في قضية مدبري انقلاب 89م .. المتحري: هروب (علي كرتي وصلاح الدين كرار)

 

جمال الدين الخليفة: لجنة التحري حجزت على كافة ممتلكات وأموال المتهمين الهاربين

المتحري: لجنة التحقيق أصدرت إعلاناً بالنشر لـ(6) متهمين هاربين في القضية

الاتهام: الانقلاب جريمة جنائية تحرمها القوانين العقابية والعسكرية وعقوبتها الإعدام

المحكمة توقف جلسة المحاكمة لغياب محامي المتهم الثامن محمد الخنجر

الخرطوم: محمد موسى

حملت جلسة الأمس في قضية مدبري انقلاب 30 يونيو 1989م العديد من المفاجآت، حيث أزاح المتحري عقيد شرطة جمال الدين محمد الخليفة، الستار لهيئة المحكمة المنعقدة بمعهد تدريب ضباط الشرطة بالأدلة الجنائية الخرطوم برئاسة قاضي المحكمة العليا أحمد علي أحمد، وعضوية قاضيي استئناف، وكشف لها  عن هروب  (6) متهمين وإخفاء أنفسهم للحيلولة دون القبض عليهم على ذمة القضية وعلي رأسهما وزير الخارجية الأسبق علي كرتي ، والعقيد مهندس بحري صلاح الدين كرار.

في وقت تواصل فيه الجدال القانوني بين هيئتي الاتهام والدفاع وذلك على خلفية  وصف   عضو هيئة الاتهام المحامي عبد القادر البدوي، لبعض ممثلي دفاع المتهمين بالاستهتار خلال سير جلسات المحاكمة، وعزا ذلك لطلباتهم المتكررة ومناقشتهم لقرارات المحكمة، في المقابل استهجنت هيئة دفاع المتهمين وصفهم بالمستهترين من قبل الدفاع ووضعوا خيارين إما إلزام عضو هيئة الاتهام بسحب عبارة (استهتار) واعتذاره للدفاع أو منح المحكمة الدفاع الاذن لمقاضاته معتبرين الوصف إشانة سمعة وسباب لهم، فيما أكدت هيئة الاتهام عدم إساءتها لأي من محامي دفاع المتهمين – وأبانت الهيئة بأنها ذكرت عبارة مستهترين بناء علي سلوك بدر من بعض ممثلي دفاع المتهمين  وهو امر ثابت بمحضر المحاكمة بحد تعبيرهم  .

من جانبها حددت المحكمة الفصل في طلب الدفاع في جلسة قادمة بعد إيداع محامي الدفاع ابوبكر عبد الرازق، رده علي الاتهام مكتوباً ومطبوعاً لهيئة المحكمة .

محاولة الزج بالمحكمة 

وعند مستهل جلسة الأمس دفعت هيئة الاتهام في قضية مدبري إنقلاب 89م ، بتعقيبها علي ردود هيئة دفاع المتهمين حول إعتراضهم ورفضهم ما وصفهم بـ(المستهترين) من قبل عضو هيئة الاتهام المحامي عبدالقادر البدوي، موكدين للمحكمة التزام هيئة الاتهام  باحترام وتقدير كامل أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين وفقاً لروح الزماله بينهم كمحاميبن أبناء مهنة، وأكد عضو هيئة الاتهام المحامي عبدالقادر البدوي في تعقيبه على رد هيئات الدفاع عن المتهمين على وصفه لهم بعبارة (مستهترين) أكد البدوي للمحكمة بأن العبارة لم يشمل بها كامل ممثلي الدفاع في المحكمة إنما الوصف جاء بناءاً على سلوك بدر من قبل بعض محاموا الدفاع وثابت بمحضر المحاكمة مؤكدا للمحكمة بأنه اطلق العبارة لم يقصد بها الا من صدر منهم ذلك السلوك، وأوضحت هيئة الاتهام بأن بعض من محامو الدفاع حاولو الزج بالمحكمة في إعتراض الاتهام على طلباتهم _ إلا أن الاتهام اعتراضه كان موجهاً لهيئة الدفاع عن بعض المتهمين ولم يأت ذكر المحكمة على لسانه، مشدداً على أن المحكمة أقدر على ضبط إجراءات جلساتها ومعاقبة المسيء لها إن أرادت، ونوه البدوي للمحكمة بأن وصف الدفاع لهم بالناشطين السياسيين وخصوصاً للمتهمين وهم يعلمون أن الانقلاب على الحكم الديمقراطي جريمة جنائية تحرمها كافة القوانين التي صدرت بالبلاد منذ استقلالها بشقيها العقابية والعسكرية ولعل آخرها القانون الجنائي السوداني لسنة ١٩٩١م الذي أصدرته الإنقاذ ذات نفسها، وتنص فيه على أن الانقلاب جريمة جنائية عقوبتها الإعدام، مؤكداً بأنهم لا يمثلون خصومة سياسية مع المتهمين إنما خصومة وطن وشعب يدافعون عن كرامته وقامته ويبذلون كل الجهد بأن لا يفلت من ارتكب في حقه جرماً من العقاب وحول وصف الدفاع لهم بالناشطين السياسيين وخصوم المتهمين، أكد البدوي للمحكمة بأنهم يمثلون أمامها ثورة ديسمبر المجيدة التي تلاقت فيها إرادة القوى السياسية مع ارادة الملايين من أبناء الشعب السوداني وتكللت ثورتها بإسقاط النظام البائد والوقوف خصماً له أمام المحكمة لمحاكمته عن الجرائم التي ارتكبها في حق الوطن والشعب وأولها جريمة الإنقلاب الذي أسس لحكمه غير المشروع وهنا أوقفه قاضي المحكمة قائلاً له : (بأن المحكمة سبق وأن أوقفت هيئات الدفاع عن المتهمين بأنها لن تأخذ بأي حديث سياسي في طلباتها وستقوم بحذف اي عبارات سياسية وردت في ردود هيئة الدفاع ولن تأخذ بها في محضر المحاكمة) .

إضرار بالحق العام

وأكدت هيئة الاتهام في تعقيبها على أن السلوك الذي انتهجه بعض ممثلي الدفاع في الاعتراض على قرارات المحكمة ومناقشتها فيها وعدم الانصياع لأوامرها وتكرار الطلبات يضر بهم في الاتهام، لا سيما وأنه قد انقضى العام ولم تبارح الدعوى الجنائية مكانها وهو أمر يضر بالحق العام الذي يمثلونه أمام المحكمة ويحمون مصالحه عبر محاكمة عادلة ينتظرها الملايين من أبناء الشعب السوداني الذين تضرروا من الجريمة محل المحاكمة، مما يمنحهم الحق في تقويم السلوك الذي أضر بهم في قضية الاتهام وما زال وذلك وفقاً لنص الماده (59-(في الفقرات أ،ب،و) وذلك من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م، وأكدت هيئة الاتهام للمحكمة بأنها لم توجه أي إساءة شخصية لأي من ممثلى هيئة الدفاع ولم يحطوا من قدر أحد فيهم وإنما أشار عضو هيئة الاتهام عبد القادر البدوي، الى سلوك بدر بالفعل من بعض ممثلي الدفاع لم تشهده أروقة المحاكم السودانية من قبل مشيراً الى أنه سلوك قد صدر بالفعل وأصر عليه من قاموا به وأقل ما يمكن أن يوصف به هو استهتار بإجراءات المحاكمة، موضحاً للمحكمة بأن هيئة الاتهام لم تضع أحداً أمام موقف لتقويم سلوكه ولكنها الحقيقة التي شهدتها جميع جلسات المحاكمة وحدثت أمام المحكمة وشاهدها واستنكرها العالم أجمع ولا سبيل لإنكارها ولا يحتاجون لحصرها، وأشارت هيئة الاتهام الى أنه كان على هيئة الدفاع بدلاً عن الاحتجاج والتذمر وافتعال هذا الزخم غير المبرر الرجوع الى الحق ومراجعة سلوكهم المقصود الذي كان دافعاً لمن يمثلونهم وأردفت هيئة الإتهام قائلة: (وما إصرار المتهم (20) على عثمان محمد طه، على الحديث أمام المحكمة عند تلاوة أقواله عليه بواسطة المتحري ببعيد عن الأذهان) بحد تعبيرهم .

وختمت هيئة الاتهام في تعقيبها للمحكمة بأنهم لا يبتغون سوى محاكمة عادلة يلتزم فيها جميع هيئتي (الإتهام والدفاع) بإجراءاتها وقواعدها.

استبعاد تعقيب الاتهام

في ذات الإطار طالب محاميا الدفاع عبد الباسط سبدرات، وابوبكر عبد الرازق، من المحكمة استبعاد تعقيب هيئة الاتهام كمجموعة على ردرود هيئات الدفاع على وصفهم بالاستهتار من قبل عضو هيئة الاتهام المحامي عبد القادر البدوي، مشيرين إلى أن البدوي هو من اساء للدفاع بذلك الوصف وقذفهم به- وبالتالي عليه ان يعقب للدفاع بذات نفسه وليس هيئة الاتهام بكاملها، فيما اعتبر محامي الدفاع سبدرات، تضامن هيئة الاتهام وتعقيبها على الدفاع يجعلها توافق على مسألة الإساءة للدفاع باعتباره أمراً حقًا وضرورياً، وطالب محاميا الدفاع من المحكمة الكشف عن أعضاء الاتهام الذين وقعوا على تعقيبهم للدفاع واحدا تلو الآخر، حينها نهض عضو هيئة الاتهام المحامي عبد الرحيم جاه الرسول، من مقعده وامسك بالمايكرفون وأعلن بصوت جهور للحضور بقاعة المحاكمة بأن هيئة الاتهام عن الحق العام في الدعوى الجنائية مسئولة عن كل ما ورد في التعقيب الذي تلاه احد اعضائها، وأردف بقوله للمحكمة بأن كل ما جاء في التعقيب يمثل هيئة الاتهام.

إساءة لا يقبلها الدفاع

في ذات الوقت استهجن رئيس هيئة الدفاع عن المتهمين المحامي عبد الباسط سبدرات، على اعلان كامل هيئة الاتهام تضامنهم ومسئوليتهم على  ما ورد في تعقيبهم  جراء وصف عضو هيئة الاتهام عبدالقادر البدوي، لممثلي الدفاع بالمستهترين، منوهاَ الى انه لامر جلل ويجب ان لا تستمر المحاكمة حتي تقرر المحكمة وتفصل في طلبهم بقبول الاساءة او تلزم ممثل الاتهام بالاعتذار لهيئة الدفاع، مبيناً بأنهم في الدفاع قد تفاجئوا إعلان كامل هيئة الاتهام مسئوليتهم بما وصفهم به محامي الاتهام عبدالقادر البدوي – مما يعتبر تبني واضح لهيئة الاتهام للامر وان في ذلك اساءة لهيئة الدفاع لا يقبلونها.

تاجيل الفصل في الطلب

من جهتها الزمت المحكمة المحامي أبوبكر عبد الرازق ممثلاً للدفاع عن المتهم الثالث عشر إبراهيم السنوسى ، بإحضار رده على وصف عضو هيئة الإتهام عبدالقادر البدوي لهم بـ(المستهترين) مطبوعاً حتى يتسنى لها تسليم الإتهام نسخة منه للتعقيب على ما جاء فيها، ورفضت المحكمة طلباً لهيئة الدفاع عن المتهمين بإيقاف جلسة المحاكمة لحين الفصل في طلبهم، وبررت المحكمة رفضها الطلب بتأجيل الجلسة الي أخرى والسير في اجراءات المحاكمة ليس سبباً كافياً لتعطيل إجراءات المحاكمة .

إعلانات لمتهمين هاربين 

فيما كشف المتحري للمحكمة بأنه وبتاريخ 18/3/2020م أصدرت لجنة التحقيق في القضية إعلانا بالنشر بثلاث صحف سيارة منهما صحيفتي (اخر لحظة /والتيار) وفق نص المادة(87) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة ١٩٩١ م  لبعض المتهمين الهاربين في الدعوى الجنائية لتعذر القبض عليهم وإخفاء أنفسهم للحيلولة دون القبض عليهم، وأكد المتحري للمحكمة بأنه تم الحجز على جميع ممتلكات المتهمين الهاربين بموجب المادة (79) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة ١٩٩١م، ونوه المتحري إلى أن المتهمين الهاربين في القضية هم (الهادي عبد الله محمد العوض/ محمد عبد الحفيظ /عمر سليمان آدم يونس / صديق فضل سيد أحمد/ علي أحمد كرتي/ صلاح الدين كرار).

تأجيل وغياب محامٍ

وفي أثناء انعقاد جلسة المحاكمة بالأمس نهض المتهم الثامن اللواء معاش محمد الخنجر الطيب، من مقعده بقفص الاتهام والتمس من المحكمة إيقاف الجلسة وذلك لغياب محاميه في الدفاع هاشم أبوبكر الجعلي، مبيناً بأن محاميه لم يجر اتصالاً هاتفيا عليه ليطلعه على أسباب غيابه عن الجلسة، من جهتها وافقت المحكمة على طلب المتهم الثامن وقررت المحكمة تأجيل الجلسة لأخرى حددتها (الثلاثاء) المقبل، مؤكدة بأن طلب المتهم هو قانوني ومشروع .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى