تدمير ونهب لأحياء ببورتسودان .. مُواطنون: أكثر من 43 أسرة تركت مراتع الصبا وانتقلت إلى أحياء أخرى بسبب انعدام الأمن

 

 والي البحر الأحمر: وجّهنا قطاع التنمية الاجتماعية بحصر المنازل التي تعرّضت للأضرار

سرقات في وضح النهار وحكومة الولاية لم تُحرِّك ساكناً

مُواطنون: ما حدث في حي الميرغنية هو تشريدٌ مُمنهجٌ

 

بورتسودان: محيي الدين شجر

الصراعات القبلية ببورتسودان، خلّفت وراءها انعكاسات خطيرة غير مرئية بتاتاً، حيث لم تظهر تلك الانعكاسات بصورة واضحة وظلت طي الكتمان رغم تأثيراتها الواسعة على مجموعة كبيرة من السكان هجروا بيوتهم التي قطنوا فيها طوال عمرهم، لكن تلك الأحداث جعلتهم يفرون من ديارهم إلى اللا مجهول، فبعضهم لجأ إلى أهله بأحياء أخرى وبعضهم عاد إلى مسقط رأسه، وبعضهم آواه بعض الخيِّرين ..

مأساة حارقة واجهها هؤلاء، في صمت تحمّلوا مرارة التشريد والحرمان من مراتع الصبا ليقعوا في واقع جديد لا يعرفون آخره من أوله ..

حينما وصلت إلى بورتسودان، أول ما لفت نظري الأخبار الكثيفة التي تتحدّث عن عمليات سلب ونهب لحي الميرغنية أحد أشهر الأحياء بالمدينة الذي يضم مختلف القبائل، الواقع في الجزء الجنوبي من مدينة بورتسودان، وحديث آخر عن تهدم عدد كبير من البيوت في حي دار النعيم وان قاطنيها هجروها إلى مناطق أخرى نتيجة للأحداث التي شهدتها بورتسودان، ولهذا أول ما فكرت فيه ان أقوم بزيارة لمواقع تلك الأحداث ..

وأنا أتجول في حي دار النعيم، اندهشت من التدمير الكامل لعدد كبير من المنازل يصل إلى أكثر من 40 بيتاً، وفي حي الميرغنية لاحظت ارتكازات لأجهزة أمنية كثيفة.

ولكن المدهش فعلاً رغم هذه الكثافة الأمنية، لاحظت اعتداءات على بعض المساكن بصورة مُخيفة وكأنما وقعت فيها صاعقة.. اقتلاع للشبابيك والأبواب، بل حتى سقوفات الزنك لم تسلم من السرقة !..

عدد مقدر من المساكن التي هجرها أصحابها بحي الميرغنية تعرضت للنهب والسرقة، أثاثات المنازل كلها اختفت .

النيقرز 

قال لي عمر حامد: أنا أسكن بمنزلي بحي الميرغنية منذ أكثر من ثلاثين عاماً ترعرعت فيه ولهوت ولعبت في ربوع الحي ..

والكلام له.. الحياة كانت جميلة بين مكونات الحي القبلية بني عامر ونوراب والقبائل الشمالية الأخرى ..وأضاف قائلاً: لا اعرف لماذا هذا الخصام والعنف ؟..

ومضى يقول: منزلي بالحي تعرض إلى تلف كبير وسُرقت كل محتوياته، وحينما علمت بأن مجموعة من النيقرز تقوم بسرقته اتصلت برئاسة شرطة البحر الأحمر، حيث تم تكليف ضابط شرطة بزيارة للمنطقة، وأضاف قائلاً: عند وصولنا للحي كان النيقرز لا يزال يقومون بالسرقة ..

تحدث لي بحسرة شديدة: بالحي 8 مربعات وقبيلتي البني عامر سكنوا الحي منذ فترة طويلة لكنهم ليسوا أغلبية.

انعدام الأمن 

وحول فرار قبيلتي البني عامر والحباب تحديداً من الحي، قال لي الأسر تعرضت لاقتحام عنيف من قبل النيقرز يهاجمون بأعداد كبيرة وهم مسلحون بالأسلحة البيضاء والعصي ويطلبون من سكانها الخروج وهم يرضخون تحت تهديد تلك الأسلحة، واضاف قائلاً: العيش بأمان في أماكن أخرى وهو ما دفع أهلنا للخروج من ديارهم مُرغمين إلى أي اماكن أخرى، ومنهم من استأجر في حي ديم النور، ومنهم من انتقل للعيش مع الأهل في حي ولع أو حي الثورة او ترب هدل وهي احياء في الجزء الشرقي من مدينة بورتسودان.

طرف محايد

للوصول الى حقيقة ما حدث في حي الميرغنية ببورتسودان من تشريد لبعض المكونات السكانية، التقيت بأحد قيادات بورتسودان المحايدين وهو الأستاذ عثمان سنادة وهو ناشط بالولاية، حيث قال لي: شخصياً لي وجهة نظر مختلفة ان م حدث في حي الميرغنية يخالف ما تم توصيفه بأنه صراع قبلي، لأن ما حدث هو من قبيل التفلتات الأمنية التي كانت تستوجب التدخل السريع من الأجهزة الأمنية بالولاية .

وقال: كان ينبغي أن تتعامل مع ما حدث وفق الآليات المتبعة في مكافحة التفلتات الأمنية في كل مكان، لأنها حدثت وتحدث في وضح النهار.

 

وأضاف قائلاً: انا لست مستغرباً مما حدث في الميرغنية من تهجم على البيوت لانهم لم يجدوا الحسم، ومضى قائلا : انا هنا اوجِّه سؤالاً للجنة الأمنية وللأجهزة النظامية بالبحر الأحمر، ماذا انتم فاعلون للذين استباحوا البيوت في وضح النهار ولماذا لا يوجد رد فعل منكم تجاه ما يحدث؟ وقال ان ما حدث في حي الميرغنية من تهجم على البيوت وسرقتها بالكامل سيقود إلى ممارسات مماثلة واعتداءات في احياء أخرى، وزاد قائلا: المجموعات المسلحة مثل النيقرز او كشة الغنم او إزالة التمكين، ظلت تستهدف اسراً بعينها وإثنية معينة، مما جعل تلك الأسر تفر بجلدها من الحي ثم بعد ذلك يقومون بسرقة مقتنيات المنازل ويفرون. واضاف: غياب ردة الفعل هو مدخل لانتقال التفلتات لمناطق أخرى مستقبلاً، ويمكن استباحة كل المدينة لأنه ومنذ بداية الاحداث في يوم 3/6/2019 وحتى آخر حدث لم نجد أي ردة فعل!

بلاغات

تحصلت “الصيحة” على بلاغات دوّنها متضررون من حي الميرغنية بنقطة ديم موسى، لكنهم قالوا رغم تدوين تلك البلاغات إلا أنّهم لم يصلوا إلى نتائج ولم تُعد إليهم  ممتلكاتهم .

وحسب تلك البلاغات، فإن معظم السرقات كانت في انابيب الغاز والثلاجات والترابيز وغسالات وأبواب وشبابيك وزنك وخلاطات وصهاريج مياه ومراوح ودواليب ملابس وكراسٍ وأوانٍ منزلية ومكاوٍ، والبلاغات دونت منذ شهر يونيو 2020 وحتى سبتمبر الحالي، حيث قامت السلطات باستخراج نشرات جنائية بالمسروقات!

إحصائيات

أثناء تجوالها بحي الميرغنية، التقت “الصيحة” بعدد من أصحاب البيوت ووجدت أن هنالك حصراً للأضرار التي حدثت بالحي حيث تبيّن تضرر نحو 43 أسرة وأدى انعدام الأمن الى خروجهم من مساكنهم لأماكن أخرى بمدينة بورتسودان اختاروا العيش بأمانٍ، بدلاً من العيش بين الخوف والقتل .

اثناء زيارتي لحي الميرغنية تحدثت الى احد المواطنين كان يشعر بالاسى مما حدث حكى لي بحسرة عما حدث لمنزله الذي تحول الى ركام، قال لي انه سكب العرق والمال لفترة طويلة لأجل تأسيسه ليستوعب أسرته، لكنه أصبح من الأطلال بعد ان سُرق بالكامل من قبل المتفلتين الذين استباحوا الحي .

أسماء أصحاب المنازل الذين تركوا مساكنهم وتعرضت للنهب في الميرغنية:

 

عمر آدم

علي محمود علي

جمال صالح سعد

ادريس حامد

محمد علي عمر

آدم همد منتاي

الأمين حامد

محمد آدم موسى

ادريس ازاز

نجاة عمر آدم

صالح حسين عمدوي

اسماعيل حسين

محمد صالح عثمان

معتصم عثمان طاهر

صديق عثمان عبد الله

مدين حامد

ادريس مدين

محمود حامد

عمر حامد

محمد نور حامد

ادريس حامد

عثمان حامد

عوض محمد ادريس

مدين محمد مدين

احمد مدين

صالح محمد احمد

مدين محمد عبد الله

محمد عثمان مدين

آل بركاي

محمود ادريس

أستاذ الأمين

إسماعيل راكي

محمود محمد علي كبين

إدريس صالح

صالح إدريس

أبوبكر شقراي

كمال فايز

ابر شقراي

ادريس عمر امير

ابراهيم عامدوي

تنقيب

وأنا أنقب عما حدث بحي الميرغنية، التقيت بمحمد عثمان وهو مقرر المحليات في المجلس المركزي للحرية والتغيير بالبحر الأحمر، حيث طالب اللجنة الأمنية في الولاية بحسم المتفلتين وتقديم الجناة للعدالة وإعادة السكان إلى منازلهم، كما طالب بتكوين لجنة لجبر الضرر وان تعمل حكومة البحر الأحمر على إعادة الأمن والاستقرار للحي ورتق النسيج الاجتماعي وإعادة التالف والإخاء بين مكونات الولاية.

مَن يقف وراء الأحداث؟

كثير من مواطني بورتسودان ذكروا لي أن فلول النظام البائد هم من يعمل على تأجيج الصراع بولاية البحر الأحمر وببورتسودان على وجه الخصوص، وقالوا إن الجماعات المتفلتة تم نقلها الى بورتسودان، وأوضحوا ان مدينة بورتسودان منذ تاريخها لم تكن تشهد تفلتات أمنية وظلت على الدوام تعيش في أمن وسلام وكانت مضرباً للمثل، وأوضحوا ان الصراعات القبلية تتم تغذيتها من اشخاص لا يريدون الاستقرار للولاية التي تعتبر ميناء السودان الرئيسي، وذكروا ان تلك الجماعات لم تجد الحسم من قبل الولاية ولهذا استمرت في التعديات على ممتلكات المواطنين .

حديث والي البحر الأحمر

والي البحر الأحمر عبد الله شنقراي، رأى أن الوضع الأمني ببورتسودان في مرحلة الاستتباب، وقال في حوار صحفي، إن المجتمع متفاعل مع القرارات الأمنية التي اتخذتها الولاية، واوضح ان حراسة بعض الأحياء لتأمين حياتهم، جاء نتيجةً للأوضاع الامنية والنزاعات التي تحدث داخل الولاية، مما زرع الخوف في نفوس المواطنين، واشار الى أنهم جلسوا مع الإدارات الأهلية وصرحوا بأنه ليس لديهم أي عداءات مع المكونات الأخرى بالولاية وما يحدث هو نتيجة أفعال من مجموعات متفلتة.

وأضاف بأن القبائل تشير للمجموعات المتفلتة والشرطة تقوم بإلقاء القبض عليهم والتعامل معهم، وذكر أن المناطق التي شهدت أحداثاً تمت إقامة ارتكازات في شوارعها وطرقها الرئيسية وقال: هنالك كثيرٌ من الشكاوى بخصوص السرقة من البيوت والاعتداء على المنازل، وهذه أوجدت نوعاً من التفلتات المحدودة لبعض المناطق، وهنالك من اعتدوا على بيوت الآخرين الذين معهم وإحراقها وهؤلاء تم القبض عليهم وسوف تتم محاكمتهم، واشار الى وجود اكثر من 50 بلاغاً وبعض المتهمين في السجون وآخرون أُطلق سراحهم .

وحول البيوت التي تم تخريبها ونهبها، قال: العدد المقدر في الميرغنية وحدها حوالي 8 بيوت وبلغ في حي دار النعيم عدد المنازل المهدمة ما بين 40-50 بيتاً، وقال قُمنا بتوجيه قطاع التنمية الاجتماعية بحصر المنازل التي تعرّضت للأضرار وطلبنا من مالكيها تقديم بلاغات بالمسروقات للجنة الامنية، ووكيل النيابة اخطر بتقديم البلاغات وكل ذلك تحت التحري من قِبل وكيل النيابة .

وفي سؤال حول لماذا لم يتفقد تلك المناطق في الميرغنية والمناطق الأخرى التي تأثرت بالأحداث، قال والي البحر الأحمر: في اعتقاد الأفراد أن كل شؤون الولاية تتم عبر الوالي، لكن بالنسبة لنا التعامل المؤسسي يقتضي أنه إذا كانت لديك شكاوى أن تذهب بها للجهات المعنية وهي الوحدة الإدارية في المحلية وهي تندرج لوحدات والبلاغات وتصل للجهات الأمنية ببورتسودان، والوالي ليس لديه الزمن الكافي للاطلاع على كل ما يحدث من التعديات في أي موقع بالولاية .

وحول النيقرز بالولاية، قال إن بلاغات النيقرز كثيرة وتقوم اللجنة الأمنية بالقبض عليهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى