سراج الدين مصطفى يكتب: هذا الكلام على مسؤوليتي الشخصية!!

عبد الكريم الكابلي:

الفنان الكبير عبد الكريم عبد العزيز الشهير بـ(عبد الكريم الكابلي)، يعتبر واحداً من أساطين الغناء والموسيقى في السودان، وهو يعتبر الفنان الشامل صاحب المواهب المتعددة.. فهو يعتبر شاعراً كتب الكثير من الأغنيات لنفسه كما أهدى لغيره من الفنانين أغنيات مثل أغنية (يا زاهية) التي تغنى بها الفنان  عبد العزيز محمد داؤد، وأغنية (جبل مرة) للفنان أبوعركي البخيت، وأغنية (بريدك والريدة ظاهرة في عيني) للفنان كمال ترباس.. ويعد عبد الكريم الكابلي من أبرز الملحنين، حيث لحن معظم أغنياته، ولكنه أيضاً تعاون لحنياً مع الموسيقار بشير في أغنية (طائر الهوى) للشاعر الحسين الحسن، كما تعاون مع الملحنة أسماء حمزة في أغنية يا أغلى من نفسي من كلمات الشاعر عبد الوهاب هلاوي.

مثقف موسوعي:

ويعد الفنان عبد الكريم مثقفاً موسوعياً وباحثاً في مجال التراث الموسيقي والغنائي.. ويجد تقديراً كبيراً عند الشعب السوداني نسبة للإسهامات الإبداعية الكبيرة التي قدمها.. ولعل عبد الكريم يمتاز بذائقة عالية في الأشعار المغناة، وهو تجول في ذلك ما بين الفصيح والدارجة والتراث.. ودقة اختياراته تكمن في قدرته العالية في انتخاب نصه الغنائي، وذلك يتمظهر جلياً في عدد من الأغاني أبرزها.. ضنين الوعد.. حبيبة عمري.. أمطرت لؤلؤا ورائعته (ماذا يكون حبيبتي) وغيرها من الأغنيات الخالدة في ذاكرة الشعب السوداني.

بشير عباس:

حينما تحاول الكتابة عن رجل بقامة بشير عباس.. يجب أن تتحسس لغتك جيداً.. وتختار أنضرها وأجملها وأعمقها.. يجب عليك أن تختار تعابيرك وتضعها محل الاستثناء.. لأنه مبدع استثنائي وبمواصفات خاصة جداً.. لا تتوافر عادة إلا في فنان وهبه الله الموهبة والعبقرية ودفقة من الشعور النبيل والحس الجميل.. ومبدع بذلك الاستثناء الجمالي من البديهي أن تخرج منه روائع محتشدة بالتفاصيل المثيرة.. والتفاتة واحد لأغنية بوزن رجعنالك تكفي للتأشير على قيمة هذا الفنان الاستثنائي.. والرجل نظلمه جداً حينما نذكر دائماً أغنية (رجعنالك) ونتناسى قائمة طويلة تقف في مقدمتها طائر الهوى وكنوز محبة وعشة صغيرة التي أطربت كل الشعب السوداني، ولكنها لم تطرب الدكتور أنس العاقب.

من تغنوا للحلنقي:

ذات مرة جلست مع أستاذي سعد الدين حينما كنا نجلس ذات يوم في مكتبه بصحيفة الصحافة.. وحاولنا لحظتها أن نحسب عدد الفنانين الذين تغنوا بشعر الشاعر الكبير إسحق الحلنقي.. ولكن أستاذي سعد الدين قال لي من الأفضل أن نحسب عدد الفنانين الذين لم يتغنوا بأشعار الحلنقي.. وهذا الموقف وحده يؤشر على أن الغالبية العظمى من فناني هذا البلد قطفوا جميعهم من (بستان الحلنقي) النضير الذي لم يذبل حتى اليوم بل ظل ينتج ويلقي بثماره الجميلة.

ما بين الكم والكيف:

العدد المهول من القصائد الغنائية التي كتبها الحلنقي يؤكد على أنه شاعر بحساب القيمة الفعلية للشعر.. وقصائده المنتشرة في كل الحناجر تنافي نظرية (العدد) التي تنتفي منها الجودة أحياناً.. ولعل خلود الحلنقي كشاعر يكمن في الممازجة ما بين نظرية (الكم والكيف).. ولعله يمثل حالة نادرة من الإجماع عند شعب لا يعرف أهله الإجماع والاتفاق على شخصية محددة.. وهو استطاع أن يكون ملهماً لمعظم الفنانين الكبار.

عوض جبريل.. شاعر السهل الممتنع:

تربع شاعرنا الراحل على عرش الأغنية السودانية مختطًا لنفسه خطًا مغايرًا وجديدًا مع إكثاره من الإنتاج حيث لم يكتف عوض جبريل بأغنية واحدة ولا بفنان واحد لكي يردد له أغنياته كما أنه لم يكتف بكتابة الشعر فقط، إذ كانت له تجربة لحنية متفردة مع أكثر من فنان، وفي بعض الأحيان لقصائد آخرين بغض النظر عن قصائده التي كان يخرجها هكذا ملحنة وجاهزة للأداء، هكذا كان عوض جبريل سهلًا ممتنعاً في حياته وفي غيابه المشؤوم والذي خلف آثاراً كبيرة على الوسط الفني بأجمعه، إلا أنه وعلى الرغم من كل هذا الصيت لم يجد الرجل حقه من التقدير اللازم، وهو الأمر الذي يرجعه كثيرون لبساطة الرجل وتواضعه الجم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى