امتداد وسيم لمبدعي كردفان.. حامدين بقادي.. (تاري ريحة الريد في الكلام تنشم)!!

(1)

قبيلة البقارة بجنوب غرب كردفان اشتهروا بالغناء على إيقاع المردوم ونفيد القراء بأن المردوم نوع من الرقص والمردوم إيقاع يصدر من ضرب الأرجل بالأرض، وتطور في الإيقاعات السودانية بمصاحبة الآلات الإيقاعية المتعددة. وتمثل له بأغاني عبد القادر سالم مثل أغنية الله الليموني، واللوري حل بي، وغيرها. ويمتاز المردوم بخلاف الجراري بسرعة الإيقاع وقوته، وهنالك أيضاً نموذج إيقاعي آخر وهو غناء الحسيس وهو شبيه بغناء وكرير الجراري، إلا أن الحسيس أسرع في إيقاعه، عند أداء الغناء والرقص والكرير، ويبنى بيت الحسيس في الغالب إلى ثلاث شطرات، في حين أن بيت الجراري يبنى في أربع شطرات، تغني الفتيات أغاني الحسيس بجانب الرقص والتصفيق.

(2)

لذلك نقول إن كردفان الغرة مازال رحمها ولوداً.. رغم ما يقوله البعض بأنها في الآونة الأخيرة لم تنجب عباقرة أمثال الدكتور عبدالقادر سالم والفنان الجميل صديق عباس والبلبل عبدالرحمن عبدالله والفنان الأسطوري إبراهيم موسى وهو تحديداً كان فناناً كثيف الجمال باذخ الجملة اللحينة.. يصفه النقاد بأنه من أميز الذين جاءوا إلينا من كردفان الغرة ولكنه لم يأخذ حقه ومستحقه كمبدع معطون بالجمال حتى آخر ظفر من أظافره أو أعلى سبيبة في شعر رأسه.. يلحن الأغاني بمهارة عالية لا تتوافر لدى غيره.. فهو موهوب حتى النخاع.. ومفرداته الغنائية تؤشر على أنه يجيد اختيار الأشعار ذات التعابير البسيطة والجزلة.. وهو كذلك صاحب خيال متسع يحلق في الفضاء بلا قيود.. ومن يتمعن في أغنياته يجده ينحاز للحداثة اللحنية رغم بساطة ذات المفردة التي تخرج في حلة زاهية وباهية. وغيرهم من المبدعين الأصلاء أصحاب الإضافات الثرة في مسيرة الغناء..

(3)

الامتدادات الوسيمة والجميلة لكردفان بتقديري مازالت متواصلة.. فهي قدمت لنا الفنان الشاب حامدين بقادي.. صاحب الأسلوب الغنائي السلس.. فهو كفنان لم يبتعد كثيراً في التكوين الموسيقي عن بيئة كردفان الموسيقية، ولكنه برغم ذلك صاحب بصمة غنائية خاصة تبرز شخصيته مؤدي رفيع المستوى وكملحن صاحب جملة موسيقية فيها الكثير من التطور.. ومن يستمع لأغنيات مثل (همبريب الشوق) ذات المفردة الممعنة في البساطة:

همبريب الشوق لي رسلتي.. والنجيم الفوق بي حدثتي..

ولد أمي الريدها في دمي.. وكت نكرتي غرام بالسنين عشتي

غزالي يا أم سيحان شوفي لي بلسم..

أنا رماني طريف فوق رميشاً سم

في الخريف أو صيف كان شفتها ما بنجم

تاري ريحة الردي في الكلام تنشم

بتلك المفردات الممعنة في الجمال يغني حامدين بكل أناقة وجمال.. ومن يستمع إليه يلحظ بأنه صاحب نمط خاص وشخصية متفردة.. ولكنه رغم ذلك مازال بعيداً عن الوصول للناس بالقدر الذي  يوازي القدرات التي يمتلكها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى