سراج الدين مصطفى يكتب : نقر الأصابع 

أبوعركي البخيت.. الملجأ والملاذ!!

أصبح في الفترة الأخيرة عبارة عن طوق نجاة للكثيرين من أمثالي الباحثين عن لحظة هدوء تبعدنا عن مشاغل الحياة وهمومها.. وأبوعركي من أقدر الناس الذين يمكنهم مسح الأحزان التي بدأت تتراكم.. وحينما نسمع بأن سعر الدولار ارتفع.. يصبح صوت أبوعركي هو الملجأ والملاذ.. وهو الذي يستطيع أن يخفض من معدلات الأحزان.. وأبوعركي حينما يقول بصريح العبارة بأنه حزين لما يحدث في الوطن.. فهو لحظتها يعبر ويستلف لسان شعب كامل لا يستطيع أن يبوح أو يقول ما يريد.. وهكذا هو ظل على الدوام هو لسان حال المغلوبين والغبش.. وكما تغنى لهم:

ديل أهلي الغبش دغشاً

بدري مرقو النفير

شالوا النهار حتى العصير

ما كلو يوم ولا قصروا

أمل الغبش ينزل سحاب

يروي الأرض ويحيي التراب

العيش يطول وسط الكداب

زرعاً غزير ما أنضرو

لذلك سوف أظل أردد على الدوام (حينما أعاين لهذا العشق الجارف لأبوعركي.. لا أستغرب أو أستعجب أو أندهش.. فالتفاسير واضحة كالشمس في رابعة النهار.. ولعل عركي قدم نموذجاً فنياً لكل الأجيال الجديدة أن تستلهم منه معنى البقاء والخلود في أذهان الناس.. ومن يراهن على الصدق والإنسان لن يخسر.. وأبوعركي كسب الرهان..

والحزن يتمدد على قارعة الطرق وفي عيون الناس.. وفي كل تفاصيل الحياة.. ذلك ما دعا أبوعركي للتعبير المباشر عن حزنه الكبير على حال الوطن وما وصل إليه من تردٍّ في كافة المناحي.. وذلك بالضبط ما جعل أبوعركي يغني أغنيته (تعالوا نغني).. وهي من الأغاني ذات التفكير المباشر.. وكلماتها لا تقبل التأويل والتحوير فهي تصوب بناحيىة الهدف تماماً ولا تتوارى خلف الخوف.. وأبوعركي من تلك العينة التي لا تعرف الخوف.. وإن قد صمت طويلاً.. فذلك هو صمت القادرين على الكلام.. والكلام يصبح أكثر وضوحاً حينما يقول:

أديني رأيك بصغي ليك.. بوضح وجهة نظري فيك

فأسمعني..

الحد الأدنى بينا يكون لغة الحوار

نعترف بأنو وطن بيعاني..

شيل بهناك..  أشيل معاك أنا بهنا

بركز معاك أنا بهنا

أسند قفاي.. ندفأ بحب في بعضنا

عاين لي أقراني ومهد  لي أقراك

خت أيديك في وجه القبح

بخت أيدي أنا معاك..

ندافع عن وطن مرهق.. من تالاي ومن تالاك

ومن تالاي وتالاك تعال ننضم حرير

نربط بطونا شديد عشان أطفالنا من الجوع بتتباكى.

حينما يغيب الحوار تسود لغة العنف .. في وطن مرهق الملامح!!

لا أظن بأن هناك أعمق من تلك اللغة التي تعتريها ملامح الحوار.. ولعل غياب الحوار هو الحلقة المفقودة التي جعلت الوطن يعيش حالة من التأرجح وصلت إلى مرحلة الأزمة.. ليس حينما يغيب الحوار تسود لغة العنف.. في وطن مرهق الملامح كما وصفه أبوعركي.. وحينما يرهق الوطن ويعتب.. ذلك ينسحب على الجميع.. لذلك تعالوا نغني مع أبوعركي ونردد خلفه:

تعالوا نغني غنا الأيام الجاية كتير

ونفرح بيها سماء السودان

تعالوا نلم ألوان الطيف الفي الخرطوم

أبناء شعبي والفي أم درمان

تعالوا نفكر أيه البحصل في السودان

الجوع المرض..  الخوف.. الشك

عدم اطمئنان هد الإنسان!!

هذه الكلمات المهمومة والمشحونة بالصدق تعرفت عليها من خلال العلاقة الإنسانية مع أبوعركي البخيت تمكنت من معرفة قوة الخيال عنده وصراع الأفكار المثيرة.. وأهم من ذلك، اقترابي استشفاف الطاقات الخلاقة الكامنة في روح هذا الفنان البديع.. ومما لا شك فيه أن الاستماع لأغنياته باستغراق هو نوع من الاكتشاف لخبايا هذا الإنسان والفنان المختلف بقدر كبير عن الآخرين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى