في قضية خط هيثرو.. تفاصيل مثيرة اتهام وزير المعادن الأسبق في العهد البائد كمال عبد اللطيف بخيانة الأمانة للموظف العام

 

المحكمة تتهم (كمال) والعبيد فضل المولى بالاشتراك الجنائي في مخالفة قانون التصرف في مرافق القطاع العام

القاضي: “عارف والفيحاء” لم يسددا مبلغ (5) ملايين دولار أمريكي متبقي مقابل تملكهما أسهماً بسودانير

 

الخرطوم: محمد موسى

اتهمت المحكمة الخاصة أمس، وزير المعادن الأسبق في العهد البائد كمال عبد اللطيف، بالاشتراك الجنائي وخيانة الأمانة للموظف العام وإساءة الموظف العام للقانون بغرض الإضرار أو الحماية إلى جانب اتهامه ايضاً بمخالفة قانون التصرف في مرافق القطاع العام وذلك في قضية فقدان زمن الهبوط والإقلاع بمطار هيثرو الدولي المملوك لشركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير).

واتهمت المحكمة الخاصة والمنعقدة بمعهد العلوم القضائية والقانونية بضاحية أركويت شرقي الخرطوم برئاسة قاضي الاستئناف عبد المنعم عبد اللطيف أحمد، ايضاً المتهم الثالث مدير عام شركة الفيحاء القابضة العبيد فضل المولى، بالاشتراك الجنائي الجنائي والاحتيال، إضافةً إلى اتهامه بالثراء الحرام والمشبوه ومخالفة قانون التصرف في مرافق القطاع العام.

تهمة بخيانة الأمانة

وحررت المحكمة أمس، ورقة اتهام في مواجهة المتهم الثاني وزير المعادن في الحكومة البائدة كمال عبد اللطيف، بمخالفة نصوص المواد (21) المتعلقة بالاشتراك الجنائي و(177/2) المتعلقة بخيانة الأمانة العامة للموظف العام و(89) التي تتعلق بإساءة الموظف العام للقانون بقصد الإضرار او الحماية وذلك من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م، إضافةً إلى اتهام المحكمة لـ(كمال) ايضاً بمخالفة نصوص المواد (4، 6، 8/5) من قانون التصرف في مرافق القطاع العام لسنة 1990م، بجانب اتهام المحكمة للمتهم الثاني أيضاً بمخالفة نص المادة (29) من قانون الإجراءات المالية والمحاسبية لسنة 2007م.

الثراء الحرام والاحتيال

في وقت حررت فيه ذات المحكمة ورقة اتهام في مواجهة المتهم الثالث مدير عام شركة الفيحاء القابضة العبيد فضل المولى، بمخالفة نص المادتين (21) التي تتعلق بالاشتراك الجنائي و(187) التي تتعلق بالاحتيال، وذلك من القانون الجنائي، إضافةً إلى اتهامه أيضاً بمخالفة نص المادة (4) من قانون التصرف في مرافق القطاع العام بجانب اتهام ذات المحكمة لـ(العبيد) بمخالفة نص المادة (6) من قانون الثراء الحرام والمشبوه.

شطب تُهم لعدم توفر بيِّنات

في وقت شطبت فيه المحكمة الاتهام بمخالفة نصوص المادة (88) من القانون الجنائي إلى جانب شطب المحكمة الاتهام ايضا بمخالفة نص المادة (22) من قانون التصرف في مرافق القطاع العام في مواجهة المتهمين، وبرّرت المحكمة شطبها التهمتين في مواجهة المتهم الثاني كمال عبد اللطيف والمتهم الثالث العبيد فضل المولى لعدم تقديم الاتهام بيِّنات ترقى لتوجيه الاتهام ضدهما بمخالفة نص المادتين المذكورتين.

جلسة في غياب متهمين

وتلت المحكمة، حيثيات قرار توجيه التهمة للمتهم الثاني كمال عبد اللطيف والمتهم الثالث العبيد فضل المولى، في غيابهما وحضور محامي الدفاع عنهما وذلك لعدم إحضارهما من مقر محبسهما، حيث يقبع عبد اللطيف بسجن (كوبر القومي)، فيما يسجن فضل المولى بمدينة الهدى الإصلاحية، واشارت المحكمة الى انها اعلنت ادارة السجون بموعد الجلسة لإحضار المتهمين أمامها في جلسة الأمس المقررة لتوجيه التهمة.

خصخصة دون القانون

وأشارت المحكمة في حيثيات قرار توجيه التهمة إلى أنه ومن خلال قضية الاتهام وشهود ومستندات الاتهام توصلت إلى توجيه تهمة في مواجهة المتهم الثاني (كمال عبد اللطيف) بأنه وبوصفه رئيساً لمجلس إدارة شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير)، قد قام بالتعاون بعرض الشركة لخصخصتها ودخول شريك فيها دون الأُطر القانونية، إضافةً إلى قيامه بعكس معلومات غير حقيقية عن الشريك الأجنبي شركة عارف الكويتية، وشددت المحكمة على أن (كمال) قد قام بالموافقة على دخول عارف الكويتية كشريك بسودانير، وذلك إنفاذاً لتوجيهات المتهم الأول المفصول، الاتهام ضده في ذات القضية لوفاته، وزير المالية في العهد البائد المرحوم الزبير أحمد الحسن، دون العمل بتوصية المستشار الاقتصادي لسفارة السودان بدولة الكويت في ذلك الوقت، الذي أوصى بالموافقة على دخول شركة أعيان بسودانير كشريك، ونوهت المحكمة إلى أن تلك الإجراءات جاءت مُتعارضة مباشرة للقانون بجانب عدم إجراء المتهم الثاني لأي عطاء لذلك خلافاً لما هو معمول به، وأشارت المحكمة في حيثيات قراراها بأن المتهم الثاني (كمال) قد قام بالتوقيع على العقد مستند اتهام (12) الذي مهد لشركة عارف الكويتية الدخول بسودانير الذي جاء مخالفاً للقوانين واللوائح ، وأكدت المحكمة بأن دخول شركة الفيحاء القابضة بسودانير ما كان الا غطاءً لحصول شركة عارف على النسبة الأكبر بالشركة الشاكية مما تسبب في فقدان البلاد لزمن الهبوط والإقلاع بمطار هيثرو الدولي المميز صيفاً وشتاءً واستبداله بزمن هبوط وإقلاع يستحيل تنفيذه، وأشارت المحكمة إلى أن كل ذلك جاء عبر تمكين شركة عارف لمنسوبيها بشركة الخطوط الجوية السودانية.

إهمال وإهدار المال العام

وقال قاضي المحكمة عبد المنعم في حيثيات قراره بأن المتهم الثاني (كمال) وبسوء قصد منه لم يقم بمتابعة وتحصيل مقابل تنازل شركة الخطوط الجوية السودانية عن أسهما لشركتي عارف والفيحاء قبل دخولها بسودانير وذلك وفقاً لمستند اتهام (12) عقد مما تسبب في الإهمال وإهدار المال العام الذي كان تحت إدارته بوصفه رئيس مجلس إدارة سودانير في ذلك الوقت، الأمر الذي بموجبه قد يكون خالف ما يأمر به القانون للمسلك الذي يجب اتباعه، مع عدم مراعاته كذلك للضوابط والأسس المالية للموظف العام، وشددت المحكمة في حيثيات قراراها بأنّ الإجراءات التي اتبعها المتهم الثاني في خصخصة سودانير جاءت مُخالفة لقانون التصرف في مرافقة القطاع العام بلجنتيها الفنية والعليا، كما أن المتهم لم يخاطب أي جهة لاستعادة مقابل التنازل عن أسهم سودانير لعارف والفيحاء، بجانب أن المحكمة لا تجد أي مبرر للمتهم لعدم توريده ومتابعته سداد مبلغ مقابل دخول الشركتين بسودانير.

إيهام العبيد لـ(سودانير)

وحول توجيه التهمة للمتهم الثالث العبيد فضل المولى، قالت  المحكمة في قرارها، بأنها توصلت من خلال ما تقدم أمامها من بيِّنات بأن المتهم الثالث (العبيد) في شخصه وبسوء قصد منه، قام بخداع شخص للدخول في استخصاص شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير)، وذلك بالتزامن والتضامن مع شركة عارف الكويتية وهي أجنبية، على اعتبار أنك المكون المحلي للدخول في شراكة بسودانير وفقاً للأسس التي تم اشتراطها ابتداءً من أجل الحفاظ على النسبة الأكبر من (سودانير) للدولة حتى تصبح نسبتها ما يفوق الـ(50%) من اسهم الشركة، الأمر الذي يتيح للجانب الوطني التحكم في إدارة (سودانير) لاعتبارات أنها الناقل الوطني، وشددت المحكمة على أن المتهم الثالث العبيد ، قام بكل ذلك بصفته الشخصية بالاشتراك مع شركة عارف الكويتية بإيهام سودانير بأن لكل من شركتي (عارف والفيحاء) ذمة مالية منفصلة لوحدها وأسهم وفقاً لما تم شرائه حسب ما جاء في مستند اتهام (12) الذي وقع عليه المتهم العبيد بوصفه طرفا ثالثا ممثلاً لشركة الفيحاء مما تسبب في أضرار بسودانير وخسارة غير مشروعة، وأكدت المحكمة الى أن المتهم الثالث العبيد فضل المولى ووفقاً لمستند اتهام (35) الصادر من إدارة التسجيلات التجارية الذي ورد فيه بأن (العبيد) هو مدير عام شركة الفيحاء القابضة التي ظهر خلاله من ضمن المساهمين بها (شركة عارف العربية للتجارة العامة 55 سهما/ شركة عارف للتجارة العامة 44 سهما/ وفراس فهد سهم واحد بالشركة) الذي ظهر اسمه مرة أخرى بأنه عضو مجلس ادارة الشركة ويعتبر ذلك وجها آخر للإيهام، وأكدت المحكمة في حيثيات قرار توجيه التهمة للعبيد، بأنه وعقب دخول الفيحاء القابضة بسودانير لم توف بالتزاماتها المالية على النحو المبين والتواريخ المحددة لذلك وفقاً لما جاء في مستند اتهام (12)، في الوقت الذي أكدت فيه المحكمة حصول الفيحاء القابضة على كامل حقوقها عقب مخارجتها من شركة الخطوط الجوية السودانية.

تدهور سودانير وفقدان زمن

وقالت المحكمة في حيثيات قراراها بأن دخول شركتي (عارف الكويتية والفيحاء القابضة) بسودانير  ادى الى تدهور كبير بالشركة تمثل في فقدانها لزمن الهبوط والإقلاع بمطار هيثرو الدولي المميز بكل منفعته وقيمته الاقتصادية للبلاد، بجانب ما جاء على لسان المبلغ المفوض من شركة (سودانير) بطلبه التعويض العادل من شركة الفيحاء القابضة ، اضافة الى إلزامها الى جانب شركة عارف بسداد مبلغ (5) ملايين دولار متبقي مقابل دخولها بسودانير، نوهت المحكمة الى أن المتهم الثالث (العبيد) ووفقاً لكل ذلك قد اثرى حراماً عبر حصوله على مال عام بمخالفة القوانين والقرارات التي تضبط سلوك العمل بالوظيفة العامة بجانب قبوله أن يكون بمنصب المدير العام لشركة الفيحاء القابضة التي لم تكن سوى غطاء فقط لشركة عارف وتصويرها بأنها شركة قائمة بذاتها بالرغم من علمه التام بأن (عارف) هي من تحملت كل التبعات والالتزامات المالية ولا وجود عملياً للفيحاء ولم يكن غرض تأسيسها الا غطاءً لحصول عارف على النسبة الأكبر بسودانير.

غير مذنبين وبينات

من جانبه، رد المحامي محمد شوكت ممثلاً للدفاع عن المتهم الثاني وزير المعادن الأسبق كمال عبد اللطيف، التهمة عن موكله المتهم، وافاد المحكمة بأن المتهم الثاني غير مذنب، وذهب في خط دفاعه بأن لديه دفوعات قانونية لرد ما نسب من مواد الاتهام تتمثل في شهود دفاع سيودع كشف بأسمائهم أمام المحكمة في الجلسة القادمة عقب اطلاعه على محضر المحاكمة ومقابلته لموكله المتهم بمقر حبسه بالسجن القومي كوبر.

غير مذنب ودفوعات

في وقت رد المحامي النذير شروني، التهمة عن موكله المتهم الثالث العبيد فضل المولى، وافاد بأن المتهم غير مذنب، وذهب في خط دفاعه بأنه لديه دفوعات قانونية وموضوعية سيقدمها أمام المحكمة في مرحلة لاحقة للدفاع عن موكله المتهم، والتزم محامي الدفاع عن المتهم الثالث العبيد فضل المولى بإحضار كشف يحوي أسماء شهوده للمحكمة في الجلسة القادمة.

سماح باطلاع ومقابلة المتهمين

من جهتها، سمحت المحكمة لمحامي الدفاع عن المتهم الثاني كمال عبد اللطيف بمقابلته والجلوس معه بمقر محبسه بسجن كوبر لترتيب قضية دفاعه، كما سمحت ذات المحكمة لمحامي المتهم الثالث العبيد فضل المولى، ايضاً الاطلاع على محضر المحاكمة ومقابلة موكليهما المتهمين بمقر محبسه بمدينة الهدى الإصلاحية  وحددت جلسة في السادس من اكتوبر المقبل لسماع قضية الدفاع عن المتهم الثاني وزير المعادن الأسبق كمال عبد اللطيف.

الجدير بالذكر أنّ الاتهام عن الحق العام يمثله أمام المحكمة في الدعوى الجنائية المحامي عبد المنعم سوار الدهب ووكيل نيابة الثراء الحرام والمشبوه ابو العباس علي حمد محمد، فيما يمثل الحق الخاص شركة الخطوط الجوية السودانية المستشارة بوزارة العدل ومضة هشام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى