محمد علي التوم من الله يكتب.. هاجس السكن.. مستجدات خطيرة!! (2)

× قلنا إن السكن يعتبر أحد أهم مرتكزات الحياة الضرورية للإنسان ويأتي بعد الغذاء والأمن وهو أساس الاستقرار وبناء الأسرة والفرد والمواطن الصالح, وهو المكون الرابط لكيان المجتمع والدولة.. وأشرنا في العدد السابق إلى أن ثمة مهددات خطيرة قفزت لواقعنا المعاش بالسودان بدأت تهدد السكن الآمن, في مقدمتها التدهور الاقتصادي الذي طرأ على البلاد مؤخراً وارتفاع الأسعار بمعدل جنوني “يومي” الشيء الذي ألقى بكل ثقله على حياة الغالبية العظمى من الأسر السودانية أفراداً وجماعات..

× وفي هذه العجالة سنقدم نماذج متعددة لمستجدات خطيرة تهدد السكن وبالتالي تطيح بالكثير من الأسر إن لم نتحسب لها على وجه السرعة ونعي أخطر نتائجها.. أشرنا في البدء لنموذج المواطن “حسن” الذي اضطرته الظروف التي ذكرناها والتي تعانيها كل أسرة إلى بيع نصف مساحة منزله لاستثمار العائد في شراء ركشة علها تساهم في سد الفجوة والعجز المتسارع في الوفاء بضروريات الحياة الملحة, لكن سرعان ما فشل هذا الخيار لأن التسارع في ارتفاع الأسعار يظل أكبر فأضطر لبيع ما تبقى من المنزل والنزوح لمسكن في الأطراف البعيدة وكل ذلك للبحث على ما يعينه للوفاء بالمتطلبات الضرورية الملحة لأسرته, فكان “المسكن” هو الضحية الأولى وحسن هذا نموذج متكرر تدق حالته ناقوس الخطر..!

× الحالة الثانية هي حالة الارتفاع الجنوني للإيجارات وقديماً وفي البدء ومنذ الاستقلال والحقب التي تلته لم يكن السكن يمثل هاجساً للمواطن السوداني البتة وحتى لو لجأ أي مواطن للاستئجار فإن الاستئجار يمثل تقريباً أقل من 20% من دخله.. ثم وبعد التسارع الذي عايشناه عقب حقب متتالية من الحكومات المتعاقبة والهجرة المكثفة للعاصمة وعواصم المدن والمدن لمست تسارعاً مجنوناً للحصول على السكن فزاد ذلك من طلبه شراء أو خططاً إسكانية أو إيجارات حتى أصبح الإيجار اليوم يفوق دخل الفرد والأسرة أضعافاً مضاعفة ناهيك عن الحصول على مسكن ملك حر.. خصوصاً أصحاب الدخل المحدود.

× الغريب أن البعض بدأوا يفكرون في شراء شقق في مصر باعتبارها أقل سعراً من الخرطوم وأفضلها استثماراً مما دفع هؤلاء لخيار الهجرة والحياة هناك هروباً من لهيب الغلاء الطاحن!!

× الحالة الثالثة من المستجدات الخطيرة هي الارتفاع الجنوني في أسعار مواد البناء, هذا الذي وضع أحلام الشباب في بناء عش الزوجية في مهب الريح, فما عادت الأغنية التي كان يرددها الفنان الراحل سيد خليفة:

يا قماري أبني عشك قشة قشة

وعلمينا كيف على الحب دارنا ينشأ

ما عاد هذا الصوت الحنون يجدي الحكومات في أن تضع قضايا سكن المواطن ضمن مسؤولياتها المهمة جداً جداً وأن ما يترتب على انهيار تلك “الأعشاش” من تشريد وضياع وتفكك وتدنٍّ بل وإخفاق في أداء العمل فيما يلي الطبقة الوسطى والادنى حيال واجباتهم الأسرية أو الوطنية في “لعب الحكومة المتنوعة” ورتق النسيج الاجتماعي هذا فضلاً عن فقدان أهم مقومات التنمية ألا وهي المواطن.

ونتابع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى