صادرات الذهب.. لتهريب عبر منافذ حكومية

 

الخرطوم: رشا التوم

انتهجت الحكومة خلال الفترة الماضية الكثير من السياسات والإجراءات للسيطرة على اهم روافد الخزينة العامة والاقتصاد الوطني وهي صادرات الذهب في محاولة لعدم تهريبه إلى الخارج.

ولكن يبدو أن المهربين في المقابل اتبعوا الكثير من اساليب التخفي والتمويه في سبيل استمرار تهريب الذهب وبكميات كبيرة بعيدًا عن منافذ الصادر الرسمية.

وبالأمس تسلمت وزارة المالية (103) كيلو ذهب تم ضبطها ومصادرتها بمطار الخرطوم الدولي معدة للتهريب وبالطبع هي ليست الضبطية الاولى ولن تكون الأخيرة مما يدعو إلى إعادة النظر في السياسات المتبعة في التعامل مع المعدن النفيس وإحكام السيطرة على المنافذ الجوية والبحرية والبرية من أجل ضمان عدم تسربه للخارج.

وكانت الحكومة دوماً ما تعلن عن سياسات في محاولة مستميتة للسيطرة على الذهب المنتج  شراء وبيعا وتصديراً وفشلت إلى حد ما في تطبيق الوصفة الصحيحة لمنع التهريب.

شد وجذب

طيلة الفترة الماضية ظلت سياسات بنك السودان المركزي بشأن صادرات الذهب في حالة من الشد والجذب ما بين احتكار شراء وفك الاحتكار.

وفي فترة أخرى أعلنت الحكومة احتكار شراء الذهب وتصديره، وسرعان ما تراجعت عن قرارها بالسماح لشركات القطاع الخاص بتصدير المعدن الأصفر إلى خارج البلاد وقررت فرض سيطرتها على صادر الذهب بتولي بنك السودان المركزي شراء الذهب بأسعارالبورصة العالمية وتصديره مع التعجيل بإقامة بورصة سودانية للذهب بيد أن سيطرة الحكومة على الذهب تمثل خطوة إيجابية لمنع التهريب وتعزيز موارد الدولة”.

ويرى الخبير في اقتصاديات التعدين طارق عوض أن استمرار تهريب الذهب للخارج  وصمة عار في جبين الاقتصاد السوداني.

ودعا الحكومة والجهات ذات العلاقة لإزالة العقبات التي كانت تواجه صادر الذهب لأن ذلك من مصلحة الحكومة والبلاد ككل، وقال لـ(الصيحة) ليس من المنطقي أن تستمر الممارسات السابقة التي أضرت بالقطاع كثيراً، لذلك كانت ولا زالت مطالب الإصلاح  في القطاع بالإضافة الى إقرار سياسات رشيدة ومحفزة،  لوقف الفوضى التي كانت تضرب صادر الذهب،  وأردف رغم القيام  بإصلاحات نسبية ومقدرة لكن  مازالت  هناك العديد من المطلوبات.

وقال إن قطاع الذهب تجري فيه سياسات  غير صحيحة  وهنالك تساهل في تطبيق القوانين وإنزال العقوبات المشددة على المهربين.

ويرى أن الحل الأنجع لضمان دخول حصائل صادرات الذهب  إنشاء بورصة للمعادن التي تمكن من منح السعر العادل، ويتم التداول عبرها وفقاً للسعر العالمي، فضلاً عن أن التداول في الذهب يكون بالأموال الحقيقية من داخل الاقتصاد وليس من أموال يضخها بنك السودان المركزي، والتي تؤدي للتضخم والسياسات المتبعة اثبتت فشلها وكانت نتائجها كارثية على  اقتصاد البلاد.

وطرح سؤالاً حول لماذا تصر الحكومة الانتقالية على تجريب المجرب،  ولمصلحة من يعمل هؤلاء  المهربون؟

وأردف: تهريب كميات كبيرة بهذا الحجم عبر منافذ حكومية  يعني ذلك إدمان الفشل وعدم دراية بنتائج التجارب السابقة.

وشدد على أهمية  تنظيم وتطوير القطاع وضبط الصادر بآليات واضحة وصارمة لمنع أي تجاوزات. مضيفاً قطعًا  لن تتوقف عمليات التهريب التي تعتبر تخريبًا واضحًا للاقتصاد القومي، وما لم يتم وقف هذا النزيف سيظل الإصلاح منقوصاً.

تعويض الفاقد

وقد اتجه السودان منذ انفصال الجنوب في العام 2011م إلى الاعتماد على صادراته من الذهب سعياً منه لتعويض فاقد نفط الجنوب، وارتقع سقف أهمية الذهب عقب اكتشافه في عدد من مناطق السودان المتفرقة، وهجرهم الزراعة واتجاههم نحو التعدين التقليدي، الذي حقق إنتاج كبيرًا، ليصبح التحدي أمام الحكومة في الاستفادة من هذا الإنتاج وضمان دخول حصيلته خزينة الدولة، والتي فشلت حتى الآن في السيطرة عليه، وبات يهرب  للخارج بكميات كبيرة

ويعتبر السودان من الدول الرئيسية المنتجة للذهب في إفريقيا. وحسب مسح جيولوجي أميركي، يعتبر السودان الثالث في القارة بعد جنوب إفريقيا وغانا.

ودعا مهتمون بالشأن إلى أهمية حصر الصادر للذهب على بنك السودان دون غيره وعدم  السماح لأي جهة أخرى بتصديره

مشيرين لأهمية إنشاء بورصة للذهب وشركة مساهمة عامة كما هو الحال في كل دول العالم وأن تعمل تحت مظلة بورصة الذهب، وقال إن القرار الخاص ببنك السودان باحتكاره لتصديرالذهب مع إنشاء بورصة هذا تعارض لأن إنشاء البورصة يتطلب  التداول بحرية عبر شركة مساهمة عامة وشركات وساطة وبيع وشراء الذهب داخل البورصة وتحت أعين الدولة وتحت السلطة الرقابية.

ووفقاً لتصريحات رسمية،  فإن حصر كمية إنتاج الذهب بالسودان في الوقت الحالي أمر في منتهى التعقيد وأن ما يتداول عن هذه الكميات عبارة عن فرضيات لا تمت للواقع بصلة وأن أكثر من 72% من إنتاج الذهب لا يدخل تحت سيطرة شركة الموارد المعدنية وأن هناك أكثر من خمسين شركة تعمل اليوم لم توفق أوضاعها منذ سنوات طويلة  وحتى أن هناك بعض الإنتاج يخرج حتى عن سيطرة الحكومة في بعض مناطق النزاعات، ولا توجد خارطة جلوجيا لتحديد كميات الذهب الموجود داخل الأرض رغم أهميتها وإقامة بورصة للذهب ستسهم كثيراً في تثبيت عملية الأسهم ومنح  الأمان للمستثمرين في هذا المجال وسوف يتم البيع وفقًا لأسعار بورصة دبي الأمر الذي يجعل عمليات التهريب غير مجزية بالإضافة إلى أن عمليات المصادرة تمثل أحد الأذرع للحد من التهريب باعتبار ذلك تخريباً للاقتصاد الوطني.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى