Site icon صحيفة الصيحة

سد النهضة.. مجلس الأمن ومناصرة موقف السودان ومصر

سد النهضة

 

تقرير: محجوب عثمان

على نحو مفاجئ وغير متوقع، دعا مجلس الأمن الدولي أمس الأول “الأربعاء”، كلاً من إثيوبيا ومصر والسودان لاستئناف المفاوضات حول “سد النهضة” للتوصل الى حل يرضي كل الأطراف، تحت رعاية الاتحاد الأفريقي.. دعوة مجلس الأمن الدولي صدرت عبر بيان رئاسي تبنته بإجماع أعضاؤها الخمسة عشر، أشار فيه مجلس الأمن إلى اتفاق إعلان المبادئ بشأن مشروع سد النهضة الإثيوبي الكبير، بين مصر وإثيوبيا والسودان في 23 مارس 2015، وأكد على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والمسؤولية الأساسية لمجلس الأمن عن صون السلم والأمن الدوليين.. وشجع مجلس الامن الأطراف لضرورة استئناف المفاوضات بدعوة من رئيس الاتحاد الأفريقي للانتهاء على وجه السرعة للوصول الى نص اتفاق ملزم ومقبول للطرفين بشأن ملء وتشغيل السد خلال فترة زمنية معقولة.

مراقبون

مجلس الأمن الدولي لم يترك الأمر فقط تحت إمرة الاتحاد الافريقي، بل شرع بقوة الدول الصديقة والمحيطة بالقضية للتدخل ورعاية المفاوضات بصفة مراقبين، إذ قال البيان “يشجع مجلس الأمن المراقبين، الذين تمت دعوتهم لحضور المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي وأي مراقبين آخرين لمصر وإثيوبيا والسودان، تتم دعوتهم بالتراضي بشكل مشترك لمواصلة دعم المفاوضات، بهدف تسهيل حل المشكلات الفنية والقانونية المعلقة”، ودعا مجلس الأمن الدول الثلاث “السودان، مصر، إثيوبيا” إلى المضي قدماً بقيادة الاتحاد الأفريقي في عملية التفاوض بطريقة بنّاءة وتعاونية، وأكد أن هذا البيان لا يتضمن أي مبادئ أو سابقة في أي منازعات خاصة بالمياه العابرة للحدود.

مُفاجأة

مراقبون في مجال المياه اكدوا ان الامر شكّل لهم مفاجأة اذ ان السودان ومصر عندما طرحا قضية سد النهضة امام مجلس الامن الدولي في يونيو الماضي، تحفظ مجلس الامن على التدخل فيها وترك الأمر لعناية الاتحاد الافريقي، ما عدّته اثيوبيا آنئذ نصراً سياسياً على دولتي المصب “السودان ومصر” ومضت لاكثر من ذلك بالحديث عن انها فرغت الآن من قضية بناء السد، وذلك ما جعل بيان مجلس الامن الدولي الذي حث الأطراف على التفاوض مفاجئاً، بيد انه كان مفاجأة سارة للسودان ومصر وصادمة لأديس ابابا التي تتعنت لاكثر من 10 سنوات في التفاوض بشأن التشغيل والملء.

ترحيب الخرطوم

وبالفعل رحبت الخرطوم بالقرار، فقد اصدرت وزارة الخارجية ترحيباً بالبيان الرئاسي الصادر بشأن أزمة سد النهضة، مبينة انه يعكس اهتمام مجلس الامن الدولي بهذه المسألة بالغة الأهمية ويؤكد حرصه على إيجاد حل لها، تلافياً لتداعياتها على الأمن والسلم في الإقليم.

وأعربت الوزارة، عن قناعتها بأن مشروع البيان الرئاسي المعتمد جاء متوازناً ومراعياً لمصالح الأطراف الثلاثة، وأكدت أن اعتماد البيان الرئاسي يعكس مستوى المرونة التي أبداها وفد السودان في التعاطي الإيجابي مع كافة الأطراف المعنية بالتفاوض حوله، بما يعكس حرص السودان على معالجة انشغالات الأطراف والمحافظة على مصالحها.

دعوة للتفاوض

كما اعربت الوزارة، عن أملها في أن يدفع اعتماد البيان الأطراف الثلاثة إلى استئناف التفاوض، تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، ووفق منهجية جديدة وإرادة سياسية ملموسة، توصل الأطراف إلى التوقيع على اتفاق مُلزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، بما يراعي مصالح الأطراف الثلاثة، وجددت الوزارة في هذا الصدد، استعداد السودان للانخراط البنَّاء في أي عملية تقود إلى استئناف التفاوض بين الأطراف الثلاثة تحت مظلة الاتحاد الأفريقي، تُوصِّل الأطراف إلى اتفاق مُلزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك توافقاً مع الفقرة الخامسة من البيان، والتي تعطي المراقبين دوراً تيسيرياً في عملية التفاوض.

أصل البيان

ويرى الخبير في مجال السدود والمياه عصام الدين محمد صالح أن بيان مجلس الأمن نتج عن مشروع قرار تقدمت به تونس العضو غير الدائم في مجلس الامن، وينص على طلب دولتي السودان ومصر استئناف المفاوضات والمباحثات والتوصل الى نص اتفاقية ملزمة لملء السد في غضون ستة أشهر مع وقف للملء الثاني وهو الأمر الذي تم تداوله فى جلسة مجلس الأمن الخميس الثامن من يوليو الماضي والاستماع الى الاعضاء وإلى مُمثلي الدول الثلاث، ليأتي بعد مضي شهرين ويصدر بياناً رئاسياً بالإجماع بالدعوة الى العودة الى المفاوضات والمباحثات.

توافُق

ويُشير عصام إلى أن البيان توافق مع ما ظل يدعو إليه السودان بضرورة التوصل الى اتفاق ملزم وقانوني بشأن الملء والتشغيل بين الدول الثلاث، وما ظل يدعو اليه بضرورة تحديد فترة زمنية للمفاوضات والمباحثات للوصول إلى اتفاقية قانونية ملزمة بين الدول الثلاث، كما توافق مع دعوة السودان لتوسيع واشراك المراقبين والمُسَهِّلين للدفع بالمفاوضات والمباحثات بين الدول الثلاث.

عَدم تقبُّل

ويلفت عصام إلى أن تصريحات إثيوبيا بعدم الاعتراف بأي مطالب تُثار وفقاً للبيان الرئاسي لمجلس الأمن يشير الى عدم تقبُّلها للقرار، على الرغم من ترحيبها بدعوة البيان إلى العودة للمفاوضات والمباحثات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، لافتاً إلى ان مجلس الأمن حال لم تقبل إثيوبيا بالعودة للتفاوض سيسلك طرقاً اخرى تلزمها بحفظ حقوق الآخرين في الاستخدام الآمن للمياه، ويلفت إلى ان التصريحات المصرية بشأن القرار تركز على إلزامية القرار لإثيوبيا وأهميته إلى دفع الجهود لإنجاح المسار الأفريقي للوصول إلى اتفاق مُلزم وقانوني بين الدول الثلاث.

تعطيل مفاوضات

ويذكر عصام بمواقف إثيوبيا تجاه مفاوضات سد النهضة، مبيناً ان المفاوضات والمباحثات والتي استمرت لأكثر من عشرة اعوام ولم يتحقق اي تقدم او نتائج ملموسة لحل المسائل الخلافية في الملء والتشغيل ووضع إطار قانوني ملزم لما يتم التوصل اليه في المفاوضات والمباحثات بين الدول الثلاث لضمان عدم تضرر دول أسفل النهر خاصة السودان باعتبارات تأثره المباشر من سد النهضة وذلك بتأثيره على المشاريع المائية في خزاني الروصيرص وسنار وارتباطهما بري مشروع الجزيرة والمناقل، فضلاً عن إنتاج الطاقة الكهرومائية.

Exit mobile version