بأمر الشركات.. زيادة جديدة في الوقود ووزارة النفط آخر مَن يعلم

الخرطوم: رشا التوم

أوقَف أسامة، عربته أمام ماكينة طلمبة الوقود وطلب من عامل الطلمبة أن يملأ تنك الوقود وأخرج من جيبه مبلغ 10 آلاف جنيه تكفي في العادة لتكلفة ملء التنك، غير انه لاحظ ان المبلغ بعد اكتمال الملء تجاوز تقديراته بكثير، فتساءل بينه وبين نفسه عن السر قبل ان يطرح السؤال على عامل الطلمبة الذي افاده بأن قيمة الوقود قد ارتفعت منذ الصباح بحيث ارتفع لتر البنزين من 290 جنيهاً الى 320 جنيهاً، ليصبح سعر الجالون 1.440 جنيهاً، بينما ارتفع سعر لتر الجازولين من 285 جنيها إلى 305 جنيهات، ليصبح سعر الجالون 1.372 جنيهاً.

ألجمت المفاجأة اسامة لدرجة جعلته ينتفض كونه أحس بالخديعة من واقع أن لا جهة رسمية اعلنت عن رفع اسعار الوقود، وان الحكومة لم تصدر اي قرار برفع سعر الوقود وبدأ في مناقشة عامل المحطة، وسرعان ما تجمع عدد من اصحاب العربات ليقطع عليهم مدير المحطة حبل الحيرة ويبلغهم بان القرار حقيقي وصادر عن الجهات الرسمية ويبلغهم بأن الحكومة تعلم ذلك من واقع جردها كمية الوقود المخزنة في المستودعات.

قرار غريب

غرابة القرار لم تقف عن تطبيقه المفاجئ ودون اعلان، ولكن امتدت لتصل حد ان بعض مديري الطلمبات لا يعلمون به ولم يطبقوه، فقد اكد احد مديري محطة تابعة لشركة بترول شهيرة لـ(الصيحة) انه لم يتلق اي اشعار من شركته بزيادة سعر الوقود، وانه يقوم ببيع الكمية الموجودة لديه بذات السعر القديم لكنه لم ينف ان يكون هناك سعر جديد حال وصول تانكر وقود اليه ظهر الأمس باعتبار ان التانكر يحمل معه دائماً فاتورة تبين السعر، وقال انه حال وجد السعر اعلى من المعدل الطبيعي سيقوم بإيقاف البيع وتعديل ماكينات التوزيع وفق السعر الجديد.

تسعير بالهاتف

مدير محطة تابعة لشركة أخرى قال لـ(الصيحة)، انه تلقى صباح امس مكالمة هاتفية من ادارة شركته اخبروه فيها بإيقاف البيع ووقف توزيع الكمية الموجودة لديه لحين إشعار آخر، ولفت الى ان ذلك لا يحدث الا في حالة وجود سعر جديد، مشيرا الى انه اوقف بالفعل البيع ما جلب اليه سخطا كبيرا من اصحاب العربات الذين كانوا يقفون في الصف للتزود بالوقود.

صفوف

وبالامس، شهدت الخرطوم عودة كبيرة لصفوف العربات امام محطات الخدمة خاصة التي تم تقم بزيادة سعرها، وقال عدد من المواطنين استطلعتهم (الصيحة) إن رفع السعر وتوقف المحطات دفع العديد من المواطنين للخروج للحصول على حصة وقود توقعاً لازمة قادمة خاصة في ظل عدم الوضوح الذي صاحب قرار الزيادة الحالية التي طبقتها بعض الشركات دون الاخرى.

مكافأة

أشار مواطنون تحدثوا لـ(الصيحة) الى ان الحكومة استمرأت صبر الشعب السوداني وكافأته على خروجه مؤيدا لها في مسيرة 30 يونيو امس الاول بزيادة اسعار الوقود، رغم ان الاجتماع المغلق لمجلس الوزراء خرج بعد ثلاثة أيام ليقول انه منحاز لقضايا المواطن وتأكيد وزير رئاسة مجلس الوزراء خالد عمر في المؤتمر الصحفي الذي عقد بوكالة السودان للانباء الى ان الغاء الدولار الجمركي سينعكس ايجابا على السلع الضرورية، وقال نصا انه سيعمل على تخفيض اسعار الوقود من واقع ان الحكومة خفضت الضرائب والجمارك التي كانت مفروضة عليه، ولفت المواطنون الى ان ذلك مثل احباطا للمواطن الذي ظل نصيرا للسياسات، محذرين من امتحان صبر المواطن اكثر من ذلك، لافتين الى ان الزيادة الحالية تعتبر الزيادة رقم 7 في اسعار النفط منذ سقوط النظام السابق.

وزير النفط ينفي ويقر

ابتداءً، نفى وزير الطاقة والنفط جادين عبيد، علمه بتطبيق زيادة جديدة في أسعار الوقود، الخميس، ويقول لمحرر موقع “الموجز السوداني” قبل ان يعود ويقر بإجراء مراجعات لأسعار الوقود بحسب السعر العالمي للوقود وسعر الصرف للدولار، ويقول لـ”سودان تربيون” إن “هناك زيادة عالمية في سعر الوقود حاليا ما ادى الى ارتفاع أسعار المواد البترولية بنسبة 10% من الاسعار السابقة”.

وأكد ارتفاع سعر المواد البترولية في الشركات الحكومية بشائر والنيل بزيادة 20 جنيهاً للتر البنزين و30 جنيهاً للتر الجازولين، وقال من الممكن أن يرتفع أو ينخفض طبقا لأسعار الوقود عالمياً. وتابع “تلك الأسعار تمثل أسعارا تأشيرية للوقود ويمكن لمحطات الوقود الخاصة تغييره بالزيادة او النقصان”. وأوضح أن الحكومة تسلم الوقود للقطاع الخاص بالسعر الذي يتم الاستيراد به، لكنه يخضع لآليات السوق الذي يسمح لمحطات الخدمة الخاصة، بيع الوقود بأقل من سعره في الشركات الحكومية أو بأكثر من أسعارها طبقاً للسعر العالمي للوقود وسعر الصرف محليا.

ظلال سالبة

وأكد خبراء لـ(الصيحة) ان زيادة اسعار الوقود دون علم وزارة النفط والغاز ودون مشاورة وزارة المالية ربما يلقي بظل سالبة كبيرة على عملية الانتاج، اذ يؤثر بصورة مباشرة على عمليات الزراعة والحصاد والنقل ويزيد تكاليف الإنتاج، واعابوا ترك الحبل على غارب شركان استيراد البترول، مشيرين الى ان ذلك يجعلها دولة داخل دولة ومتحكمة في دوران عجلة الاقتصاد، واستنكروا ان يصرح وزير النفط بانه لم يعلم بزيادة في سعر الوقود إلا من مكالمة هاتفية مع صحفي استفسره عن الزيادة، ولفتوا إلى أن السعر العالمي والسعر التأشيري ينبغي ان يتم عبر غرفة مكونة من وزارة الطاقة ووزارة المالية وبنك السودان المركزي وشركات توزيع الوقود، وان لا يترك امر التسعير للشركات في سلعة تعد من اهم السلع الاستراتيجية.

استغلال

واستغرب خبير اقتصادي تحدث لـ(الصيحة)، مفضلاً حجب اسمه أن يكون قرار الزيادة مرتبطا بالشركات الحكومية من واقع انها هي التي تقوم بتوزيع الوقود المنتج محليا، ما يعني انها تبيع للمواطن الوقود المحلي بأكثر من الوقود المستورد، موضحا ان ذلك سيجعل هناك سعرين للوقود ويشجع على عمليات التهريب والسوق الاسود والتلاعب والفساد، مشيرا الى ان الوقود المنتج محليا يزيد عن نصف حاجة البلاد ما يعني ان الحكومة تستغل المواطن لزياتدة الإيرادات عبر بيع السلع له بأسعار مضاعفة، الأمر الذي يشير الى ان الحكومة تستغل المواطن بصورة واضحة لتحقيق اهدافها، ولم يستبعد ان تكون الحكومة بهذه الزيادة تريد تغطية العجز الذي نتج عن المنحة التي تم الإعلان عنها للعاملين بالدولة مؤخراً.

ضد الثورة

وصف عضو قِوى الحرية والتغيير، كمال كرار، قرار الزيادات الجديدة في أسعار الوقود بأنها غير مسوؤلة/ وأكد في تصريح لـ(الصيحة) وجود مافيا تسيطر على البترول وتعمل بموافقة الحكومة الحالية، وقال “لا يمكن أن يكون القرار الاقتصادي بأيدي نفس المافيا في عهد الرئيس المخلوع، وحال اقرت الزيادات وزارتا الطاقة والمالية فهي قرارات غير مسؤولة”، ونوه إلى أن الحكومة في موقف المتفرج وأوكلت المهام للقطاع الخاص والتمكين الاقتصادي للنظام السابق، واعتبره خيارا ضد الثورة ومصالح الشعب، وجزم بأن المواطن موعود بأن يقاتل في الشارع لان الحكومه لا تملك أدنى اهتمام بمعاش الناس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى