محمد عثمان الرضي يكتب : عيد الجيش

يحتفل الجيش السوداني في الرابع عشر من شهر أغسطس من كل عام بعيد الجيش، وذلك التاريخ يتمثل في الإعلان الرسمي لتأسيس الجيش الوطني تحت مسمى قوات دفاع السودان، وكان ذلك في الرابع عشر من شهر أغسطس عام 1954 حيث تولى الفريق أحمد محمد أعباء قيادة أول جيش سوداني وطني، ومنذ ذلك التاريخ ظل الجيش السوداني يحتفل سنوياً بهذه الذكرى العطرة والتي تصادف في الرابع من شهر أغسطس الجاري العيد رقم 67.

وتطل علينا هذه الذكرى الخالدة في الأيام القادمات ويشهد السودان تحولا سياسياً كبيراً عقب ثورة ديسمبر المجيده والتي أطاحت بنظام الحكم السابق والذي استمر قرابة الثلاثة عقود.

وظل الجيش السوداني أساس هذا التحول السياسي، وذلك من خلال انحيازه لخيار الشعب بإزالة الحكومة السابقة فلولا قناعة الجيش بهذه الخطوة الحاسمة في تاريخ البلاد لما نجح هذا التحول السياسي على أرض الواقع.

ومن باب تطبيق شعار جيش واحد شعب واحد فضل الجيش أن يلبي خيار الشعب منفذًا بذلك رغبته الصادقة في إحداث التغيير المنشود.

حيث تم ميلاد أول تحالف مدني عسكري عقب توقيع الوثيقة الدستورية ما بين المجلس العسكري والحاضنة السياسية قوى إعلان الحرية والتغيير نتج عنه تشكيل المجلس السيادي ما بين المكونين العسكري والمدني وكانت بمثابة تجربة حديثة تحدث لأول مرة في تاريخ السياسة السودانية.

يمتلك الجيش السوداني خبرات عسكرية وقتالية تفوق التصور وذلك من خلال خوضه معارك حربية داخلية في جنوب السودان قبل الانفصال اكسبته تجارب متعددة ومتنوعة في مختلف فنون وأساليب القتال ولم تقتصر الخبرات القتالية للجيش السوداني داخليًا فلديه إسهامات خارجية مميزة أثبت من خلالها جدارته وقوته في مختلف ميادين القتال وتأقلمه مع مختلف الطقوس في مختلف البلدان التي يتقلب طقسها من الحرارة الشديدة إلى البرودة الشديدة إلى جانب الظروف الطبيعية الصعبة في مختلف المواقع.

ووفقا لتصنيف الموقع الأمريكيglobal fire power المتخصص في تقييم الجيوش من حيث التدريب والتأهيل والتسليح والذي يقوم بإصدار تقرير سنوي لتصنيف أقوى 139 جيشا على مستوى العالم فإن الجيش السوداني احتل المركز رقم 26 عالميًا في العام 2021 ويقوم على إعداد هذه التقارير العسكرية السنوي خبراء ومختصون في المجال العسكري ولديهم إحصائيات دقيقة للعتاد الحربي والكتلة البشرية والإمكانات القتالية لكل جيش عسكري على مستوى العالم.

تعتبر كلية هيئة القادة والأركان من أعلى المؤسسات العلمية والأكاديمية والتي تمنح من خلالها أعلى وأرفع الدرجات العلمية ومعترف بها دوليًا وأصبحت منارة وقلعة علمية سامقة على المستوى الإقليمي والدولي.

منظومة الصناعات الدفاعية من أعظم الصروح العسكرية الشامخة في تصنيع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة والذخائر والمؤن الحربية حتى صارت مضرب الأمثال في الاكتفاء الذاتي من المرتب الحربي لجنودنا البواسل.

ظل الجيش السوداني يقاتل في العديد من الجبهات القتالية الداخلية وبإمكانياته الذاتية والمحدودة ويحقق العديد من الانتصارات العسكرية على أعدائه وكل ذلك في ظل الحصار الاقتصادي والسياسي والعسكري الذي ظل مفروضا على البلاد طيلة الثلاثة عقود الماضية، وفي ظروف الطبيعة القاسية من الأمطار الغزيرة وارتفاع درجات الحرارة القاتلة لم يتوانى الجيش أو ينكسر أمام الخصوم.

مشاركات الجيش السوداني خارج الحدود كانت مصدر فخر وإعزاز للشعب السوداني وضرب أروع وأعظم الأمثلة البطولية حتى صار نموذجاً يحتذى به وقدوة يقتدى بها وأصبح شرف الانتساب للجيش السوداني من الأماني الغالية التي يمني بها المواطن السوداني نفسه.

الانتصارات العسكرية التي حققها الجيش السوداني والمتمثلة في استعادة الأراضي السودانية المحتلة من قبل أثيوبيا في حدودنا الشرقيه وتحديداً بمنطقة الفشقة كان مثار إعجاب وإعزاز للشعب السوداني، وهو يشاهد جيشه الباسل يقود معركة الكرامة في استعادة مليون فدان من أخصب الأراضي الزراعية في السودان.

 

كان من المفترض أن تقوم احتفالات العيد الـ 67 للجيش السوداني في حدودنا الشرقية وتحديداً في الشريط الحدودي الذي يربطنا مع الجارة إثيوبيا وذلك من شأنه أن يرفع معنويات الجيش السوداني الباسل المرابط في الأحراش.

الإعلام أصبح السلاح الفاعل والفتاك والمؤثر وولى عهد هذه منطقة عسكرية ممنوع الاقتراب والتصوير، وذلك يتطلب تغيير العقلية العسكرية القديمة في التعامل مع الإعلام ولا بد من انفتاح الإعلام العسكري في خلق شراكات ذكية مع الإعلام من أجل عكس صورة الجيش السوداني المشرفة ودحض كل الشائعات المغرضة التي تستهدف التقليل من قيمة الجيش السوداني ولا يتأتى ذلك إلا بتعيين ناطق رسمي باسم القوات المسلحة يفهم لغة الإعلام وكيفية التعامل معه، فدور الكتيبة الإعلامية لا يقل بأي حال من الأحوال عن الكتيبة القتالية في أرض المعركة.

الاحتفال بالذكرى الـ  67 للجيش السوداني لا بد أن يخرج من الرتابة العسكرية الجامدة والروتينية ويكون عيدا خاصاً يحتفل به المواطنون قبل أفراد الجيش السوداني وكل على إسلوبه وطريقته الخاصة حتى يشعر المواطن السوداني أن هذا جيشه وملك، له قبل أن يكون ملكاً لقادته العسكريين.

سيظل الجيش السوداني بسيرته العطرة وانتصاراته المتعددة حامي حمى الوطن وحارسه الأمين وكل الأصوات التي تعالت في الفترة الماضية مرددة شعارات معادية للجيش يجب أن تعلم علم اليقين أن الجيش من الشعب وإلى الشعب ولم ولن يصوب بندقيته في صدر مواطنيه بل سيضحي بأغلى ما يملك من أجل حمايته

إضعاف الجيش مسلك عدواني يتنافى مع قيم الوطنية وكسر شوكة الجيش يدفع ثمنها المواطن خسارة وخذلاناً وسيندم عليها مدى الحياة.

دعم الجيش السوداني واجب وطني وفرض عين على كل سوداني داخل وخارج الوطن.

ومن يعمل خلاف ذلك فليراجع وطنيته وانتماءه لتراب الوطن.

الجيش السوداني يمثلني ويرفع رأسي ويعلي من مكانتي وسأظل أكن له حباً خاصاً من داخل أعماق قلبي.

موعدنا للاحتفال سويًا بعيد الجيش في الأراضي المحررة في الشريط الحدودي بشرق البلاد ولا يتأتى ذلك إلا بعد موافقة القائد العام للجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وموعدنا هناك إذا كان في العمر بقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى