Site icon صحيفة الصيحة

حظر الأحزاب العقائدية.. فك ارتباط الدين بالسياسة

 

تقرير / نجدة بشارة

أثارت تصريحات وزير الشئون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح حول إستراتيجية وزارتة للتعامل مع الأحزاب الدينية بحظر قيام أحزاب سياسية على أسس دينية“، أثارت جدلًا كثيفاً على منصات التواصل الاجتماعي.. لجهة أن معظم الأحزاب السياسية ذات الثقل والأوزان السياسية في السودان ذات صبغات عقائدية وترتدي العباءة الدينية في ممارستها .. لكن بالمقابل يرى محللون أن تجربة الإخوان المسلمين في السودان أظهرت فشلاً واضحاً للمشروع الإسلاموي السياسي في إدارة الدولة رغم ما تمتعت به من كاريزما سلطوية وفاعلية في استدرار عواطف الناس وخطب ودهم.. وبالمقابل يتساءل متابعون عن إمكانية حظر قيام أحزاب عقائدية رغم ارتباط الإسلام بالسياسة في دولة مثل السودان لعقود…؟ وما هي دواعي فك الارتباط بين الدين والسياسية.. وهل هذه خطوات تنظيم لعلمانية الدولة؟

ما وراء الخبر

وكان مفرح قد أشار إلى أن الوثيقة الدستورية ووثيقة سلام جوبا كانتا واضحتين جداً في مبادئهما، بأنه ”يحظر قيام حزب سياسي على أسس دينية“، مشيراً إلى أن قانون الأحزاب الذي قد يجاز في الفترة المقبلة ”سينص على ذلك“.

وعن تعليقه على اتهام الحكومة السودانية المؤقتة من بعض الدعاة والجماعات بأنها تعادي الدين، قال مفرح: ”هؤلاء أحزابهم قائمة على أساس أيديولوجي.. تلك التنظيمات تحن إلى أيام النظام السابق الذي كان يدعمها“.

وقال: ”الدولة تبنى على أساس وطني أما الأفراد فيبنون على أساس شرائعهم الخاصة“.

العلمانية خطوات تنظيم

لكن في السياق، رجح مراقبون أن تكون تصريحات مفرح تتسق مع الاتفاقية التي وقعها الحلو قبل أسبوع مع رئيس المجلس السيادي الفريق أول البرهان.. والقاضية بفصل الدين عن الدولة.

وسخر المحلل السياسي بروف حسن الساعوري في حديثه (للصيحة ) من تصريحات مفرح وقال.. من أين هو..؟ أليس من حزب عقائدي..؟ وأردف: كان حرياً ترك مثل هذه النقاشات للمؤتمر الدستوري القادم ليجد حظه من النقاش المستفيض من مختلف الوان الطيف في السودان نسبة إلى أن أغلبية الأحزاب السياسية في السودان ذات صبغة عقائدية وروحانيات.

وأشار الساعوري إلى أن مثل هذه التصريحات قبل أن يجاز القانون المنوط به حظر قيام أحزاب سياسية دينية يطلق للاستهلاك السياسي فقط ولا جدوى منه.. وأوضحت حتى التوقيع الذي وقع بين البرهان والحلو لفصل الدين عن الدولة لقفل باب الممانعة والحجة.. من قبل الحلو.. وإزالة العقبة الكؤود، لكن المؤتمر الدستوري قد يرفض فكرة علمانية الدولة وهذا واقع.. واعتبر ما حدث مجرد تكتيك من البرهان.

الإسلاموية بين التطبيق والفشل !

واعتبر الساعوري أن الإسلاموية في السودان فشلت لجهة تطبيقها للثلاثين عاماً السابقة ولم تثبت فاعليتها.. وأردف: لا يمكن تجريب المجرب، لذلك في حال أرادت الأحزاب الإسلامية تجريب النهج الإسلاموي لابد من إيجاد طرق جديدة ..

ولعل المفكر الإسلامي والأكاديمي السوداني البروفيسور حسن مكي، سبق ونعى مشروع الإسلام السياسي في السودان، وقال إنه “انتحر ذاتياً”، رغم استمرار تصاعد أنفاسه في العالم الغربي والمنطقة الإفريقية والعربية، مشيرًا إلى حاجة العالم إلى “التدين والروحانية”.

عندما انخرط رائدها الدكتور حسن الترابي في حالة روحية وعقلية لكن خبراء أشاروا أن فصل السياسة عن الدعوة قديمًا.. حيث بدأ مبكراً في السودان.. بعد الانقلاب العسكري في حزيران (يونيو) 1989م حين أُبعد المفكرون والتنويريون في الحركة الإسلامية من اتخاذ القرار في السلطة.. واختار المفكرون من الإسلاميين الاصطفاف إلى جانب الراحل شيخ الترابي وإختاروا التقويم والإصلاح.. بينما ذهب السلطويون إلى إدارة شئون الدولة.

لكن المفكر مكي يرى أن الإسلام ليس بالضرورة أن يأتي بوجه الإخوان المسلمين أو الحركات الإسلامية المعروفة الآن، لأن الإسلام هو الذي يبحث عن نفسه ودون بوتقة محددة أو وجه محدد، بل هو البحث عن الروحانية الجديدة التي يحتاجها العالم الآن.

بعيدًا عن أرض الواقع

بالمقابل رأى القيادي بقوى الحرية والتغيير التجاني مصطفى في حديثه (للصيحة)، أن تصريح مفرح اجتهاد شخصي لكن بعيداً عن أرض الواقع في ذات الوقت.. نسبة إلى أن غالبية الأحزاب السياسية في السودان ذات جذور دينية عقائدية خاصة الأحزاب ذات الثقل الجماهيري.. وأردف: وفقاً لذلك يحتاج التغيير إلى فترة طويلة لإقناع المجموعات الطائفية ذات العمل السياسي أن تنفصل بالسياسة كمنهج عن الفكر العقدي، وقال: هذه مسائل شائكة لا تتم بالأماني، وقد تحتاج إلى فترة طويلة من التغيير

وبالاستناد إلى العلمانية وفصل الدين عن الدولة .. أشار إلى أن الشعب السوداني لن يتقبله بالبساطة التي جرى بها التوقيع على الاتفاقية، لأنه لا يمكن في مجتمع مثل المجتمع السوداني ذي جذور عقائدية أن تتغير مفاهيمه لمجرد التوقيع على وثيقة اتفاق بين طرفين.. وقد تحتاج إلى فترة ليتأقلم المجتمع عليها.. وقال: مطلوب كفالة الحريات الدينية بمعنى أن يجد المسلم حرية ممارسة عقيدته، وحتى المسيحي أن يمارس مسيحيته دون قيود أو شروط.. وأوضح: لكن هذا لا ينفي أننا نتطلع إلى تخفيف حدة الأثر الديني فيما يتعلق بالاختيار السياسي.. نسبة لأن هذا يعد عائقاً في التطور السياسي.. من ناحية استدرار عواطف الناس لكسب تأييد سياسي.. وينبغي وضع التصورات لعدم استغلال الدين في المسألة السياسية، وهذا يحتاج إلى وقت، ولا أظن أن مرحلة الدستور القادم كافية لهذا التغيير الكبير.

Exit mobile version