إلغاء قانون المقاطعة بين الخرطوم وتل أبيب.. رصف الطريق

تقرير – نجدة بشارة

أثار قرار إلغاء مسودة (قانون مقاطعة إسرائيل لسنة 1958م) والذي بموجبه يجرم كل من يتعامل مع دولة إسرائيل، جدلاً كبيراً  ومقاطعات على منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومبارك للخطوة واعتبارها قفزة واسعة للخرطوم تجاه تل أبيب.. وبداية لرصف الطريق بين الدولتين، بينما عبرت شريحة أخرى عن امتعاضها لقرار إلغاء المقاطعة لاعتبار أن الخطوة بداية لمشروع التطبيع الكامل بين السودان ودولة إسرائيل.

ومؤخراً أعلن وزير العدل نصر الدين عبد الباري، أن بلاده ألغت رسميًا قانون مقاطعة إسرائيل وكتب في تغريدة: “أجزنا في الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء الإثنين  مشروع قانون التعديلات المتنوعة (اعتماد النظام المالي المزدوج)، ومشروع قانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، ومشروع قانون الاستثمار، ومشروع قانون بإلغاء قانون مقاطعة إسرائيل”.

ما وراء الإلغاء؟

يذكر أن قانون مقاطعة إسرائيل في السودان كان يقوم على المقاطعة الشاملة لإسرائيل، من خلال حظره على أي شخص أن يعقد بذاته أو بالوساطة اتفاقاً مع أي من الهيئات أو الأشخاص المقيمين في إسرائيل، أو يعلم أنهم ينتمون بجنسيتهم إليها أو يعملون لحسابها. كما يجرم التعامل مع كل الشركات والمنشآت الوطنية والأجنبية التي لها مصالح أو فروع أو توكيلات عامة فيها ووفقًا لمحللين فإن إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، يعد تمهيداً لتفعيل اتفاق السلام الموقع مع إسرائيل، والذي يحتاج إلى تفعيل برتكولات وقوانين ليصبح ساري المفعول، وأشاروا إلى أن قانون المقاطعة كان  يفرض في السابق على مخالفي أحكامه عقوبات صارمة على المدانين بموجب أحكامه، تصل إلى السجن عشر سنوات، أو الغرامة، أو العقوبتين معاً، مع مصادرة الأشياء المضبوطة، ووسائط النقل التي استعملت في ارتكاب الجريمة، إذا كان مالكها على علم بوقت النقل، فيما كانت جوازات السفر مختومة بخاتم يسمح بسفر حاملها لكل بلدان العالم ما عدا إسرائيل.

رصف الطريق

ونسبت قناة إسرائيلية إلى مصدر «سوداني» قوله إن السلطات السودانية تعمل على تفعيل اتفاق السلام الموقع بين الخرطوم وتل أبيب والتي يقف (قانون المقاطعة حجر عثرة أمام إنفاذه، وأن السودان عمد إلى إلغاء هذا القانون، بهدف وضع الأسس الأولى لبناء وتطوير العلاقات بين الجانبين، ورصف الطريق للتطبيع الكامل ونسبت إلى المصدر أن تغيير القانون وتمهيد الطريق لتقوية علاقات البلدين «يندرج ضمن أولويات مجلس السيادة الانتقالي السوداني». وهذا ما يفسر ترؤس رئيس مجلس السيادة البرهان لمجلس تشريعي مؤقت انعقد بحضور مجلس الوزراء، أمس الأول  لتمرير إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، توطئة لموافقة السودان على تطبيع علاقاته مع إسرائيل، وتوقيعه اتفاقيات «إبراهام» للسلام ووقع السودان رسمياً في 6 يناير من العام الجاري، على «اتفاقيات إبراهام» مع الولايات المتحدة، وتنص على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وذلك أثناء زيارة تاريخية للخرطوم قام بها وزير الخزانة الأميركي ستيفن مينوشين الذي وقع الاتفاق عن الجانب الأميركي، فيما وقعه عن الجانب السوداني وزير العدل نصر الدين عبد الباري. ونصت «اتفاقيات إبراهام» على ترسيخ معاني التسامح والحوار والتعايش بين شعوب وأديان منطقة الشرق الأوسط والعالم، لتعزيز ثقافة السلام في الإقليم، وهو الأمر الذي جعل السودان يصبح الدولة العربية الثالثة التي توقع الاتفاقيات بعد دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين. وفي 14 ديسمبر  الماضي، أعلنت الحكومة السودانية موافقتها النهائية على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

رافعة سياسية

من جانبه أشار المحلل السياسي عبد الرحمن أبو خريس  لـ(الصيحة) إلى أن إلغاء قانون المقاطعة مع إسرائيل سيُمثّل رافعة سياسية للحكومة الانتقالية بشقيها العسكري والمدني ولقوى إعلان الحرية والتغيير (شريك الحكم)، من خلال فتح باب للعلاقات الخارجية على مصراعيه وبالتالي القدرة على إعادة الحسابات.. من  فرض معادلات جديدة ومؤثرة على أرض الواقع. وأردف: كما سيقنن ويؤطر للتوجهات السياسية  للمصالحة والسلام لحكومة السودان مع إسرائيل، أضف إلى ذلك سيفتح المجال أمام الاستثمارات.. ويعزز المصالح السياسية وخطوة أساسية بل قفزة عالية في المجال الاقتصادي، وختم قوله: في  المحصلة، فإن إلغاء قانون المقاطعة هو فرصة سانحة لخروج السودان من عزلته الدولية والبدء في إصلاحات سياسية واقتصادية في البلاد.

تحديات ماثلة

وفيما يتعلق بإلغاء المقاطعة وانعكاسه على المشهد الداخلي، رأى محللون أن الحكومة الانتقالية استعجلت قرار الإلغاء على اعتبار أن أي خطوة تجاه إسرائيل يجب أن تناقش في برلمان منتخب وأن يكون للشعب كلمته.. لا سيما وأن المواقف التاريخية للشعب السوداني ظلت واضحة تجاه أي علاقات مع إسرائيل وأكدوا أن الإلغاء بواسطة مجلس السيادة سيمثل تحديًا وهاجسًا واختبارًا دقيقًا لمجلس السيادة الانتقالي خلال الأشهر المقبلة، خاصة وأن السودان ظل لسنوات  موئلًا للجماعات الإسلامية الجهادية والمتطرقة قد يتعرض لتحديات خطيرة خصوصًا من جانب الخلايا النائمة التي قد يحرضها قرار إلغاء قانون المقاطعة والتطبيع  على الخروج والفاعلية من جديد.

إستحسان وتأييد

وكان رجل الأعمال ورئيس المبادرة الشعبية للتطبيع مع إسرائيل أبو القاسم برطم قد استحسن في حديث سابق  لـ(الصيحة) إلغاء قانون المقاطعة، وقال إن الحكومة الانتقالية تأخرت في هذه الخطوة لا سيما وأن هذا القانون لا قيمة له ولا معنى.. بقدر ما هو مؤثر على قيمة المصالحة والتعايش الإنساني بين الدول المبنية على المصالح المشتركة، وقال برطم: أؤيد اتجاه وزارة العدل لإلغاء هذا القانون لإفساح المجال أمام التبادل التجاري وحركة التعاملات. وأردف أن  إلغاء القانون سيتم السماح بدخول أو تبادل أو حيازة البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية بكافة أنواعها في الدولة والاتجار بها. وسيسمح  للأفراد والشركات في الدولة عقد اتفاقيات مع هيئات أو أفراد مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما كانوا، وذلك على الصعيد التجاري أو العمليات المالية أو أي تعامل آخر أياً كانت طبيعته”.

ورأى برطم أن المصالح الاقتصادية ستكون على رأس المكاسب لا سيما وأن السودان يتمتع بموارد كثيرة.. لكن الحظر أغلق الأبواب أمام البضائع السودانية في الأسواق العالمية، خاصة وأن إسرائيل دولة  مؤثرة على اقتصاد  العالم.. وتوقع ظهور شراكات وانتعاش لحركة التعاملات.. وأوضح أن  السودان بالنسبة لإسرائيل يعتبر بوابتها إلى أفريقيا؛ وأوضح أن هذه الخطوات هي بداية لإزالة العداء وتبادل الدبلوماسية وإزالة الغبن والتقاطعات.

أمريكا ترحب

في الأثناء رحبت الولايات المتحدة الأمريكية، بقرار السودان إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان، إن قرار السودان إلغاء قانون مقاطعة إسرائيل، يعد خطوة تاريخية ستخلق فرصًا كبيرة لشعوب المنطقة. ورجحت وسائط إعلامية تأجيل زيارة وفد عسكري وأمني وتنفيذي سوداني إلى إسرائيل، في غضون اليومين الماضيين بسبب قانون المقاطعة الذي لا يجيز للسودانيين التنقل بين الخرطوم وتل أبيب.. ولعل الزيارة التي هدفت  لكسر «حاجز الثقة» بين البلدين وقف القانون حجر عثرة خاصة وأن الجواز السوداني يتيح لحامله الذهاب إلى أي دولة إلا إسرائيل، وهذا ما عجل المجلس السيادي لإلغاء قانون المقاطعة في غيبة المجلس التشريعي بأن يحل مجلسا الوزراء والسيادة في السودان محل البرلمان وفق نص الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية، وذاك لتفعيل البرتكولات الدبلوماسية بين البلدين مقبل الأيام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى