خاطبها رئيس الوزراء وعدد من الوزراء والخبراء..  (الصيحة) ترصد ورشة الإصلاح الاقتصادي بغرض تحليل الأزمة الاقتصادية

الخرطوم ـ رشا التوم

ورثت حكومة الفترة الانتقالية وضعاً اقتصادياً هشاً بالغ التعقيد، وتسلمت مؤسسات اقتصادية شبه منهارة   نتيجة لتراكم المشكلات الإدارية وسوء السياسات الكلية  والتي تسببت في ارتفاع معدلات التضخم  وتعدد أسعار الصرف وندرة في الوقود والخبز والأدوية وغيرها من القطاعات الاقتصادية التي تأثرت  على المستوى الداخلي والخارجي وبعد مرور عامين على الثورة  يوشك السودان على التحرر من تلك القيود والاندماج في المجتمع الدولي مجدداً.

والتأمت أمس أعمال ورشة برنامج الإصلاح  الاقتصادي.

بغرض تحليل اأزمة الاقتصادية العامة التي لازمت السودان  بحضور دولة رئيس مجلس الوزراء ووزراء القطاع الاقتصادي (وزير المالية والاستثمار والزراعة) وعدد من المستشارين والأكاديميين  وخبراء الاقتصاد  وأساتذة الجامعات ولم تستثن الورشة التي اتسمت بالجدية في الطرح والنقاش قطاع المرأة ومنظمات المجتمع المدني وعضوية عدد من الأحزاب السياسية.

فتح الطريق

رهن رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك  تقدم البلاد إلى الأمام ومعالجة  كافة القضايا السياسية والاقتصادية بالوصول إلى التوافق حول قضايا التحول الديمقراطي والسلام والاقتصاد،  وقال إذا وصلنا لتوافق حولها نستطيع السير إلى الأمام، وأشاد خلال مخاطبته اللقاء التفاكري الذي نظمته مؤسسه بارتنرز حول برنامج الإصلاح الاقتصادي.. رؤية نقدية  أشاد بجهود المؤسسة وقال إن اللقاء  يرتبط بمبادرة رئيس الوزراء الطريق إلى الأمام التي ترتبط بمحور أساسي وهو محور الاقتصاد.

وأشار حمدوك إلى ميراث الحكومة الانتقالية لتركة مثقلة واقتصاد منهار مع اختلال الميزان التجاري وميزات المدفوعات  وتراكم الديون مبيناً أهمية العمل على استقرار سعر الصرف، وقال إن الحكومه بدأت في وضع برامج للإصلاح في السياسات النقدية والمالية، حيث تم توحيد سعر الصرف وإصلاحات في النظام المصرفي الذي واجه معاناة من العزلة الدولية خلال الفترة الماضية،  وفيما يلي السياسات المالية أشار إلى  بدء العمل في ترشيد الإنفاق الحكومي والانتقال من دعم الاستهلاك إلى دعم الإنتاج، وقال كنا ندعم ٨ سلع ورفعنا الدعم عن سلعتين  وعملنا على الإصلاحات المؤسسية وفتح الطريق  للسودان نحو العالم الخارجي ونوه إلى دور القطاع الخاص في  الاقتصاد وتحقيق التنمية، مشيراً إلى قانون الاستثمار الجديد والذي يساعد في خلق مناخ استثماري جيد.

وأقر بوجود تحديات في برنامجي سلعتي وثمرات إلى جانب الهيكل الراتبي،  وقال لابد من مناقشة تلك التحديات . وتحسر على إضاعة الوقت وإطالة  الطريق للتوافق  لأكثر من عام ونصف، وقال إن تأجيل القضايا حتى أصبحت ككرة الثلج أجلت كثيرا من الإنجازات،  إذا بدأنا التوافق  في يناير ٢٠٢٠  لكنا قد نجحنا الآن. ولفت الى النجاح في الحصول على ٤٠٪ من الموارد المتاحة من مبادرة الهيبك. في الوقت نفسه أشار لانبهار العالم بالثورة السودانية  التي اندلعت في وقت مناسب، وأعلن عن منح السودان حوالي ٣ مليارات دولار من شأنها أن تفتح الطريق للقطاع الخاص.. واستطعنا معالجة دين خارجي  كبير وتكلفته عالية، وقال إن  خطوات ترشيد  الدعم وتحقيق استقرار سعر الصرف  جعلتنا نستخدم مواردنا لإعادة عجلة الإنتاج في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني والذي يشكل رافعة للاقتصاد وأكد قدرة السودان بأن يكون لكافة الدول،  وقال نحلم  بربط الطرق  حتى جوبا وانجمينا، وقال يجب النظر للإنجازات وأن توجه كل المكاسب لمصلحة الشعب السوداني وخلق مناخ استثمار جاذب بما يساعد في خلق وظائف جديدة للشباب.

وأضاف علينا التزامات لابد من الوفاء بها للمجتمع الدولي مما يتيح لنا الاندماج وتوفير الموارد،  وأردف حمدوك بأن مزادات النقد الأجنبي تساعد في المحافظة على سعر الصرف والحد من التضخم. ودعا الى تكامل السياسات الكلية والقطاعية بجانب التكامل بين الداخل والخارج،  وأضاف: حال أحسنا إدارة موارد الخارج سوف نتمكن من تحقيق الاستقرار الاقتصادي المطلوب،  ونوه أن محاربة البطالة وتشغيل الشباب تقف أمامها الموارد المحدودة. ورهن إصلاح الطرق وزياده الإنتاج والإنتاجية بتعظيم الجهد الضريبي.

برنامج داعم

من ناحيته أكد حيدر حسب الرسول الجاك من مركز بارتنرز  أن المركز يعمل في أحد القضايا المهمة المتعلقة بالسلام  والعملية السياسية للانتقال الديمقراطي والبرنامج الاقتصادي ووضع الأسس والتوصيات والموجهات والإجماع حولها لوضع برنامج ناجح داعم للانتقال الديمقراطي وتنفيذ شعارات الثورة.

مراكز الضعف

وكشف د. عبد الحميد الياس في ورقته بعنوان حول برنامج الإصلاح الاقتصادي أن حوالي ٦١.٦ ٪ من نسبة السكان تحت الفقر وأقر بارتفاع معدلات البطالة في قطاعات الشباب

وكشف عن ضعف التحصيل الضريبي الى ٦٪ وضعف معدل النمو السنوي وارتفاع معدلات التضخم بنسبة ٤٠٠٪ مؤكداً أنه مؤشر عالٍ وخطر على الاستقرار الاقتصادي وتدهور التنمية البشرية فإن موقع السودان ٦٨ حسب المؤشرات،  وأشار الى ضعف رقابة بنك السودان المركزي على البنوك والمصارف بجانب ضعف النظم وتدهور بيئة الاستثمار.

فضلاً عن التركة الثقيلة من الديون الخارجية الى ٥٧ مليار دولار منها ٥٢ متأخرات  وأوضح أن أهم التحديات التي تواجه عملية الإصلاح الاقتصادي المحتوى السياسي والأمني  وغياب الرؤية والتخطيط الاستراتيجي  والضعف المؤسسي وعدم وجود سياسة اجتماعية  الى جانب ضعف منظومى الحماية الاجتماعية.

تجاوز الأزمة

من ناحيته، نادى رئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب الشيوعي د. صدقي كبلو بضروره تجاوز اقتصاد الأزمة الى الاقتصاد العادي. مبيناً أن حكومة الفترة الانتقالية عملت على السمات الأساسية في الأزمة والعزلة الدولية وهناك تكلفة ادارة الدولة مازالت موجودة.

بجانب ذلك الأجهزه الأمنية والقوات المسلحة ما زلنا ندفع ثمنها.

وانتقد غياب مفوضية الفساد وغياب الرقابة وعدم إكمال هياكل الحكم على رأسها  غياب المجلس التشريعي.

واستنكر استمرارية الطفيلية القديمة وبدء طفيلية جديدة. وأكد أن نسبة النمو بلغت ٤.٨ ٪ والعجز في الموازنه العامة ١٨٤ مليار ومعدل تضخم ١٤٨٪ وتدهور سعر الصرف بواقع ٤٢٠ جنيه ومعدل بطالة ٤٣٪.

ونوه أن رفع أسعار المحروقات انعكس بصورة كبيرة على قطاع المواصلات وزاد بأن رفع الدعم لابد أن يكون ضمن بنية كاملة للاصلاحات بجانب مواجهة مشكلات في أسعار الكهرباء والمياه والخبز وتعويم الجنيه. ولفت الى الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة ببدء الدعم المالي للأسر الفقيرة وإلغاء الدولار الجمركي وإعادة ترتيب  الرسوم الجمركية ووصفها بالايجابية

ووصم  الدولار الجمركي بأنه دعم للاستهلاك التفاخري وضد الإنتاج المحلي وداعم للاستيراد  وطالب باتخاذ إجراءات إدارية تجاه استيراد السلع الكمالية.

وقال إن مزادات النقد الأجنبي أصبحت منظمة للطلب على النقد الأجنبي ولفت الى ايقاف ١٨٦ شركة من الصادر لعدم توريد الحصائل ودعا شركات الامتياز للقيام بالتصدير بصورة رئيسية لضمان عائد الصادر وأسعار عالية للمنتجين وعاب على الحكومه استمرار زيادة اسعار المحروقات وفقاً لسياسة تحرير المحروقات وربطها بسعر الصرف.

وجزم بأن طريقة استيرادها تخلق طفيلية جديدة ودعا لاستيرادها عبر المؤسسة العامة للبترول وهي مهيأة لذلك، وقال لا يتفق أن نؤجر مصدراً حكومياً ليتربح منه القطاع الخاص ليحقق منها أرباحاً طائلة.

مبيناً أهميه الوفاء بالدين الخارجي وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية وقطع بأن برنامج ثمرات غير كافٍ وسلعتي ما زال محدوداً.

وانتقد زيادة أسعار الكهرباء في الخفاء  فضلاً عن عدم توفر سبل كسب العيش ونادى بضرورة

وضع برنامج لاستغلال الطاقات الاقتصادية المتاحة وإصلاح قطاع الكهرباء ورهن تراجع سعر الصرف بالاستغلال الأمثل للقروض والمنح.

استثمارات قادمة

من جانبه أشار  وزير الاستثمار الهادي محمد إبراهيم  للأثر الإيجابي للسياسات التي نفذتها الحكومة على مناخ  الاستثمار وجدوى توحيد سعر الصرف في الاستقرار، وقال بوجود سعرين للصرف  يجد المستثمر الأجنبي والمحلي صعوبة في التحويلات في الوقت الذي بدأت فيه الوزارة باستقبال طلبات استثمارات كبيرة عقب توحيد السعر إلى جانب اختفاء  ظاهرة بيع  الوقود في السوق الأسود عقب رفع الدعم عن المحروقات وأصبح الوقود الآن متوفراً للمشاريع الزراعية مع تركيز لأسعار المنتج وكشف تخصيص ٣ مليار دولار للمشاريع التنموية منها ٥٧٥ مليون دولار لعمليات الري والزراعة وحصاد المياه و٧٨٠مليون دولار الطاقة و٢٠٠مليون دولار للصحة و١٠٠مليون  دولار لمشروعات الشباب والمرأة وقال بأن الحكومة تسير في اتجاه تعظيم الإيرادات، وزاد لأول مرة ميزان المدفوعات  يصبح إيجابياً  ويكون هنالك تحسن في الميزان التجاري.

معالجة المشكلات

وأشار رئيس مجلس إدارة مركز مأمون بحيري للدراسات الاقتصادية بروف مكي الشبلي  إلى أن العون الخارجي يدعم العون الداخلي واعتبر الانفتاح على العالم الخارجي من ثمرات البرنامح   الاقتصادي،  وأشار أن البرنامج الثلاثي فيه معالجة لكثير من المشكلات وهو برنامج لتحقيق السلام والانعاش الاقتصادي لابد من دعمه.

وضع استراتيجية للفقر

وحصرت رئيس اللجنة الاقتصادية للحزب الاتحادي الديمقراطي المشكلة  الاقتصادية في الموارد وكيفية استغلالها بطريقة مثلى  ورهنت  تحقيق التنمية البشرية  المستدامة بالتركيز على سياسات التعليم  وقالت بأن القطاع الخاص  لم يقم بدورة  في التنمية الاقتصادية حيث تم وضعه في خانة صغيرة وقالت إن استراتيجية الفقر لن تحقق  المطلوب ما لم تنقل الفقير  إلى خانة الفقير الناشط  كما وأن برنامج سلعتي وثمرات لن يستطيعا معالجة الفقر وطالبت بتغيير الآليات لخلق تنمية اقتصادية شاملة وخلق تكامل بين  كافة  القطاعات الاقتصادية وانتقدت معالجة الديون الخارجيه بالقرض التجسيري الذي اعتبرته حلا مؤقتاً لفترة أقل من المتوسط.

سياسات متوحشة

قال رئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب الجمهوري عصام الدين خضر عدم وجود إرادة  في اتخاذ سياسات تشعر المواطن بالتغيير  تعتبر أس المشاكل الى جانب السياسات المتوحشة التي تبنتها الحكومة في الجانب الاقتصادي  وحمل سياسة التحرير الاقتصادي التي اتبعها النظام البائد دمرت القطاعات الإنتاجية والصادر  وقال نحتاج لمراجعة السياسات، وقال إن القطاع المصرفي له دور في هزيمة كثير من السياسات وأكد أن الدمار الذي حدث في القطاع المصرفي يعود إلى العام ٧٧  خلال المصالحة وغياب البنوك الإسلامية وقال لابد من عودة القطاع المصرفي  لوضعه قبل العام ٧٧.

محاربة التجنيب

من  جانبه انتقد القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي  محمد عصمت ممارسة وزاره المالية  للتجنيب  من خلال وجود حسابات المالية  في ٥ مصارف  تجارية، وقال لابد من عودة كل الحسابات الى بنك السودان المركزي، وقال لن يتم تحقيق ولاية المالية على المال العام  في ظل وجود حسابات خارج البنك المركزي، وأشار إلى غياب الروية السياسية مما أدى إلى وجود خلل كبير ونادى بخلق أرضية سياسية مشتركه ومتوافق عليها  ونبه إلى امكانية محاربة البطالة وتشغيل الشباب من خلال التوظيف في إدارة المراجعة الداخلية بوزارة المالية حيث  تغطي حوالي٢٥٪ فقط من حجم العمل بها وقال إذا تم تعيين كل خريجي  المحاسبة بالإدارة تعالج مشكلة البطالة.

مكافحة التهريب

من ناحيته أشاد رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الأمة المهندس صديق الصادق المهدي بمبادرة رئيس مجلس الوزراء وقال بأنها تسهم في معالجة الوضع المعيشي  مشيرا لأهميه  التوافق عليها وعلى برامج الإصلاح  مع العمل على مكافحة التهريب ونادى  بإيجاد آلية واضحه  لتوزيع مبالغ ثمرات على الفقراء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى