عبد الحفيظ مريود يكتب.. مشهديّات

القيادي السّابق بتجمُّع المهنيين، مولانا إسماعيل التّاج، يلقي باللائمة على مكتب رئيس الوزراء. نقلتْ “متاريس” أنَّ التّاج قال إنَّ تغوّل مستشاري حمدوك على صلاحيّات بعض الوزارات، يُعدُّ سابقةً في الأداء التنفيذي في السّودان. ولم تجف الأقلام التي صرصرتْ في معركة بين التّاج وأحد مستشاري حمدوك، تبادلا فيها الاتّهامات. هل يمكنُ قراءة تصريحات التّاج امتداداً منطقيّاً لتلك المعركة؟

قبلَ ذلك، وعلى مشارف التعديلات الوزاريّة قبل الأخيرة، أو بعدها بقليل، شكا المهندس عادل، وزير المعادن والطّاقة من كبير مستشاري رئيس الوزراء، الشّيخ خضر، واصفاً سلوكه فيما يتعلّق باستيراد المحروقات، دفع الاستحقاقات بدقّة. السُّلوك الذي استهجنه الوزير السّابق، لم ينفهِ مكتب حمدوك الصّحفي ولا مستشارُه الإعلامي. كما لم يخرجِ المستشار ليبرّر فعلته. وهو أمرٌ يُبعِد عن تصريحات إسماعيل التّاج شُبهة تصفية الحسابات الشّخصيّة، ضمن معركةٍ غير ضروريّة مع فائز السّليك المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء.

الفخُّ المنصوب هو أنْ يكون رئيس الوزراء تُكأةً للمستشارين. يتحدّثون باسمه، يُقرِّرون نيابةً عنه، ويتدخلّون في العمل التنفيذي للوزارات، دون رادعٍ أو رقيبٍ. ما حكاه الدكتور إبراهيم البدوي، وزير المالية السّابق يمكنُ أنْ يُفهم منه أنَّ للسيّد رئيس الوزراء أكثر من رأي، وأكثر من لسانٍ. وقد حكى البدوي تجربته الشّخصيّة، وما يقوله رئيس الوزراء علناً، في وجه الشّخص، وما يقوله “تحت تحت”، كتدبير وقائي، أو تكتيك في إطار الذكاء السّياسي.

ما يستبطنه حديث مولانا إسماعيل التّاج يَتَعَدّى مكتب رئيس الوزراء. لو أنَّ مولانا نظر عميقاً ونَطَقَ بحكمة، لقالَ إنَّ توهين أداء الخدمة المدنيّة، وتفتيت الاختصاصات بدأ باكراً في الحكومة الانتقالية، منذ تجاوز معايير الكفاءة وتحويل الاختيار إلى ترضيّات ومجاملات. إذْ لم يمضِ شهرانِ من أداء قسم الحكومة، حتّى عرفَ القاصي والدّاني، أنَّ الأستاذة أسماء التي اختيرتْ وزيرةً للخارجيّة لا تملكُ ما يجعلها كذلك. قبل أنْ يكتشف الغاشي والماشي أنَّ اختيار د. أكرم التّوم غير موفّقٍ البتةَ. إذْ هو مهرّجٌ طلّابي أكثر منه وزير صحة.

ثمَّ لم تمضِ إلّا بضعة أشهرٍ من “التكوين السّيادي” للجنة تفكيك نّظام الثلاثين من يونيو 89، حتّى قام كبار القانونيين، من المحسوبين على الثورة والحرية والتغيير، بكشف معايبها. انقشعتْ عن العوام من أمثالنا عروض المؤتمرات الصحفيّة للجنة. صادرنا، فصلنا، كشفنا، وغير ذلك. انفضَّ السّامرُ عنها، حتّى لقد استقالَ رئيسُها الفريق ياسر العطا، ومُنِعَ عضواها البارزان من دخول القصر الجمهوري، بل جُرجِرَ أحدُهما إلى النّيابة، ليخرجَ محمولاً على الأكتاف، في بطولاتٍ صبيانيّة. الحصيلة صفرٌ كبير. تصريحاتُ وزارة المالية أنَّ قرشاً أحمر من الأموال المستردّة لم يدخل خزينة بنك السّودان المركزي. وقد كانتْ هناك تصريحاتٌ حافلة لوجدي صالح بخصوص الأموال المستردّة. تنقل الوسائط والصّحف مفاوضات جرتْ مع عبد الباسط حمزة لدفع مبلغ، نظير تسوية الملف. إسماعيل التّاج، وأهلُ القانون جميعاً يعلمون أنَّ ذلك – اللجنة وعملها – انتقاصٌ من القضاء السّوداني ونزاهته. بناء نظام موازٍ خارجٍ عن جهاز الحكومة والدّولة. يحتاج هو نفسه قبل أي شئ إلى تفكيك، لتأخذ المنظومة العدلية عملها، بدلاً من التّهريج.

ما يشيرُ إليه التّاج صحيحٌ تماماً. سنفقد الأسس الضامنة لبناء المؤسسيّة، جرياً وراء نظام الإنقاذ نفسه. قبل يومين صرّح وزير الدّاخلية الجديد، بأنَّ الجنيه السُّوداني، عبر القبض على تجّار العملة وسجنهم 3 سنوات وتغريمهم. سيكون على وزير المالية العمل على البحث عن أوكار عصابات “النيقرز” وعلى وزير الخارجيّة منع قطوعات الكهرباء، التي قال النّاشطون إنَّ مديرها ضابط سابق في جهاز الأمن، يقوم ببرمجتها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى