يوم الزراعة العربي.. مواجهة التحديات

 

الخرطوم- سارة عباس

مشكلة نقص الغذاء وارتفاع اسعاره تشكل معضلة حقيقية للعالم عامة والبلاد على وجه الخصوص، وذلك بسبب التغيرات المناخية والتي من شأنها تنذر بفجوة كبيرة خلال الفترة القادمة نتيجة للتحديات التي يشهدها القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، فضلاً عن تأثير جائحة كورونا التي لم يقتصر آثارها على الأوضاع الصحية وإنما تجاوزها مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

في هذا الاتجاه وتحت شعار (نحو أنظمة زراعية وغذائية مرنة وقادرة على الاستجابة للمتغيرات)، نظّمت المنظمة العربية للتنمية الزراعية أمس، احتفالاً بيوم الزراعة العربي بمشاركة العديد من المهتمين ورجالها السلك الدبلوماسي.

 الوضع الزراعي

ولدى مخاطبته الجلسة الافتتاحية، قال وزير الزراعة والموارد الطبيعية د. الطاهر إسماعيل محمد حربي: يمر عالمنا اليوم بعدد من الأزمات والتي أثّرت بصورة مباشرة وغير مباشرة على أوضاع القطاع الزراعي في دول العالم ومنها دولنا العربية، ولعل جائحة كورونا (كوفيد 19) كانت من أشد الجوائح التي تعرض لها العالم والتي تسببت في الإغلاق في كثير من الدول وتأثر معها حالة الوضع الزراعي والأمن الغذائي العربي وتأثرت بها كذلك سلاسل الإمداد.

المؤثرات البيئية

وقال: تعرض القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني والسمكي للعديد من المؤثرات البيئية والاقتصادية والنزاعات الاجتماعية وجميعها يؤثر سلباً على حالة التنمية الزراعية واستدامتها وتؤثر أيضاً على أوضاع الأمن الغذائي، وقد أحسنت إدارة المنظمة العربية للتنمية الزراعية في اختيارها لشعار الاحتفال في هذا العام وهو: “نحو أنظمة زراعية وغذائية مرنة وقادرة على الاستجابة للمتغيرات”، فهي تجسد بهذا الشعار القلق الذي يعتري الكثير من المهتمين بالقطاع الزراعي، حيث إن المتغيرات بكل أنواعها (اقتصادية – بيئية – اجتماعية) كلها عوامل تؤثر على الأنظمة الزراعية والغذائية، مشدداً على أهمية العمل كفريق واحد لنحقق استدامة وتطور الأنظمة الزراعية ويجعلها قادرة على مواجهة أي متغيرات أو جوائح تعترضها في المستقبل.

وقال إن جمهورية السودان بما حباها الله من توفر للموارد الطبيعية تفتح ذراعيها للتكامل العربي والاستثمار الهادف الذي يحقق لجميع الأطراف العوائد المرجوة ويساهم في خفض الفجوة الغذائية العربية ويزيد من حجم التجارة البينية الزراعية بين الدول العربية ومع دول العالم، وهذه دعوة أقدمها لأصحاب المعالي وزراء الزراعة العرب ولكل المهتمين بالقطاع الزراعي من القطاعين العام والخاص فالمستقبل للزراعة.

  دروس مستفادة

وفي ذات السياق، قال مدير عام المنظمة العربية للتنمية الزراعية، إبراهيم آدم أحمد الدخيري، ان أبرز الدروس المستفادة من تلك الجائحة ان كافة الدول يمكن أن تتعرّض لمخاطر فادحة سواء كانت كوارث طبيعية او أزمات سياسية او اقتصادية من انقطاع او تعثر في سلاسل توريد الغذاء والحصول على المنتجات الغذائية من المصادر الخارجية، ومن هنا تنبهت الدول إلى ضرورة تعظيم قُدراتها الذاتية على توفير تلك المنتجات، فضلاً عن تكوين مخزونات احتياطية منها،  ولفت الى أهمية تعزيز مرونة الأنظمة الزراعية والغذائية، وقال في هذا الإطار قامت المنظمة بتحديث استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة للعقدين (2005-2025) بما يتواءم مع أهداف التنمية المستدامة (SDGs) التي اعتمدتها الأمم المتحدة في سبتمبر 2015م، وحددت بعد دراسات معمقة ومقاربات جادت خمسة أهداف استراتيجية.

  وضع مفزع

واشار الى مبادرات صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان المتعلقة بما بات يعرف “بالسعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، وهي مبادرات جاءت في وقتها، ولها أهميتها القُصوى في هذا الظرف بالذات، لما يواجهه العالم، ومنه منطقتنا العربية من معضلات بيئية جَمّة أصبحت تشكل خطراً على استمرار الحياة على كوكب الأرض لا يختلف عليه اثنان، ونحن على يقين من أن تنفيذ هذه المبادرة سيحمل أنجع الحلول لهذا الوضع المفزع، وقد كانت منظمتكم العربية للتنمية الزراعية في مقدمة الشركاء الذين تفاعلوا إيجاباً مع هذه المبادرة، ونغتنم هذه الفرصة لنجدد من هذا المنبر استعدادنا التام للقيام بكل ما يطلب منا في سبيل إنفاذ هذه المبادرة التاريخية العظيمة.

  تحقيق الاكتفاء الذاتي

قال سفير المملكة المغربية محمد ماء العينين عميد السلك الدبلوماسي العربي، إن الظرفية العالمية التي نعيشها اليوم، يتجلى بوضوح أن التاريخ يعيد نفسه، ففي تلك الأيام كان العالم يعيش شبح الحرب الباردة التي تنذر بإمكانية مباغتة نزاعات مُسلّحة، تؤدي إلى إغلاق مسالك التموين بواسطة التجارة الدولية، مِمّا جعل العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي هو الخيار الاستراتيجي الذي اتّبعته جل دول العالم آنذاك، ومنها بلادنا العربية، من خلال تحفيز الإنتاج الداخلي ووضع آليات فعالة للتنسيق الإقليمي والتكامل بين دول الإقليم الجغرافي الواحد، وقد تراجع هذا الاختيار مع اختفاء الثنائية القطبية خلال العقد الأخير من القرن الماضي، وحل محله مفهوم الأمن الغذائي الذي يعتمد في جانب كبير من إتاحة الغذاء على مسالك التجارة الدولية، خاصة بالنسبة للدول التي ليست لها ميزات زراعية نسبية وتكون فيها كلفة الإنتاج الزراعي أعلى من كلفة استيراد الغذاء  .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى