أسعار الدواء حدّث ولا حرج.. (1)

حماية المستهلك: من لم يقتنع بقيمة الدواء عليه أن يطالب بفاتورة واللجوء للقضاء

هؤلاء نسوا القسم الذي أدوه والدواء ليس مثل البصل أو الشعيرية

صيدلي: هذه أسباب أزمة الدواء في السودان

مواطن: بعض الصيدليات وهي معروفة تبيع بمزاجها ولا تجد من يردعها

تحقيق: محيي الدين شجر

واقع مؤلم  يشهده قطاع الدواء في السودان، حيث استغلت كثير من الصيدليات وبخاصة بالمستشفيات الكبيرة وأخرى معروفة بالاسم في وضع أسعار مرتفعة للأدوية، حيث كشفت جولة الصيحة أن جرعة تستخدم في علاج داء البروتون  تبيعه صيدلية بمائة وخمسين جنيهاً في حين أن سعره بالإمدادات الطبية فقط سبعة آلاف جنيه كما تضع صديليات معروفة أسعاراً خرافية لأدوية العلاج النفسي والسيولة  والمحاليل حسب مزاجها في استغلال بشع لحاجة المرضى الملحة للدواء،  ولا تجد تلك الصديليات من يتصدى لها أو يردعها..

لقد أدهشني أحد الباعة،  وأقول باعة لا صيدلي في صيدلية بشرق النيل بقوله حينما انتقدت بيعه لأحد الأدوية بسعر أكبر من باقي الصيدليات قوله: تركت كل السلع وركزت على الدواء.

مبعث دهشتي أنه يعتبر الدواء سلعة عادية  يزداد سعره وهو على أرفف الصيدليات كما يفعل التجار مع أن المفروض أنها تخضع لشروط مشددة كما يحدث في كل الدول..

اللجوء إلى القضاء

الأستاذ ياسر ميرغني الأمين العام لجمعية حماية المستهلك تحدث لي بحسرة عن ما يحدث في قطاع الدواء، وقال إن بعض الصيادلة نسوا القسم الذي أقسموه وفقدوا قيم الإنسانية، ولابد أن تعود مهنة الصيدلة إلى أصحابها الحقيقيين الذين أدوا القسم، وقال إن الدواء ليس مثل البصل أو الشعيرية أو الصلصة ليزداد سعره على حسب مزاج الصيدلية،  مشيرًا إلى أن ما يحدث هو أمر مخل، مطالباً  أي مواطن مستهلك لم يقتنع بالسعر أن يطلب فاتورة ويمكن أن يقاضي الصيدلية، وتسحب رخصتها، كاشفاً أن معظم الجشعين لا يستخرجون فاتورة بقيمة الدواء الذي يبيعونه خوفاً من المساءلة.

تحرير الدواء

بدوره قال لي الطبيب أسامة علي محيي الدين، إن قطاع الدواء في السودان ظل يشهد أزمات مستفحلة، وأصبح الدواء مثله مثل البصل يزداد سعره  بسبب الجشع وارتفاع الدولار والندرة في ظل عدم وجود رقابة من الجهات المختصة.

وأضاف:  في النظام البائد أثرى أشخاص كثر ببيعهم دولار الدواء الذي كان يمنح لهم بسعر مخفض بالسوق، فشيدوا البنايات الشامخة بأموال الدواء، والآن وعبر الفهلوة والندرة جنوا أموالاً طائلة وهنالك صيدلية معروفة بالاسم بالكلاكلة يتوفر فيها أي نوع من الدواء، ولكن بأسعار فلكية.. وقال إن أصحاب المنافع السابقة لن يتركوا قطاع الدواء في حاله وسيحاولون بشتى السبل إفشال أي سياسة تحجب عنهم مكاسبهم السابقة، مؤكداً أن تحرير الدواء هو الحل والسماح لكل من يريد استيراد الدواء باستيراده، ولكن وفق الشروط التي تضعها الدولة، ثم بعد ذلك إحكام الرقابة على الصيدليات ووضع عقوبات مشددة على المخالفين وعلى الذين يزيدون أسعار الدولار.

وزاد بقوله: في  مصر القريبة لا يتهاونون مع أي صيدلية تعمل على زيادة سعر الدواء، ونجد أن كل الأدوية تباع بسعر واحد في كافة الصيدليات لوجود نظام رقابي فاعل، ولكن بعض صيدليات السودان تبيع بمزاجها وبما يحقق لها الربح السريع،  ولا تجد من يردعها..

انفراج متوقع

قبل اكثر من أسبوع أعلنت  دكتورة يسرى محمد عثمان وكيلة وزارة الصحة الاتحادية، أن أزمة الدواء ستشهد انفراجاً كبيراً خلال أسبوعين، حيث ستتم وفرة تامة لكافة الأدوية المنقذة للحياة وأدوية الأمراض المزمنة، فيما سيتم حل  شح الدواء بشكل كامل ونهائي في غضون ثلاثة أشهر من الآن.

وأضافت دكتورة  يسرى في تصريح لـ(سونا)، عقب اجتماع اللجنة التنفيذية لمحفظة السلع الاستراتيجية، الذي تم عقده  بمباني مجلس الوزراء، إنه تمت جدولة مديونيات الإمدادات الطبية لدى مستوردي الدواء البالغ قيمتها (75) مليون دولار تسلموا منها بواقع الجدولة (11) مليون دولار بواقع الجدولة بالتتابع  (5/ 3 / 3) ملايين  دولار، وأنهم استأنفوا عملية استيراد الدواء على ضوء هذا الاتفاق.

وقالت دكتورة يسرى إن وزارة المالية أكدت التزامها التام بالحفاظ على استقرار سعر الدواء، من خلال الحفاظ على دعم استقرار أسعار دولار شراء الدواء.

وأضافت في تصريحاتها أنه سيتم  تحقيق وفرة الدواء من خلال 3 قنوات هي الصندوق القومي للإمدادت الطبية، الصناعات المحلية للدواء والاستيراد عبر القنوات المعتمدة.

مشكلات الدواء

فيما أشار لـ (الصيحة) الصيدلي مبارك  إلى أن قضية الدواء تتعلق بثلاثة محاور هي مؤسسة الإمدادات والتي تختص بالدواء الدائري، ودواء صيدليات الإمدادات ومسألة تسجيل الدواء والرقابة على الدواء، وذكر أنها حلقة واحدة متمثلة في أجهزة حكومية وقطاع خاص، وأوضح أن دواء الإمدادات الطبية يتركز في التأمين الصحي الحكومي وشوامخ ولاية الخرطوم.

وأضاف قائلاً: مصادر تمويل الإمدادات تأتي من بنك السودان  بصفتها تابعة للدولة وتغذية مؤسسات الإمداد بالدواء  تأتي من القطاع الخاص أو من مصانع محلية،    وقال إن الإمدادات الطبية تتأثر بصورة كبيرة بنقص المال كما تتأثر بالمديونيات الكثيرة لشركات الدواء مما يخلق نقصاً في الدواء إذا لم توفر المال لسداد المديونيات.

وأضاف أن من مشاكل الدواء أيضاً تسجيل الأدوية نتيجة للإجراءات الفنية  في المجلس القومي للصيدلة والتي دائماً تتأخر في تسجيل الدواء، وقال إن سبب تردي  الخدمة في المجلس القومي للصيدلة والسموم يعود إلى أنه تحت إدارة وزارة الصحة، وقال إن الدواء يحتاج إلى إدارة منفصلة كهيئة الدواء السودانية مثلاً.

وأوضح أن مشاكل الدواء أغلبها مشاكل إجرائية في التسجيل، وأشار إلى مشاكل أخرى تتسبب في شح الدواء مثل التأخير الذي يصاحب إجراءات المعمل التابع للمجلس القومي للصيدلة والسموم، وقال إن الدواء يأخذ وقتاً طويلاً حتى يقرر المعمل بأنه يصلح أم لا، موضحاً أن المعمل في مرات كثيرة يفرج عن الدواء قبل شهرين فقط من انتهاء صلاحيته، وزاد قائلاً إن حدوث أي خلل في المعمل يؤدي إلى تكدس الأدوية بالمعمل بدل أن تكون في السوق، وأضاف قائلاً: بسبب بطء إجراءات المعمل تتكدس الأدوية في مخازن الشركات وتكون أدوية منقذة للحياة ومطلوبة لعلاج المرضى..

وأشار إلى قضية رقابة الأدوية، وقال إنها سبب من اسباب أزمات الدواء، مبينًا أن رقابة الدواء تتم من قبل إدارة الصيدلة الولائية بتفويض من المجلس القومي للصيدلة والسموم.

وختم حديثه قائلاً: إن المطلوب لحل مشاكل الدواء أن تدمج كل مؤسسات الدواء في جسم واحد، ووضع نظام جديد تحت إدارة صيدلي ووزير لا يتبع لوزارة الصحة وأن لا يعرض الدواء من ضمن المشاكل العامة للوزارة يفترض أن يكون مؤسسة قائمة بذاتها، مبيناً أن مشاكل الدواء بسبب وجود خلل مؤسسي منذ البداية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى