عبد الشكور حسن أحمد يكتب : الوتر السادس

 

الوتر السادس  وتر  إضافي  لآلة العود الوترية  ليعطي لحناً جميلاً ممتعاً في الأداء وعلامة موسيقية مميزة للأعواد للطرب الأصيل.

الوتر السادس ليس وتراً إضافياً دون مذاق بل هو المذاق الأساسي للنغم والطرب والمتعة.

كما للموسيقى طعمها الخاص الخالص أيضا  للشعر  طعم ومذاق مختلف يعاند الخيال والوصف .

الشعراء لهم صفات تميز قريضهم وعلامات تحمل توقيعهم كانوا إضافة حقيقة لديوان العرب.

الشعر في البادية يحمل طابعًا خاصًا ومذاقًا عذبًا فيه طلاوة وعليه حلاوة من الطبيعة الساحرة الخلابة.

البطانة تميزت عن سواها بأنها مهد الشعر ومملكة الأدب وقصر القريض ومكمن الإبداع والإمتاع.

شعراء البطانة أمراء الشعر دون منازع وفوارس الكلم في الماضي والحال والمضارع، وأصحاب النظم الذي ملك الأفئدة والمسامع.

الشاعر الشاب (بيتاي ود الضو)

علي البدوي ابن قرية الصفية بالبطانة…

أجاد وافاد أبدع وأمتع  فكان ذاك الوتر بطعم اختلافه وروعة إئتلافه.

 

جمال عجيب في فنه رغم حداثة سنه. دخل تاريخ الشعر ببوابة الخلود جاء بالضائع المفقود كان شعره  تنزيلاً من التنزيل وقبساً من الذكر الحكيم …

في نظم جميل وألفاظ قوية ووزن رائع يأتي بالمفيد  الجديد…

قاد القوافي ليجوب بها الوهاد والفيافي لذا كان الوتر الإضافي

إذ يقول شاعرنا  ……

 

سياط الدنيا مهما بالهموم تجلدنا

تلقانا البشيل حمل القواسي جلدنا

القدر إن وقع بنـــــــقلدو ما بقلدنا

نحن والصبر من طينه واحده ولدنا…….

الجديد في تلك الأبيات أن تلك الكنايات الواضحات للهموم وتشبيهها بالسياط التي تلهب الأجساد جلدًا موجعاً تئن لها شغاف القلوب وتدمي الفؤاد.

تلك المعاني وردت في شعر الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي في قصيدة (زنبقة السفح)

إذ يقول الشابي

أَسْمَعَكِ اللَّيلُ نَدْبَ القُلوبِ أأرشفكِ الفجرُ كأسَ الأسى

أَصَبَّ عليكِ شُعَاعُ الغروبِ نجيعَ الحياة ، ودمعَ المسا

أأوقفكَ الدهرُ حيث يُفجِّـ ـرُ نوحُ الحياة صُدوعَ الصدور

وَيَنبَثِقُ الليل طيفاً، كئيباً رهيباً، ويخفقُ حُزْنُ الدهورْ

إذا أضرتكِ أغاني الظلامِ فقد عذَّبَتْني أغاني الوجومْ

وإن هجرتكِ بناتُ الغيوم فقد عانَقَتْني بناتُ الجَحيمْ

وإنْ سَكَبَ الدَّهْرُ في مِسمِعيْكِ نَحِيبَ الدُّجَى ، وأنينَ الأملْ

فقد أجّجَ الدهرُ في مُهْجتي شُواظاً من الحَزَن المشتعل

 

……..

مضى الشاعر بيتاي  يأتي بالإضافة عليها الروعة واللطافة في تغزله وبعده من الحبيبة كسائر شعراء العرب في الغزل والطرب

إذ يقول الشاعر ……

عن الحالة ها الأيام ووضعي الراهن

حياتي رهينه في عيون العليهو براهن

مشاعري الفتشن درب الشقاوه براهن

قدامهن فراقــــــــك والقيامه وراهن

……….

تلك معانٍ جميلة وألفاظ خالدة بثوب جديد في القافية والروي في الوزن والمعنى جزالة واضحة واستعارات وتوريات رائعات ولعب بالألفاظ  وهي محسنات لفظية في علم البلاغة وكلمات جميلة في النطق والمنطق  يسهل حفظها يحكي الشاعر فيها عن حالته الذهنية  حيث راهن عليها

كما يقول الشاعر بيتاي….

ما اتعولم دخل في الفيس وشاف الغيرو

جو الباديه والرش والمشاط كوفيرو

في خدرو المأمن وفي نعيمو وخيرو

ماتبع الهواتف وغيرت خط سيرو

 

……..

 

غنها الحداثة حيث العولمة التي جعلت العالم قرية صغيرة ودخلت العلوم الحديثة كل السودان لكن عند ملهمة الشاعر. البادية هي معيار الجمال والثقافة

ولن تتغير الملهمة بمواقع التواصل الاجتماعي..

(بيتاي) شاب جميل وشاعر رقيق برع في النظم والبلاغة هو إضافة حقيقية للشعر السوداني صاحب ذوق عال وأدب رفيع  ومشاعر حية تمشي على إيقاع الحداثة.

 

(بيتاي) موهبة صقلتها الطبيعة بأرض البطانة وقريحة شعر تفتحت بالأرض الصفية وشروق مستقبل زاهر بسودان الغد.

بكل افتخار نقول هذا الشاعر من أرضنا تفجرت كلماته.. هذا الشاعر لمستقبل زاهر ندخر أوزانه.

فما الشعر بجديد عليه لأنه من إرث خالد لهم امتلك نواصيه وبسحر الطبيعة تشبعت قوافيه.

أخيرا يقول شاعرنا بيتاي

 

ريدك فكري ما خلالي فيهو مساحه

تستو عب مشاكلي والبدور في الساحه

غرامك في الضمير وضعو وثباتو صراحه

زي وضع الاصابع والثبات في الراحه…..

ما أجمل هذه الأبيات. ما أروع هذه الاستعارات  وما أحلى تلك الكنايات.

لله درك بيتاي

والله المستعان

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى