عبد الماجد حامد خليل.. رحيل عبقري العسكرية السودانية

الخرطوم- صلاح مختار
رحل أمس عن دنيانا النائب الأول لرئيس الجمهورية ووزير الدفاع في العهد المايوي الفريق أول ركن عبد الماجد حامد خليل إثر علة لم تمهله طويلاً، حيث ووري جثمانه الثرى بمقابر أحمد شرفي بأم درمان. ويعتبر عبد الماجد أحد رموز الجيش السوداني في كل الحقب التاريخية.
سيرة عطرة
الفريق أول ركن عبد الماجد حامد خليل أحد أفذاذ الجيش السوداني الذين أنجبتهم العبقرية العسكرية السودانية, ويعتبر باعث نهضتها الحديثة.. مارس عمله بنفسه بصفة مستديمة ومنتظمة ومتفرغاً له، بارعاً في أدائه وماهرًا فيه. وهو من موليد عام 1/1/1935م بمدينة الأبيض تدرج في مراحلها التعليمية، تخرج في عام 1955 من الكلية الحربية حيث كان الفريق حامد خليل أول الدفعة السابعة من خريجي الكلية. وتدرج في الرتب العسكرية وعمل في مختلف وحدات الجيش مثل حامية حلفا. وحامية الخرطوم, ومدرسة المشاة, مركز تدريب المستجدين الموحد, رئاسة القوات المسلحة . القيادة الجنوبية . رئاسة القوات (التدريب) مدرسة المشاة . ومدرسة الأركان ومنطقة بورتسودان. كذلك عمل بفرع التدريب بالقيادة العامة كذلك تقلد منصب نائب رئيس هيئة الأركان عمليات, ورئيس هيئة الأركان .كذلك وزير للدفاع والقائد العام . وعمل قائداً لمنطقة بورتسودان العسكرية . مديرًا لفرع التدريب . ورئيس هيئة الأركان . وعين رئيس المجلس الأعلى للرياضة لقوات الشعب المسلحة . وزير الدفاع في الفترة ما بين 28-5-1979 م 25-1-1982م . بالإضافة الى منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية في عهد الرئيس المشير الراحل جعفر محمد نميري ،نال عدداً من الدورات التأهيلية داخل وخارج السودان, وحصل على أرفع الأوسمة والأنواط العسكرية.
عبقري العسكرية
وصف الفريق أول عبد الماجد حامد خليل بأنه عبقري العسكرية السودانية الحديثة، لما كان له من دور في تطوير وتحديث القوات المسلحة في كافة الأسلحة والوحدات, كذلك عرف عنه الانضباط العسكري الصارم. ساهم كثيرا في تقديم القوات المسلحة السودانية في صورتها الحقيقية وتطورها حتى صار رئيسًا لهيئة الأركان ثم قائدًا عامًا للجيش ووزيرًا للدفاع. وليس سرًا أن نميري كان يرفض كل مقترحات إبعاده من الجيش التي كانت ترد من بعض كبار الضباط ووزراء الدفاع الذين تعاقبوا. حيث ان نميري كان مؤمناً بكفاءته العسكرية. من دفعته عبد الرحمن سوار الذهب، عمر محمد الطيب، عز الدين علي مالك، عبد اللطيف دهب، نورالدين محمد المبارك.
النائب الأول
ويروى عنه عندما أسند إليه نميري منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية زائداً المناصب الرفيعة المصاحبة لم يعد نميري يحتمل الكثير من القرارات التي أصدرها عبد الماجد سواء في الجيش أو في التنظيم السياسي أو في الجهاز التنفيذي وكان سرعان ما يلغي تلك القرارات حتى جاء يوم 18 يناير 1981. ليصدر نميري قراراً بإعفاء نائبه الأول من كل مناصبه بصورة مفاجئة، وأبعد معه مجموعة من كبار الضباط الذين اعتبروا من الموالين له، ربما في خطوة لم يحسب نميري حسابها. وبعد أيام من إعفاء الفريق عبد الماجد من منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية أعلن نميري تعيين رئيس جهاز أمن الدولة اللواء عمر محمد الطيب خلفاً له. اتجه عبد الماجد إلى العمل في مجال الصناعة، حيث أنشأ مصنعا لمنتجات الأسمنت في ضاحية الخرطوم بحري ومن بعد استعان به الصادق المهدي في حكومته وزيرًا للدفاع حتى تقدم باستقالته العام 1988.
ترحيل الفلاشا
صاحبت فترة تولي الفريق عبد الماجد حامد خليل للمناصب السياسية والعسكرية في عهد الرئيس السابق نميري بعض الأحداث البارزة منها قضية ترحيل اليهود الفلاشا التي ظهرت في نهايات مايو واعتُبرت جريمة دولية وسببت ضجيجاً إلا أنه يقول عنها في حوار منشور إن عملية الفلاشا حدثت بعد أن غادر مواقعه الرسمية في مايو، وقال أنا خرجت عام 1982م ولم أكن اسمع بتاتاً إلا بعد أن تمت العملية في السنوات التي أعقبت خروجنا من مايو، وأضاف: في عهدنا لم يرد مثل هذا الحديث.
المصالحة الوطنية
ويقول عن نفسه بأنه من المؤمنين بالمصالحة الوطنية التي جاءت به نائباً أول لرئيس الجمهورية، وقال: لا أستطيع القول بأن هناك دوراً ما كان لي في هذه الناحية، إنما الدور الذي كان مباشراً جاء من تأييدي وتشجيعي لهذه المسألة، ويرى بأن النشأة وتأثير البيئة هما اللذان شكلا مسار مسلكي بعيداً عن الانضمام لأي تيار سياسي بعد مايو. ويضيف: أجدادي وآبائي هم أهل طرق صوفية، ولكن هناك من أشقائي من اتبع طريق السياسة، غير أنه قال عن نفسه أنا شخصياً كنت بعيداً من التيارات السياسية، فدخلت الكلية الحربية، وفيها لم يكن هناك مجال لأي تعاطٍ سياسي لأن الجيش هو جيش مستقل، وألوان الطيف السياسي غير موجودة فيه، فسرت على هذا النهج لاعتقادي أن هذا هو الطريق القويم، وعندما كنت ضابطاً في صفوف القوات المسلحة ووصلت إلى منصب القائد العام كان البعض يشيع في مرحلة من المراحل بأنني صاحب فكر شيوعي وخلافه. وقال: في مسيرتي العسكرية والزمالة التي جمعتني بالبعض لم أتصور في يوم من الأيام أن زملائي وإخواني مثل هاشم العطا وبابكر النور يمكنهم أن يسيروا في اتجاه المشاركة في عمل عقائدي أو هذه التكتلات العقائدية. فتربية الجيش والأسلوب الذي يمر به الضابط يجعله ينسى تماماً الميل السياسي ويكون سودانيًا قومياً لمصلحة بناء القوات المسلحة لحماية الدولة.
علاقة عامة
ونسبة لعلاقته بحسن حسين ربط اسمه بالانقلاب الذي نفذه ولكنه دافع عن نفسه بأن علاقته بحسن حسين فقط معرفته بأنه من الأبيض، وقال: لأنني عملت في وحدات كثيرة، فالمقدم حسن حسين قابلته حينما كنت مرافقاً للفريق عوض خلف الله الذي كان وقتها القائد العام، وأضاف: حينها كنت أنا مسؤولاً عن التدريب في القوات المسلحة، غير أنه أكد أنه عندما جاء هذا الانقلاب كان حينها في جمهورية مصر العربية في الجامعة العربية. وقال: من الغريب أنني عندما كنت في مصر جاءني استيضاح من القيادة العامة مفاده أنه في حركة حسن حسين هناك ضابط ذكر في الوقائع أنه لو فشل حسن حسين في الانقلاب فإن الذي سيكمل الانقلاب هو العميد عبد الماجد حامد خليل، وأنا انزعجت وقتها.
وضع جديد
هنالك محطات كثيرة مرت في طريق الفريق أول عبد الماجد حامد خليل خلال مسيرته في مايو التي وصفت بالدموية مثل حركة يوليو 1976م وانقلاب هاشم العطا في 1971م ويقول عن نفسه بأن قبوله بالعمل في الديمقراطية الثالثة كان محل تقدير عندي، قال: كنت الرجل الثاني في فترة من فترات حكم مايو، وذاك وضع جديد كان مناهضاً لمايو، وبالتالي اعتبرت هذا التقدير هو تقدير للقوات المسلحة من القوى السياسية التي كانت تجابه مايو، باعتبار أن الانتفاضة التي أتت بالديمقراطية الثالثة كانت ضد مايو، ولكن بعد مشاركتي الوزارية فالذي جعلني غير سعيد هنا هو انقسام القوى السياسية حول اتفاقية الميرغني ـ قرنق التي كنت مؤيداً لها، وتأييدي هذا كان لمصلحة السودان وليس لدعم قوى سياسية بعينها، ووقتها أعتقد أن الشخصية الوحيدة التي كانت مصرة على عدم قبول هذه الاتفاقية هو د. الترابي، فهو هاجمني هجوماً عنيفاً في اجتماعات مجلس الوزراء وواصل هجومه المتكرر عليّ منتقداً وقوفي مع مبادرة السلام ودعوتي ومطالبتي بتحقيق السلام، وهذه كانت من الدوافع التي جعلتني أتقدم باستقالتي كوزير للدفاع، ورفضت بعد ذلك كل المحاولات التي كانت تدعوني لأن أتراجع عن الاستقالة، وللحقيقة والتاريخ أقول إن الصادق المهدي رئيس الوزراء السابق قد رفض قبول استقالتي في البداية وعندما طال الموضوع حررت له مذكرة ودّعت فيها مجلس الوزراء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى