الإعلان الجديد.. قفزة في الظلام أم استجابة لمتطلبات المرحلة؟

 

الخرطوم: محجوب عثمان

دون سابق إنذار تم الإعلان عن جسم سياسي جديد يضم عددا من مكونات قوى الحرية والتغيير التي ظلت تدعو لإصلاح الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية فيما بدا وكأن الأمر إنشقاق أو بحث عن جسم جديد يفرض الوصاية على حكومة حمدوك، غير أن مكونات الجسم الجديد أكدت أنه خطوة في درب الإصلاح الذي ظلت تدعو له منذ أكثر من عامين وتستصحب قوى ثورية أخرى لم تكن تحت لواء الحرية والتغيير.

الاتفاق الجديد الذي تم بين المجلس المركزي للحرية والتغيير والجبهة الثورية وحزب الأمة القومي، كان هدفه توحيد الإئتلاف الحاكم وإدخال مؤسسات جديدة تمت هيكلتها وفق 3 مستويات تضم الهيئة العامة التي تم استحداثها وهي تُمثل قوى الثورة في المدينة والريف، بجانب المجلس المركزي الذي يُنفذ استراتيجية الهيئة العامة وقيادة الائتلاف، إضافة إلى المجلس القيادي الذي يُنفذ الخطط التي يضعها المجلس المركزي.

خلافات

وربما دعت الضرورة لخلق جسم جديد، بعد أن دبت الخلافات بصورة واضحة وكبيرة بين مكونات قوى الحرية والتغيير، وهي الخلافات التي بدأت منذ تجميد حزب الأمة القومي نشاطه في الحرية والتغيير في أبريل 2019، في مُحاولة للضغط عليها لإجراء إصلاحات واسعة في الإئتلاف ككل، واستمرت لتكون هناك مواقف مناوئة للبعض في كثير من المواقف لدرجة أن رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك خرج أكثر من مرة للحديث عن خلافات الحاضنة السياسية في الهواء الطلق كان آخرها حديثه عن الخلافات من خلال المبادرة التي طرحها للعبور بالسودان مؤخراً عندما قال: “إن التدهور الأمني الآن يعود بالأساس إلى التشظي الذي حدث بين مكونات الثورة، وإلى التشاكس في داخل قوى الحرية والتغيير وإلى خلافات بين المكون المدني والمكون العسكري”.

وحدة كاملة

بحسب بيان مشترك صادر عن الأطراف الثلاثة أمس الأول، فإن “قيادات الأطراف الثلاثة اتفقوا على وحدة كاملة بمؤسسات جديدة”، وتعهدت الأطراف الثلاثة بإجراء اتصالات واسعة بالقوى التي لم تُشارك في التكوين الجديد وبشركاء فترة الانتقال بغرض “بداية جديدة لحاضنة تُوفر الدعم للحكومة وتخدم مصالح البلاد العليا”، كما اتّفقت على تمثيل عادلٍ للنساء في الهياكل الجديدة بعد إجراء المشاورات مع الكيانات النسوية المنضوية تحت لواء الحرية والتغيير وقرّرت عقد اجتماع المجلس المركزي بتكوينه الجديد في غضون أسبوعين.

مكونات

أوضح الأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير،  في تصريح لـ”الصيحة”، أن الإعلان الجديد شمل (26) حزباً سياسياً و(18) قوى مدنية و(10) قوى مهنية، بجانب جميع الحركات والجبهة الثورية، وقال إنّ من أولويات المجلس الجديد التي ستناقش في أول اجتماع له البرنامج الاقتصادي والملف الأمني وإكمال ملف السلام والعدالة الانتقالية وبرامج إكمال هياكل الدولة الانتقالية ومنها المجلس التشريعي، مبيناً أن الرؤية بالنسبة للملف الاقتصادي واضحة وبدأت إعادة هيكلته بصورة صحيحة، فلا بد من رفع مستوى الإنتاج المحلي وتوجيه سياسات الصادر.

مشاورات

وقال البرير إن عدد أعضاء المجلس المركزي الجديد لا يزال خاضعاً للمُشاورات، على أن يضم كتلاً جديدة تتمثل في كتل أطراف السلام والمجتمع المدني وتجمع المهنيين، وتوقع الواثق أن تضم الهيئة العامة أكثر من 200 عضو، فيما يضم المجلس القيادي نحو 65 فردًا يمثلون كل قوى الحرية والتغيير.

توضيح

وربما فك القيادي بقوى الحرية والتغيير، عادل خلف الله, بعض مفردات الاتفاق، مبيناً أن الاتفاق على هيكلة ثلاثة مستويات في المجلس المركزي لا يعتبر قفزة في الظلام، وإنما خلاصة لمساهمة كافة الأطراف سواء في قوى الحرية والتغيير أو الجبهة الثورية أو حزب الأمة القومي، ونفى أن يكون الاتفاق بديلاً للحاضنة السياسية، وإنما استجابة لمعطيات ومتطلبات المرحلة، إلى جانب أهمية وجود مركز موحد قيادي يخطط ويدعم السلطة الانتقالية حتى تنجز الفترة الانتقالية بالممكنات التي ينشدها الأطراف التي توافقت حسب الإعلان.

وأكد خلف الله لـ(الصيحة)، أنّ الدعوة طُرحت داخل أروقة الحرية والتغيير من بعض فصائلها، إضافةً إلى مُقترحات ومُبادرات قُدِّمت من جهات وطنية، وقال إن الاتفاق عبّر عن شُعُور بالمسؤولية وهي خطوة في اتّجاه ملء الفراغ الناتج عن عدم الانسجام بين مكونات الفترة الانتقالية، بجانب غياب التنسيق الناجم عن غياب الإطار المُوحّد الذي يُحافظ على الخُصُوصيات والجامع للإرادة الوطنية.

خطوة إصلاحية

واعتبر الأمين العام لحزب الأمة القومي الواثق البرير، أن الإعلان السياسي الجديد خطوة مهمة جداً في الطريق إلى الإصلاح وإعادة الحياة السياسية، وكشف البرير لـ(الصيحة)، عن تكوين لجنة لاستقطاب الأحزاب غير الموقّعة والأحزاب التي انسحبت وآخرين لقيادة البلاد، بجانب تكوين لجنة للنّظر في طلبات بعض القِوى السياسية التي تقدّمت بطلبات للنظر في الاختلالات والشكل العام، لافتاً إلى استصحابهم المبادرات المطروحة ومنها مُبادرة رئيس الوزراء ومُبادرة حزب الأمة ومُبادرة جامعة الخرطوم، وقال “وضحت أنّ هنالك حاجة حقيقية لإصلاح كامل وفرصة أخيرة لتعود بها الحياة السياسية”.

غرق

وربما يرى القيادي بحزب البعث السوداني محمد وداعة رؤية أخرى من واقع أن الأطراف المكونة لهذا الإعلان لها الحق في أن تجري اتصالات واسعة بالأطراف التي لم تشارك بعد في التكوين الجديد وبشركاء الفترة الانتقالية باحثة عن بداية جديدة لتوسيع وشمول الحاضنة لتوفر الدعم للحكومة والفترة الانتقالية وتخدم مصالح البلاد العليا، ولكنها ليست حرة بالطبع في ادعاء أن ذلك هو طريق العبور من تركة نظام الإنقاذ والتي فشلت مجموعة المجلس المركزي لقوى الحرية في زحزحتها قيد أنملة، ويشير محمد وداعة في حديث لـ(الصيحة) إلى أن قوى الحرية والتغيير فشلت لعامين فشلاً ربما كان أكبر من فشل النظام السابق اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، مبيناً أن بناء مركز جديد وحاضنة جديدة مركزها أطراف البيان الثلاثة، سيجعلهم يصبون ماء بارداً على مبادرة رئيس الوزراء وينسفونها تماماً بدل الالتفات إلى تكملة نواقصها وإصلاح عيوبها، وقال “البيان محاولة للحاق بمواقيت تعيين الولاة وتكوين المجلس التشريعي”.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى