عبد الله مسار يكتب : مذلة الإغاثة وإذلال الشعوب

درج كثيرٌ من الشعوب والدول تستجدي غيرها الدعم والإغاثة من شعوب ودول مثلها أو من منظمات ومؤسسات عالمية واقتصادية، وكثير منها تطلب الدعم لا لكارثة ألمّت بها وبشعبها، ولكن لدعم تغطي به حاجياتها اليومية من مأكل وخدمات، وهي دول وشعوب كسولة تريد أن تكون يدا سفلى، لأن الدعم الذي تطلبه يأتي من وفورات إنتاج هذه الدول المانحة،  ومن عرق جبين أبناء هذه الدول، بل يستقطع من قُوتها وعمل يدها، وهذه الشعوب المانحة تعمل ليل نهار لتوفر هذه المداخيل التي كان من المفترض أن تصرفها على أبناء أوطانها وشعوبها، ولكن تضطر  لتصرفها على شعوب عالة على العالم، إما لأنها كسول او تحكمها انظمة فاسدة وكاسدة أو تعيش صراعات وأزمات وحروباً فيما بينها تجعل منها دولاً وشعوباً غير قادرة على إعالة نفسها، وتتذرّع بعض الشعوب والدول أن مواردها منهوبة ومسروقة من هذه الدول الكبرى وتذهب بها ليستفيد منها انسان هذه الدول العظمى، ولكن الغالب الأعم ان الدول التي تتسوّل غيرها هي ذاتها مشغولة بضروب من الصراعات تقعدها عن دورها في تنميتها وتطويرها،  بل تجعلها في كل حين واقعة تحت ظل الدول العظمى، ولذلك طالبة للإغاثة والإعانة من غيرها ولا لدرء كارثة ألمّت بها، ولكن لحاجة حياة يومية.  وللأمانة هنالك دولٌ كثيرةٌ تحتاج لهذا النوع من الدعم  ولكن ترفضه وتصر أن يعمل شعبها لينتج قُوته بعرق جبينه وصنع يده.

السيدة انديرا غاندي عندما تولّت زمام الحكم في الهند  منعت المساعدات الإغاثية الدولية، فقيل لها الشعب الهندي سيموت من الجوع.

فردت: فليمت بشرف خير من أن يصبح عالة ويصير كل الشعب متسولاً بلا شرفٍ، وبعدها توجه الهنود كل الى فأسه ومعوله وقلمه ونهضت الهند.

وحدث ذلك في اليابان وفي كوريا وفي النمور  الآسيوية وحتى في دول أفريقية وفي دول أخرى.

المساعدات الإغاثية تقتل قدرات وإمكانيات الشعوب  وتحولها الى شعوب متسولة تقف في طابور طويل  للحصول على حفنة قمح أو قطرات زيت مغموسة  بإهانة الكرامة الإنسانية وتدمير عنفوان وقوة وقدرة الإنسان.

ويتحوّل الشعب الحر الأبي الى قط أليف كسول خامل  ينتظر حصة المُساعدات ويكون يداً سفلى لأنه يبيع عزته وكرامته. اليد السفلى لا تصنع مجداً ولا تقيم حضارة.

المساعدات تُمِيت الشعوب ولو كانت حيّة ولا تخلق شعبا مرفوع الرأس، ولكنها تخلق شعباً ذليلاً خنوعاً ومنكسراً مطاطئ الرأس، وديننا يقول اليد العليا خير من اليد السفلى.

أيها الشعب السوداني.. الى متى تظل تستجدي  وتشحذ شعوب العالم؟

الأرض السودانية بها خيرات الدينا، ولكننا نضيِّع وقتاً ثميناً في صراعات هايفة لا طائل منها، بل منذ الاستقلال، يقودنا حكام ضعاف صغار قصيرو القامات، أصحاب أيدٍ مُرتجفة وقلوب واجفة، أقصى  حدود طموحهم أن يقال فلان حاكمٌ أي موظف كبير،  وقد يكون قلم مخابرات ذليل أو حاكماً قليل حيلة وفهم  أو ممسوكاً عليه مذلة أو منقصة داخلية أو خارجية!

أيها الشعب السوداني. وأيها الحكام. كفى السودان  صراعاً وضياعاً وذلاً.

يجب ان نتفق على أن نسوس وطننا بالحكمة والرأي السديد  السليم.

الى متى نعيش تحت رحمة غيرنا ونحن نستطيع ان نرحم الآخرين؟

إنها فرصة لنا جميعاً، حكاماً ومحكومين أن نعالج هذا الخلل البيِّن في حياتنا وسلوكنا ودولتنا، وأن نرتفع الى مصاف الدول المتقدمة والعظمى، ويعلم الجميع أننا قادرون على ذلك وفي زمنٍ وجيزٍ وقريباً جداً.

يجب على الدولة أن توقف إغاثات الإذلال هذه وتتّجه نحو العمل والإنتاج وتوفر احتياجاتها.

المثل المحلي عندنا يقول (صوم يوم غنى سنة).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى