“عندما تنعكس الآية”.. هل يقبل المجتمع تقليد الأمهات للابناء؟!

 

الخرطوم- سارة حامد

الأم هي نواة المجتمع الصالح ولها الدور الأسمى في المجتمع والأهم في بنائه، فالأم هي أهم وأكبر مدرسة يتخرّج فيها الأبناء الصالحون الذين يعملون على تغيير وتطوير المجتمع والحياة، فنواة أي مجتمع صالح هي الأسرة الصالحة وأساس الأسرة الصالحة هي الأم الصالحة، إذ أنّ الأطفال يتعلّمون من تقليد الأم وتتبع ما تقوم به من تصرفات في النواحي المختلفة.

لكن مع ظهور التكنولوجيا وتطورها وتأثيرها على المُجتمعات، وعلى خطوط الموضة والسلوك الاجتماعي عموماً، أثارت بعض الأمهات الجدل داخل الأسر، بعد أن أصبح التقليد الأعمى ومُجاراة الموضة، يسيطر على تلك الأسر، وصارت الأم نفسها محل جدل عندما باتت هي ذاتها إحدى أسرى صيحات الموضة والثقافات الجديدة، عبر مُواكبتها لما يأتي من الغرب ومُجتمعاته في طريقة ارتدائها للأزياء المُستغربة في المجتمعات المحلية، ومتابعة طرق الاحتفالات الغربية وغيرها..

“الصيحة” طرحت فرضية تقليد المرأة السودانية لما يرتديه الأبناء والبنات من أزياء ومُجاراتهم في سلوك الأجيال الجديدة، على عددٍ من الفئات وخرجت بهذه الحصيلة:

لكل مقام مقال

رؤى علي – ربة منزل، قالت لـ(الصيحة)، “إنّ لكل مقام مقالاً، ويفترض أن ترعى الأم العادات وتقاليد المجتمع الذي يعيشون فيه”.

وأكدت أنها ضد ارتداء الأم للموضة وتقليدها للأبناء في الأماكن العامة، كونه لا يناسب الذوق العام ويتسبّب في حدوث مشاكل أحياناً بسبب وقوع مُعاكسات من قِبل الشباب.

وطلبت رؤى من كل الأمهات، الحرص على الموضة المُحتشمة واختيار ملابسهن بحيث يتناسب مع العادات والتقاليد والذوق العام، وأكّدت مسؤولية الأم تجاه أبنائها في مراقبة تصرفاتهم وحثِّهم دائماً على اللبس المُحتشم وليس تقليدهم.

اللبس الشرعي

من جانبه، شدد محمد أحمد خلال حديثه لـ”الصيحة”، على أن الثقافة السودانية تنشئ أمة عريقة، واعتبر أن من الأشياء المؤسفة تقليد الغرب، وقال “إذا أعددت المرأة بصورة صحيحة أعددت مجتمعاً صحيحاً”.

وأشار محمد إلى أن لكل شئ ذوقا معينا، ولكن الإسلام حث المرأة على الزي المُحتشم، وأن المرأة في عُمرٍ مُحَدّدٍ يجب عليها مُراعاة عامل السن مع الانضباط، وقال إنّ اختلاط الحابل بالنابل وارتداء المرأة الموضة على طريقة أبنائها، يعتبر أمراً بعيداً عن السلوك القويم وما جاء به الإسلام من ضرورة الالتزام باللبس الشرعي.

ضوابط منزلية

أما محمد محمود، فألقى باللوم على رب الأسرة الذي يترك زوجته دُون مُراقبة لتصرفاتها وتركها ترتدي ما تشاء دون مراعاة للعادات والتقاليد والذوق العام، وقال لـ”الصيحة”: “في زمننا هذا نجد أنّ الأمّهات يرتدين ملابس غير لائقة ولا تتناسب مع مُجتمعاتهن بحجة الحرية الشخصية”، وأكد أن الزي يخرج من نطاق الحرية الشخصية طالما لا يتناسب مع المجتمع.

السن العُمرية

من ناحيتها، أكدت منال عوض – ربة منزل، أنّه لا بد أن تكون الأم هي القدوة في المنزل وليس تقليد أبنائها وبناتها في طريقة اللبس والسلوك، حتى تبدو وكأنها في سن صغيرة، وإنما يجب عليها مراعاة السن العمرية وارتداء ما يناسبها، ولا بد لها من نصح الأبناء وإرشادهم إلى الطريق الصحيح.

بدورها، اتّفقت مشاعر – موظفة، مع ما ذهبت إليه منال، وأكدت ضرورة مراعاة السن العمرية، وقالت “أي جيل (عندو زمن بيعيشو ) ويجب على الأمهات معايشة جيلهن”. ووصفت مجاراة الموضة والتقليد الأعمى للأجيال الجديدة بأنه أمر غير حضاري، وقالت إنّ ارتداء المرأة للثوب السوداني يميزها أكثر من ارتداء الموضة التي تجعلها عرضة للكثير من النقد المجتمعي.

وفي ذات السياق، أشارت سناء حسن – ربة منزل إلى أن للتربية دورا فعّالا في تنشئة الأسر، وقالت إن تربية الجدة للأم والأم لبناتها تجعلهن يلتزمن بالعادات والتقاليد حتى ولو كن معجبات بالموضة أو بزي معين.

ونوهت إلى أن الثوب السوداني يمثل الأسر السودانية، وأنه “مع الطقم المعين” يجعل المرأة في أحسن ظهوراً ويجعلها مواكبة لموضة الثياب السودانية، وقالت “حتى ارتداء الثياب لها ألوان وأشكال مختلفة مُعيّنة بحسب السن”.

ومضت في ذات الاتجاه آية سليمان – موظفة، ورأت أن كل شخص يجب أن يعيش سنه العمرية سواء كان شاباً أو صبياً أو مسناً. وقالت يجب على المرأة أن تفكر في طريقة اللبس، فارتداء الموضة مطلوبٌ جداً وليس عيباً، ولكن يجب عليها الالتزام بالزي المناسب وبما يرضي الله سبحانه وتعالى، واعتبرت أن المرأه التي تُقلِّد ابنتها لا تراعي للضوابط الشرعية والمجتمعية، ويجب عليها احترام السن العمرية.

لا مانع

لكن هند خالد – موظفة، أكدت أنه لا مانع من مواكبة الموضة، ولكن لا بد للأمهات من ارتداء اللبس المناسب وأن يكون محتشماً، وأشارت لضرورة تخصيص أزياء مُعيّنة حسب السن العمرية وفصول السنة تكون مُواكبة للموضة وتتماشى مع المجتمع السوداني مثل ما تفعله الدول الأخرى.

غير مقبول

لكن أستاذ علم الاجتماع د. عبد الرحيم بلال، يرى أن تقليد الأمهات لأبنائهن في خطوط الموضة وغيرها، أمرٌ غير مقبول للمجتمع، وقال لـ”الصيحة”، إنّ تشبُّه الأمهات وتقليدهن لبناتهن في الأفكار وطريقة الكلام وغيره غير مقبول، وأشار إلى أن المألوف هو تقليد الصغير للكبير وليس العكس، ونوه لوجود محدّدات للسلوك منها الفئة العمرية، ولا بد من الالتزام بالسلوك المقبول، لأن المُجتمع لا يقبل ذلك، والعادات والتقاليد لها أثرها على المُجتمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى