الضبطية

أنجزت قوات الشرطة ممثلة في المباحث المركزية دائرة التحقيق الجنائي، إنجازاً كبيراً ولافتاً بضبطها لما اعتُبر أكبر كمية مهربة للمخدرات المختلفة الوافدة من الخارج في حاوية اشتملت على أنوع لمخدرات مثل الحشيش اللبناني وحبوب مخدرة وحبوب ترامادول، عقب متابعات نشطة ودقيقة امتدت بين ولايات ومدن من بينها عطبرة والخرطوم (أمدرمان)، حيث قادت التحريات مع المتهمين إلى مخازن بالأخيرة؛ والعملية حسب ما تداولت وسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي يبدو أنها كانت ضخمة بشكل مخيف، مما استدعى وصول قيادات أمنية وسياسية وتنفيذية لموقع الضبطية، وتحفيز الفريق الشرطي الميداني الذي نال واستحق التبريكات والترقيات، كما أن الإنجاز يحسب بالجملة لصالح المؤسسات الأمنية التي تتكامل جهودها في محاور مختلفة دون أن تُهمل أدوارها الأساسية.

الشحنة المضبوطة من المخدرات وبححمها ونوعها يجب أن تلفت القوى المجتمعية والمواطنين قبل الشرطة لضرورة اليقظة والتعاون، لأنها مؤشر على تطور مزعج من حيث دخول مخدرات غير معلومة الأثر في المجتمعات المحلية، كما أن الكمية نفسها تعزز فرضيات تحول السودان في هذا النوع من التجارة المحرمة المدمرة إلى بلد معبر، إذ من الواضح من أصناف الضبطية والشحنة، أنها ربما كانت تعد لتعبر الحدود إلى دول الجوار، مع ترجيح فرضية أخرى تشير إلى أن لها سوقاً محلياً ليس من الحكمة تجاهل توسّعه سواء بالأحياء أو تجمعات الفئات المستهدفة بالترويج والتوزيع، وهذا كله يتطلب جهوداً إضافية في الحماية والتضييق والمنع، والأهم التوعية، فما كل الجهود في هذه الأمور تُترَك للمعالجات الأمنية.

يبدو كذلك أن الحاجة ماسة لتطوير آليات عمل فرق المكافحة لتجارة المخدرات، فكالعادة ظهرت (حاوية) مما يعني أن الشحنة نُقلت عبر وثبات، إما عبر منافذ برية وبحرية، مما يتطلب تطوير معدات الفحص الإلكتروني والتفتيش الصارم لكل جسم وماعون وارد عبر تلك المنافذ وتتبع آثار الجهة أو الأشخاص المستلمين، وهذا عمل بديهي ومتوقع، ويضاف إلى هذا ضرورة أن يرى الناس أحكاماً ورؤوساً تطير لمن يثبت تورطهم في هذه الأعمال ، إذ تلاحظ أنه وعلى كثرة عمليات الضبط والمداهمة، غياب أي منشورات وتنويهات بشأن محاكمات رادعة تجعل المدانين عبرة وعظة.

جرائم المخدرات خاصة مع الأصناف الجديدة المصنعة التي تعتبر سهلة في أعمال التوزيع ومعالم الإخفاء، تتطلب مواجهة عنيفة وقاسية وصرامة موجعة في التعامل مع قضاياها، لأنها أحيانا تتجاوز النشاط التجاري غير المشروع لتكون جزءاً من مخطط أخطر يهدف إلى تدمير خلايا المناعة في المجتمعات وبين الشعوب، وطالما أن الشرطة أدت ما عليها، فأظن أن هناك أدواراً أخرى منتظرة لا تقل ضرورة وأهمية للمجتمع وكل المؤسسات لرد هذا الخطر المميت، فالقضية ذات امتدادات بعيدة وتحتاج جهد الجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى