محمدعلي التوم يكتب : وأخيراً عرفت السبب !!

** كثيراً ما تتملكني الدهشة لتصرفات ذلك الرجل  الكبير في السن.. كان كلما أراد أن يخرج نقوداً من جيبه أدار ظهره  للحضور، ورفع طرف جلبابه وأخرج كيساً من النقود من جيب العراقي ، ثم عد ما نوى إخراجه وأعاد ما تبقى بالكيس مرة أخرى !!

**ويبدو أنه من رعيل تعود على هذه العادة ولا يرى فيها غرابة.

**ذلك ما دعاني للتفكير كثيراً  في سطوة المال   واجترار مشاهدات كثيرة مما يفعله بالإنسان، ومن يتعاملون معه بالإنفاق أو الإخفاء.

**ويأتي السلوك في هذه الأحوال للمرء في بادئ الأمر مدهشاً، لكن سرعان ما يبطل العجب إذا عرف السبب .

**الشخص الذي يتباطأ عن السداد للمجموعة في مركبة عامة أو المطعم ويفضل دائماً أن يكون آخر الركب ليتيح الفرصة لغيره في السداد ترصده المجموعة بعين خفية خصوصاً لو كان لا يقل عنهم مقدرة !!

وكثيراً ما يلجأ أمثال هؤلاء إلى الكشكرة!!

وبطريقة الرجل الذي أدار ظهره للحضور.. فإن بعض شلة زملاء متفاهمين فيما بينهم رصدوا زميلًا لهم كثير الكشكرة فوجدوه حينما يتقدم للسداد أو (الشيرنق)  يدخل أصبعاً واحدًا فقط في جيبه..

ـ الصراحة والصدق تجدهما بين وسط الطلاب في هذا المجال، ومعلوم أن دخل كل منهم محدود فهم كثيرًا ما (يدقوا الشيرنق) متعادلين.

*إخفاء المال أو الجزء منه عند رب الأسرة ضرورة تسييرية لضمان الوفاء بتكاليف الضروريات، لذلك يلجأ الأب للكذب الأبيض الذي يصير هنا ضرورة.

والأب يكون هنا مقتنعاً أن الشفافية حتخرب بيتو، فكلما فتح مجالًا للصدق تكاثرت عليه المطالب!!

المشكلة التي يعانيها أصحاب المرتبات هي أن حالهم مكشوف ولا يستطيع السرية إلا أحيانًا في البدلات والحوافز. أما حوافز الأعياد والمناسبات فإن الإعلام لها بالمرصاد يعلمها الأولاد وقد يكونوا استدانوا بموجبها قبل الميعاد.

**طرفة تقول إن رجلاً كان يخفي ما يدخله من مال في مكان سري في البيت لا يعلمه إلا الله، وحري ألا تكتشف الزوجة، وذات يوم كانت الزوجة هي الأخرى تبحث عن مكان آمن لتخفي فيه ما (تبرقطه) من مصاريف البيت.. فصادف أن وقع اختيار المحظوظة صدفة على مكان الزوج… وكم كانت دهشتها  عظيمة بهذا الاكتشاف.. لكن المفتحة احتفظت بالسر لنفسها، واختارت لحالها مكاناً سرياً آخر.

** حب المال وغريزة التملك هذه تجدها حتى عند الأطفال وهم في سن مبكرة ة.. فإذا أعطيت أحدهم  القليل من النقود، ثم  طلبت منه أن يعطيك جعل يده التي بها  النقود خلف ظهره، وهذا حينما يكبر إذا عد  نقود أدار ظهره  للحضور.

** حتى عند الحيوان  تجد غريزة التملك  والإخفاء، فتجد الكلب مثلًا إذا اقتنى قطعة من اللحم ونال كفاية منها عمد بعد ذلك إلى إخفاء الباقي تحت التراب !!

** إن  إيداع  المال  في  البنوك  والحرص  على سرية  الحسابات  القصد  منه  إضافة إلى تأمينه  وترشيد  صرفه  واستثماره  حفظه  من اللصوص  والطامعين  بغير  حق .

لكن  دواعي أخرى خاصة قد تضطر البعض إلى أن  يعطيك  ظهره  وهو  يعد  ماله .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى