شاكر رابح يكتب..  الانتخابات استحقاق دستوري (1-2)

حسب ما ورد في الفصل الثاني من الوثيقة الدستورية الحاكمة، الفقرة (1) تكون مدة الفترة الانتقالية 39 شهرًا من تاريخ التوقيع عليها على أن تجري انتخابات في نهايتها، إذ أن إجراء الانتخابات استحقاق دستوري حسمته الوثيقة وأصبحت مسألة وقت وترتيب فني وإداري ومالي، ومن المفارقات الغريبة أن تحدد سامانتا باور مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية موعد إجراء الانتخابات في السودان في العام 2022 كأنما تريد «جس» نبض القوى السياسية ومعرفة ردود الأفعال واستنتاج جاهزية أو عدم جاهزية الأحزاب والكيانات السياسية سواء كانت الحاكمة أو المعارضة والمدهش حقًا أن لا نسمع أي تعليق أو توضيح من مجلس السيادة وهو المنوط به إصدار المراسيم القاضية بتشكيل المفوضيات بما في ذلك مفوضية الانتخابات كما ورد في الفصل الثاني عشر الفقرة (3) البند «د» مفوضية الانتخابات.

للانتخابات أشكال وغايات وأنظمة مختلفة وهي عملية سياسية بالدرجة الأولى، من أشكال الانتخابات الاستفتاء وهو الذي يحدد خيارين لا ثالث لهما إما «نعم أو لا» وكذلك الانتخاب الفردي لاختيار شخص لملء المنصب الدستوري كرئيس الجمهورية أو المقعد النيابي التشريعي أو انتخاب رئيس القضاء أو النيابة وشكل آخر هو الانتخاب بالتمثيل النسبي، وهذا يجعل الناخب يصوت للقائمة الحزبية وفقاً للبرنامج والحزب هو من يختار من يمثله وهو أكثر عدالة وشفافية من الانتخاب بالدائرة الجغرافية التقليدية.                                     هذا، ومن ناحية أخرى وفي منتدى كباية شاي بمقر صحيفة “التيار” أكد وزير وزارة مجلس الوزراء خالد عمر وفي رد له على سؤال متعلق بموعد الانتخابات أكد الوزير أن الانتخابات سوف تجرى في يناير من مطلع العام 2024 وهذا بلا شك مخالف الوثيقة الدستورية.                                                     في تقديري تنبع أهمية الانتخابات التي سوف تضع حداً لمرحلة الانتقال التي تستند على شرعية الشارع لتنتقل بالجميع إلى شرعية الصندوق الانتخابي، وهي تعزز من الولاء الوطني للمواطن ويمكنه عبرها التأثير على صانعي القرار التنفيذي حيث تجرى الانتخابات على كافة المستويات أولها المستوى الاتحادي القومي يتمثل في انتخاب رئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان ثم يليه المستوى الإقليمي الذي يختار حاكم الإقليم أو والي الولاية والمجلس التشريعي كيفما اتفق مع قانون ونظام الحكم، إلى أن نصل إلى المستوى المحلي والذي ينتخب مجلس الشعب.

المشاركة في الانتخابات تعتبر حقاً من حقوق الإنسان وواحدا من أشكال حرية التعبير والاختيار لمن يمثل المواطن في الجهاز التنفيذي أو التشريعي، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تم اعتماده من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948 بما يشبه الإجماع، قد أقر الإعلان الانتخابات النزيهة والشفافة ضمان إعمال الحق في المشاركة في الشؤون العامة.

وقد نصت المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن:

(لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية) .

–  لكل شخص، بالتساوي مع الآخرين، حق تقلد الوظائف العامة في بلده).

وبالرغم من أن الجميع كيانات وأحزاباً سياسية ومنظمات مجتمع مدني متفقون على ضرورة قيام الانتخابات في موعدها عقب انقضاء مدة الفترة الانتقالية إلا أنه حتى الآن لا حديث عن متى يتم إنشاء مفوضية الانتخابات التي تعد للعملية الانتخابية من نواحٍ فنية وتقنية وقانونية وتحديد فترة    تسجيل الناخبين وتنقيح الكشوفات وتقسيم الدوائر وتحديد نسب الحسم لو أجريت الانتخابات وفقًا للقائمة النسبية.

وبما أن الحديث عن الانتخابات كاستحقاق دستوري لا بد لنا من التطواف حول تجارب الدول الأخرى والإشارة إلى أي مدى تطبق معايير الحقوق المتعلقة بالانتخابات والمعايير الدولية والقانونية.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى