المنهج الدراسي.. من يعرقل لجنة المراجعة؟

تقرير-إبتسام حسن

رغم أن الكثيرين يرون أن ما أثير حول كتاب التاريخ للصف السادس أساس وما دار حوله من لغط انتهى بتوصيات لجنة رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك لمراجعة المناهج، ولكن يبدو أنه ما زال هناك تحت الرماد وميض نار، سيما وأن وزارة التربية أكدت أن الكتاب الذي أوصت اللجنة بإلغائه وتأليف كتاب جديد رحلت هذه التوصية إلى العام المقبل مما اعتبره خبراء تربويون بأنه استهتار ليس إلا واستنكروا أن يعتمد الطلاب على نشرات تصدر من وزارة التربية والتعليم العام خاصة وأن المركز القومي للمناهج ببخت الرضا هي الجهة المسؤولة من وضع  المناهج.

ومؤخراً شكل رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك لجنة لمراجعة المنهج وأصدرت توصياتها ومن أهمها، إلغاء كتابي التاريخ والتربية الإسلامية للصف السادس أساس.

كما أوصت لجنة مراجعة كتابي التاريخ للصفين الخامس والسادس بمرحلة الأساس بإلغاء الكتابين وإعادة تأليف منهج جديد والاستفادة مما هو مُفيدٌ في الكتابين.

وصدرت مطالبات سابقة من خبراء بمحاكمة ومحاسبة كل من تورط في وضع المناهج المعنية واعتبر أن ما قاموا به فساد سيما أن ماتم صرفه على تأليف المناهج التي تم إلغاؤها تعتبر ميزانية عام دراسي كامل مما يعرض المتورطين طال الزمن أو قصر للمحاكمة.

ووصف الخبراء ما تم في هذا الصدد بالفوضى وانتقدوا منهج وزارة التربية في تعاملها مع المدارس إذ أنها لم يسبق لها أن أصدرت منشوراً إلى المدارس للتعامل مع قراراتها مؤكدين أن المدارس تستقي معلومات الوزارة من مواقع التواصل الاجتماعي وأن الوزارة لم تصدر منشوراً حتى يومنا هذا يوجه المدارس بالتعامل مع أي منهج وأكدوا أن أولياء الأمور أحجموا عن إلحاق أبنائهم بالمدارس حتى لا يتم تدريسهم منهج القراي. وقالوا إن البعض منهم طلب من المدارس أن يلتحق أبناؤهم الذين بالصف السادس بالصف السابع مباشرة دون المرور بالصف السادس، وقالوا إن المنهج وجد رفضا من المجتمع متخوفين أن يؤسس ذلك لمنهجية بديلة خارج إطار الدولة.

بداية متعثرة:

ووصف الخبير في مجال المناهج النعيم أحمد بداية العام الدراسي فيما يختص بالمناهج بالبداية المتعثرة وقال في تصريح لـ(الصيحة) إن بعض المدارس أحجمت عن تدريس كتاب التاريخ منوهاً إلى أن المدارس في ولاية الخرطوم لم توزع كتاب التاريخ مشيرًا إلى أنه كان من الضروري أن تصدر الوزارة منشوراً يوضح للمدارس المناهج التي تدرس. وأكد وجود ما أسماه بالبلبلة منوها إلى أن الخسائر التي تكبدتها الدولة في وضع المنهج خسائر فادحة خاصة وأن المنهج طبع في سك العملة.

تناقضات:

وأكد المختص في شأن المناهج بروفيسور حمدان أبوعنجة أن ما يحدث في شأن المناهج فيه الكثير من التناقض مؤكدًا توزيع كتاب التاريخ الذي تم إلغاؤه بواسطه لجنة رئيس مجلس الوزراء على عدد من المدارس مستنكراً عدم الرضوخ إلى توصيات المجلس ودعا إلى ضرورة المحاسبة في هذا الأمر، وطالب في تصريح لـ(الصيحة) بضرورة وضع مناهج جديدة لمرحلة الأساس وإلغاء كل المناهج التي تم إعدادها في عهد عمر القراي المدير السابق للمركز القومي للمناهج والبحث التربوي على أن يتم ذلك عبر مؤتمر قومي يضم كل أصحاب المصلحة من أولياء أمور ومعلمين وخبراء مستنكرًا أن كل ولاية بالبلاد تعمل على نهج مختلف وعدم الانسياق لتوجيهات مجلس الوزراء واستهجن أن تصدر منشورات من وزارة التربية والتعليم في وقت أن المركز القومي للمناهج هو الجهة الاعتبارية المختصة في شأن المناهج، وقال إن هناك أسئلة لا توجد إجابة عليها مثل لماذا لم يتم تعيين وزير لوزارة التربية والتعليم حتى الآن والذي يعتمد على تعيينه مدير لمركز المناهج إذ أن الوزير هو المخول له بدفع توصية لمجلس الوزراء وتحديد مدير لمركز المناهج حتى يقوم مجلس الوزراء بتعيين المدير.

مسؤول محايد..

واعتبر أبو عنجة أن بخت الرضا أصبحت مؤسسة ضعيفة ولا بد من إعادتها لسيرتها الأولى ولا يتأتى ذلك إلا عبر تعيين مسؤول محايد يمكنه إصدار منشور في حال إلغاء كتاب بعينه وأن يكون المسؤول هو الجهة التنفيذية ولها ميزانيتها المنفصلة وتتبع مباشرة لمجلس الوزراء.

تأسيس التعليم

وأكد أبو عنجة في حديثه لـ (الصيحة) أن هناك جهات مستفيدة من تأخير تأليف المناهج، وقال إن تلك الجهات لها علاقة بالتنظيمات السياسية، مشيراً لوجود حلقة مفقودة وغير واضحة تسعى لتسييس بخت الرضا التي تعتبر جهة تنفيذية، وكشف عن وجود جهات مستفيدة تسعى لتعويم الوزارة ولا تريد أن توضع الأمور في نصابها المحدد، مؤكداً أن تلك الجهات تركت الحبل على الغارب واصفًا ذلك بالاستغفال للجماهير وتضليلها وأن هناك جهات تسعى لعلمنة التعليم عبر الوزير .

محاسبة:

ودعا إلى ضرورة أن تكون هناك جهات تتابع وتحاسب الذين تدخلوا في الأمر الفني، وقال إنه حتى وزارة التربية لا يحق لها التدخل في شؤون بخت الرضا، سيما أن إعداد المناهج مسؤولية المركز القومي للمناهج. ووصف الخبير في وضع المناهج أن ما يحدث عملية فبركة، سيما وأن التعليم لا يحتمل التسييس. وقال إن التعليم يسير على نحو غير مطمئن داعيًا إلى ضرورة إصلاح مرحلة الأساس من الصف الأول وحتى الصف السادس، وإعادة النظر في تأهيل المنهج وفقًا لما جاء من مجلس الوزراء باستشارة خبراء المناهج وإعادة بناء بخت الرضا كما دعا إلى أن تخضع لتكامل أفقي ورأسي على أن يخضع للوائح مجلس الوزراء.. واستبشر أبوعنجة خيراً بإعادة تشكيل مجلس علمي بعد أن تم إلغاؤه منذ عامين بأمر القراي داعيًا إلى ضرورة إعادة الخبراء الذين تم فصلهم.

سوق التعليم:

واستنكر الأمين العام لاتحاد المدارس الخاصة الشعراني الحاج عدم وجود أي توجيهات من وزارة التربية والتعليم العام توضح توصيات لجنة مراجعة المناهج المشكلة من قبل رئيس مجلس الوزراء.

وقال الشعراني في تصريح سابق إنه لا زالت هناك مدارس تدرس كتاب التاريخ للصف السادس رغماً من توصية اللجنة بإلغاء الكتاب، واستهجن عدم وجود أي نشرات مكتوبة أو توجيهات من الوزارة لإدارات المدارس منوهاً إلى أن إدارات المدارس تستقي التوجيهات الصادرة من الوزارة من الواتساب مؤكداً أن الواتس يتكلم عن ثلاثة منشورات مختلفة للمقرر الصف الثامن. ووصف ما يحدث في التعليم بالسوق، مؤكداً أن هناك مدارس تدرس بالمنهج القديم وأخرى بالمنهج الجديد ووصف ما يحدث بالفوضى. وقال الأخطاء الواردة في المنهج الجديد لا تؤهله أن يطلق عليه صفة مقرر دراسي.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى