Site icon صحيفة الصيحة

محمد إدريس يكتب : تفاصيل زيارة شاويش للقضارف وكسلا

بقلم

*تقول القاعدة التقليدية في نظريات كليات الإعلام والتي عنوانها (إذا عض كلب رجلاً، هذا ليس خبرا، أما إذا عض رجل كلباً فهذا هو الخبر)، معنى ذلك أن الخبر لا ينبني على المتوقع والعادي بل على الغريب والجديد الذي يبحث عنه المتلقي دوماً.

تطور نظريات الإعلام الحديث ذهب في اتجاه البحث عن ما وراء الخبر وعرض تفاصيل التفاصيل وعدم الاكتفاء بإيراد (خبر العض)..!!

*وتعليقاً على زيارة رئيس مسار الشرق خالد شاويش لولايتي كسلا والقضارف فإني كنت افترض وغيري كثيرين بأن زيارته للشرق ليست خبراً، بل الخبر هو عدم الزيارة بعد التوقيع على الاتفاق منذ أكتوبر الماضي بشهود دوليين واعتماد من دول الترويكا والإيغاد كضامنيين للاتفاق إلى جانب الاتحاد الأفريقي ومصر وقطر ومصر والإمارات، والافتراض ذلك أساسه دولة القانون وعماده هيبة السلطة وسقفه احترام الاتفاقيات وعدم الخضوع لابتزاز الجماعات.

*وسقط ذلك الافتراض أولاً بفعل وجود مخربين لا يريدون للشرق سلاماً.. وثانياً بفعل المعترضين الذين صعدوا من وتيرة اعتراضهم على الاتفاق إلى تهديد الحكومة بعرقلة أي زيارة

بل وصل الأمر إلى درجة نشر مقاطع فيديو وتسجيلات وتهديدات لجهات معلومة حال قدوم أي وفد يبشر بالسلام.. في نوفمبر الماضي عقد الشيخ سليمان على بيتاي مؤتمرا في تلكوك لدعم الحقوق المدنية وإنفاذ الاتفاق، ولكن منع القادمين من المشاركة واحتجزت  البعثات الإعلامية بفرية خوفهم من حدوث مشاكل، أما مؤتمر سنكات الداعي إلى رفض السلام وإقصاء الآخرين خاطبته الحكومة ثم أردفته بذهابها مرة أخرى إلى اركويت قبل اسبوع للاستماع لذات الاسطوانة المشروخة عن الحواكير والحدود والتاريخ كأنما هنالك صراع حول مراعي أو مزارع أو كأنما على الأمة أن تعيش وتحيا في كهوف الماضي، والأمر كله محض بحث عن مناصب ومغانم سياسية بطرق جهوية وخطب عشائرية..!!

*تأخر زيارة شاويش إلى الشرق تحسب له وليس عليه كونه ظل حريصاً على عدم الزج بحشود أنصاره ومؤيديه في حلبة الصراع.. والصبر على تنصل الحكومة وخضوعها للابتزاز لدرجة لم يكن الحديث سراً عن وجود جهات تدعم الرافضين وذلك لتوفير مبررات للتنصل عن مسار الشرق في خطوة غير موفقة لا تنظر إلى العواقب الوخيمة في إشعال الإقليم واحتجاج جهات إقليمية ودولية على عدم تنفيذ الاتفاق!

*دارت شائعات وطارت فبركات كثيرة حول زيارة شاويش التي استمرت لأربعة أيام.. حيث كانت تفاصيلها ناجحة وقوبلت بحفاوة من الشارع الكسلاوي والقضارفي.

وقمة نجاحها التلاحم الجماهيري والرسمي بين أهل توتيل والصومعة.. حيث التقى بواليي القضارف وكسلا وجماهيرهما في المدينتين وصعبت الأمطار من زيارة المناطق النائية.

*باعتباري رافقته طوال أيام الرحلة فإنني أروي بأمانة تفاصيل الرحلة التي ملأت الدنيا وشغلت الناس.. أولها أنه أدى صلاة العيد في ضريح الحسن الميرغني وسط حفاوة أهله وأصدقائه بعد أن عاد إليهم من رحلة إبعاد واغتراب امتدت لأكثر من عشرة أعوام.. وأمضى اليوم الأول بكامله في منطقة الختمية..

احتسى القهوة في مقهى الرياضيين مع عمنا (محمود) ومازح زملاءه ومعارفه ومضى معزيًا في كل وفيات وباء شكنغونيا وكورونا التي غيبت بالموت بعض الأحباب والأعزاء في كسلا الوريفة طوال السنوات المنصرمة!!

*اليوم الثاني كان مخصصًا لريفي كسلا بين ود شريفي وقلسا ودعم نادي (أكوبام) الرياضي.. والزيارات الاجتماعية التي شملت كل المكونات الاجتماعية والإثنية لكسلا.. طوال ذلك التجوال كان الترحاب والسرور هو الطاغي على حفاوة الزيارة.

*الشائعات تدحضها الوقائع، أولها التي زعمت بأن خالد شاويش زار كسلا بإذن مشروط من الفريق الكباشي وهو حديث تكذبه الوقائع إذ لا يتقلد الرجل حتى الآن منصباً حتى يخضع لتعليمات جهات لا يتبع لها.. وكانت ستنطلي الكذبة إذا كان الإذن من الدكتور الهادي إدريس عضو السيادي ورئيس الجبهة الثورية.. أما الكذبة الثانية أن ما يسمى بتجمع أهل القضارف قطع الطريق أمام الزيارة وهي ذات المجموعة المتحورة من قدامى الدستوريين بالقضارف التي ظهرت قبلاً بمسميات مريبة ومتعددة منها منبر البطانة وغيره ومعلوم لا وجود لها على الأرض

*في اليوم الثالث كنا في ضيافة ديوان القضارف الكبير ومكها وأميرها متوكل دكين ودمادا حفيد الرجل العظيم الذي فتح مطمورته للمحتاجين أيام المجاعة الشهيرة.. المك هو صومعة القضارف الأخرى وفي معيته كان لقاء أعيان ورموز القضارف.

*أما آخر نوبات الكذب التي سببها النجاح منقطع النظير للزيارة هو الحديث المنسوب عن طرد شاويش من قبل أهلنا الرشايدة، ولن يحدث ذلك من قوم كرام وكيل ناظرهم الشاب الخلوق مبروك عبد الله نافع الذي ظل متواصلا وداعماً للتعايش السلمي مثل والده الراحل فهذا الشبل من ذاك الأسد، أما رد شاويش  فسيكون بزيارة البحر الأحمر في الأيام القادمة وإقامة (مؤتمر شنبوب)

للتعايش السلمي بريفي كسلا ليضع مصداقية الحكومة على (المحك).

Exit mobile version