Site icon صحيفة الصيحة

متحف بيت الخليفة.. تاريخٌ لا يسقط بالتقادُم

 

كتب- سراج الدين مصطفى

(1)

مدينة أم درمان ذات التاريخ العريق ما زالت متحفظة بملامحها القديمة.. تلك الملامح التي شكلت منها عاصمة وطنية محضة.. فهي ما زالت ببيوتها القديمة وشوارعها التي تحكي عن تاريخ كبير عصي على النسيان.. وأم درمان كل ذرة تراب فيها تُعبِّر عن ذكرى بعينها وكل شخص فيها هو عبارة عن حكايات وقصص.. ويظل متحف بيت الخليفة واحداً من أبرز معالمها التي ميزتها كغيره من المعالم التي تشتهر بها المدينة.

(2)

يقع هذا المتحف في مدينة أم درمان في منطقة غنية بآثار حقبة الدولة المهدية، وكان في السابق مقراً لسكن الخليفة عبد الله التعايشي إبان الدولة المهدية، وخليفة قائد الثورة المهدية الإمام محمد أحمد المهدي، وقد شيّد المبنى عام 1887م على يد المعماري الإيطالي بيترو، كما شيّد الجزء الملحق به والمُكوِّن من طابقين عام 1891م وقد تحوّل المنزل إلى متحف تاريخي عام 1928م وهو يحتوي على العديد من المُقتنيات النادرة لتلك الحقبة، ويشتمل على مقتنيات تعود إلى ما قبل الدولة المهدية.

(3)

يشغل متحف بيت الخليفة، المنزل الذي كان يسكنه خليفة المهدي، الخليفة عبد الله بن محمد، منذ إنشاء مدينة أم درمان حتى نهاية المهدية، ويقع البيت في وسط أم درمان مع مجموعة من المواقع التاريخية المهمة بالمدينة، وهو يُجاور جامع الخليفة من جهة الشرق وفي مواجهة قُبّة الإمام المهدي، ويقع شرقه بيت الأمير شيخ الدين بن الخليفة، والى الجنوب منه وبعد شارع صغير يقع بيت السيد/ البشرى بن المهدي، وكان هذا البيت والجامع وبيت شيخ الدين داخل سور أم درمان التاريخي الذي كان يُحيط بمرافق الدولة المُختلفة.

(4)

تبلغ مساحة البيت نحو 3500م2 وأبعاده 125م من الشمال إلى الجنوب، و39م من الشرق إلى الغرب وهو متصل بالجامع بباب مغلق الآن. ومن هذ الباب كان الخليفة ينتقل من بيته إلى الجامع ليؤم المصلين. وكان البيت مسكنه الخاص بأسرته الكبيرة وكان في نفس الوقت مقر عمله، إذ كان هناك يقابل الأمراء والكُتّاب وكبار مساعديه ليتلقى منهم التقارير ويوزع عليهم التعليمات، كما كان يُقابل هنا مختلف الناس الوافدين إليه.

(5)

في مبدأ الأمر، كان البيت عبارة عن راكوبة مثل الرواكيب الأخرى التي أُنشئت في هذا المكان عند إنشاء أم درمان وقد بنى لأول مرة في سنة 1887 – 1888م وهذا هو الجزء الرئيسي من البيت الواقع بالشرق، وفي المرحلة الثانية بنى الطرف الواقع إلى الغرب والذي يتكون من دورين وكان ذلك في سنة 1891م وبعد هزيمة جيوش الخليفة في كرري في 2 سبتمبر سنة 1898م ودخول الجيش الغازي أم درمان واستباحتها فترة من الزمن، استقر كتشنر لفترة من الزمن في بيت الخليفة إلى أن يتم إصلاح ما لحق بسرايا غردون.

(6)

 بد ذلك استعمل المبنى كمقر رسمي لسكن مفتش مركز أم درمان الإنجليزي ورفع على بيت الخليفة عَلَم الحكم الثنائي واستمر ذلك إلى أن تم بناء سكن للمفتش الإنجليزي في حوالي عام 1911م. وبعد ذلك هجر البيت وأُسيئ استعماله، إذ تحوّلت أجزاء كثيرة منه إلى اصطبلات للخيل وبقى مهجوراً حتى عام 1924م عندما قدم إلى أم درمان مفتش إنجليزي يدعى برمبل وزوجته وكانت لها اهتمامات بالنظافة ولها يرجع الفضل الأول في إبراز فكرة تحويل بيت الخليفة إلى متحف، حيث تقدمت للسلطات المختصة بتلك الفكرة فوافق عليها السكرتير الإداري، وقد تم إخلاء البيت تحت إشراف هذه السيدة. كما تم تنظيفه وتحوّل بيت الخليفة إلى متحف عام 1928م.

(7)

يتكوّن بيت الخليفة من خمس وحدات من المباني: المدخل الحوش الذي به العربات القديمة، الحوش الرئيسي بالوسط ويقابل هذا حوش آخر يفصل بينهما سور المبنى الذي يتكون من دورين، وحدة تقع بالجنوب وتتكوّن من حجرات صغيرة نحسب أنّها كانت اصطبلات للخيول. لقد أُدخلت على بيت الخليفة تعديلات كثيرة عبر السنوات لتلائم سكن برمبل ومربط خيوله، ثم لتلائم المتحف، ولبيان ما هو باقٍ من بيت الخليفة وما أدخل عليه فإن علينا الرجوع لكتاب سلاطين (السيف والنار في السودان) ص 269 وما بعدها، إذ يورد الكتاب وصفاً دقيقاً لهذا البيت. وفي تقارير مصلحة الآثار والمتاحف عن الأعوام 1939م إلى 1958م ترد معلومات عن التعديلات الكثيرة التي أُدخلت على البيت. وبمعاينة المبنى على الطبيعة يتّضح حجم التغيير الذي أُدخل على المبنى الأصلي ويتمثل ذلك في مبانٍ أُضيفت لمتحف “بيت الخليفة”.

 

Exit mobile version