الغالي شقيفات يكتب.. الانقلاب العسكري

قال الفريق الركن بحري مستشار إبراهيم جابر، عضو المجلس السيادي، إن القوات المسلحة بها قانون يجرم الانقلابات العسكرية، ويصفها بأنها جريمة كبرى وهذا قانون واضح في الجيش. وأوضح في حواره مع “المواكب” أنّ القوات المسلحة لا تعمل انقلاباً بمفردها إلا بوجود حواضن سياسية، ودعا إلى وضع فقرة واضحة في الدستور المقبل تجرم عمل الأحزاب داخل القوات المسلحة، والفريق إبراهيم جابر ضابط محترف ومؤهل أكاديمياً وعسكرياً وحديثه يعتبر حديث العارفين، وتخرج في مدرسة تتميّز بالانضباط والنزاهة والشرف والتضحية.
وحديث إبراهيم جابر يجسد فكرة الاحتراف العسكري في الدول الديمقراطية، وهذا مؤشرٌ بأن الجيش سوف يقبل شرعية المؤسسات الديمقراطية، والآن أغلبية الدول الأفريقية تبنّت القيم الديمقراطية والمبادئ الأساسية للاحتراف العسكري في دساتيرها.

وهذا ما نحتاجه اليوم في السودان، خاصة بعد تنفيذ الترتيبات الأمنية، حيث يجب أن يخلع كل قائد جلباب حركته أو تنظيمه ويعمل من أجل بناء جيش قومي بعقيدة قتالية موحدة، هدفها حماية العرض والأرض وحب الوطن والتي تأتي من خلال التدريب في المعسكرات وكليات الأركان، وصولاً إلى الولاء الوطني واحترام المجتمع المدني والتحول الديمقراطي، وعندها الجيش لا يتحدى النظام الدستوري، والانقلابات العسكرية لا تصبح مصدر قلق للمواطن والقوى السياسية، والانخراط في السياسة من حق الجميع، إلا أن الجيوش في العالم ينظر لها كقوى محايدة.

ووضع السودان الآن غريب جداً، عناصر حاملة للسلاح تُكوِّن أحزاباً، وشخص رئيس حركة أو تنظيم يكون ضابطاً في القوات المسلحة كحركة بخيت دبجو الذي يحمل رتبة لواء في الجيش السوداني وهو رئيس حركة، ودائماً في العالم الثالث تأتي الانقلابات العسكرية عقب الأزمات الاقتصادية والفشل السياسي، وترتفع عادة مكانة الجيش عند المواطن.

وبالعودة إلى حديث الفريق إبراهيم جابر، لا بد من منع ممارسة العمل السياسي داخل القوات المسلحة، وهو ضمانٌ لاستمرار العمل الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة وترسيخ مفاهيم الديمقراطية واحترام حقوق الأقليات ورأي الأغلبية وفرض احترام الدستور.

وفي ظل الترتيبات لبناء جيش كبير بمشاركة الجماعات التي وقّعت على اتفاق السلام، يجب معالجة أمر الدستور وحيادية الجيش، وعندما يضمن الجيش التداول السلمي للسلطة في بلاد يسمح فيها للأحزاب بالعمل العلني والتنافس الانتخابي ويقبل المواطن بالنتيجة مهما كانت ويتشجع للدورة الثانية ويهيئ نفسه للأعوام الأربعة القادمة. ونموذج النيجر الذي أوصل الرئيس محمد بازوم إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع شجّع الأحزاب الأفريقية على خوض الانتخابات.

والسودان موعود بالتداول السلمي للسلطة أسوة بالعالم الآخر مهما تطاول دعاة الديكتاتورية والتسلط، ونحن ليس نشازاً عن العالم من حولنا، كما أن أحزابنا عليها أن تهيئ نفسها للديمقراطية والانتخابات، لأن المراحل القادمة الفيصل فيها صناديق الاقتراع، وأن الجيش وفقاً للدساتير القادمة مهامه حماية الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.

وبعد رحيل البشير اختقت عمليات تسييس المؤسسة العسكرية وتراجع دورها في السياسة والاقتصاد، وبالترتيبات الأمنية أيضاً ستختفي أجندة بعض الحركات وعلاقة قادتها بالجهات الخارجية وهو أمر يساعد في اختفاء خطر التقسيم.

ومن أهم بركات ثورة ديسمبر توافق القوى الحية على أهمية التداول السلمي للسلطة، والتوجُّه نحو التحول الديمقراطي بعد معالجة القضايا الشائكة وإحلال السلام، إضافةً إلى رفع الوعي وتقوية الأحزاب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى