحوا منتجين ومُبادرين ودقيقين.

ماذا تقول عن الشيخ زايد ودوره في نهضة دولة الإمارات؟

كل الكلمات لا تُوفِّي الشيخ زايد حقه.. واذا أردنا الحديث عنه فنحن نحتاج لكتب وموسوعات ومجلدات .. هذا الرجل الخارق والمدهش استطاع أن يبني دولة من لا شئ .. وأنا شهادتي جد مجروحة في الشيخ زايد ولا استطيع أن أوفِّيه وأمنحه حقه ومستحقه من التقدير والثناء.. فكل الكلمات قاصرة أمامه.. فهو لم يترك حوجة في الإمارات إلا وقام بسدها وسد كل الفراغات وحلحلة كل المشاكل.

الشيخ زايد اهتم ببناء الإنسان فكان الناتج بناء دولة؟

بالطبع الشيخ زايد اهتم ببناء الإنسان ومنحه كافة حقوقه الإنسانية المطلوبة ووفر لها كل الاحتياجات .. فالمستشفيات مثلاً من أفضل المستويات في العالم والعلاج فيها مجاني والتعليم في أفضل الجامعات أيضاً مجاناً .. واذا كان التعليم الخاص هنا في السودان أفضل ففي الإمارات التعليم الحكومي هو الأفضل وليس التعليم الخاص.

الدهشة

من المؤكد أن الإمارات بلد تطوّرت جداً وفي كافة المجالات وربما تعيش حالة من الاكتفاء، والحياة تقريباً تدار بالذكاء الاصطناعي لذلك أصبحت حياتها ساهلة جداً.. وربما ينظر البعض لنمط حياة الشعب الإماراتي كبيئة خصبة للكسل ولكن ذلك لم يحدث، حيث تفرغ الجميع للإبداع في مجالات شتى .. لذلك الإمارات أصبحت لديها (تشبُّع) تكنولوجي وذلك يحتم ضرورة فتح آفاق وأفكار جديدة في جغرافيا أخرى مختلفة.. وكان السودان هو وجهتي المناسبة للاستثمار رغم الصورة المأساوية التي نُقلت عنه، ولكن من خلال دعوة بسيطة لرحلة صيد تغيّرت مفاهيمي نحو السودان وفي أيام معدودة اكتشفت السودان من خلال واقع عايشته عن قُرب.. ويمكن أن أقول إن السودان أرض عذراء لم تلمس بعد ولم يكتشف ما فيها من بيئة خصبة مفتوحة على كل مجالات الحياة.

Exit mobile version