عبد العزيز يعقوب-  فلادليفيا.. جائزة نوبل للسلام على ظهر دبابة تحمل الموت

رغم أن بدايات الرئيس أبي أحمد الايجابية في ترسيخ أسس السلام مع الجارة اريتريا والتي وجدت ترحيباً كبيراً وأحدثت تغييراً هائلاً أدى إلى إشاعة جو من التفاؤل والأمل  لدى المواطن الاثيوبي في داخل وخارج إثيوبيا.

إثيوبيا بها أكثر من ثمانين مجموعة اثنية مختلفة تعيش في مستوى أقل من الحد الأدنى للفقر بسبب السياسات العرقية تاريخياً والتي أدت إلى إضعاف الرؤية الوطنية الإثيوبية.

المراقبون والمتابعون للوضع الداخلي الإثيوبي يمكنهم بسهولة معرفة التوترات القبلية المتجددة في عدد من الأقاليم التي تشمل عدداً من العرقيات المؤثرة وذات الكثافة السكانية العالية والتأثير القوي، ونذكر على سبيل المثال المظالم التي وقعت على قبائل الأمهرا في منطقة بني شنقول  بالتهجير القسري من المنطقة دون بدايل أو مساعدات حكومية تعينهم على الاستقرار  وبدايات جديدة في مناطق أخرى، وتكرر التهجير القسري مع قبائل الأرومو من المنطقة الصومالية الإثيوبية ولا زالوا يعيشون مشردين بلا مأوى أو سكن أو تعليم أو صحة، وتتابع التهجير القسري لقبيلة الجيديو من مناطق غوجي ولازالوا يعيشون في أوضاع إنسانية سيئة وفِي مخيمات لا تقي الحر أو البرد مع نقص الغذاء وعدم وجود مدارس وبدون عمل أو إنتاج، إضافة إلى ذلك أحداث العنف المجتمعي في الأعوام السابقة في مدينة أواسا وسودو في الجنوب الاثيوبي والتي راح ضحيتها المئات من الاثيوبيين الأبرياء، ولَم تنجُ مناطق قريبة من العاصمة الاثيوبية استهدفت فيها وقتلت مجموعة من الاثيوبيين من الغامو وغوراغي ودروزي على أيدي مهاجمين مجهولين، وقد قامت الشرطة الإثيوبية بعد هذه الحوادث بتفريق مسيرة نظمت في أديس أبابا للاحتجاج على عمليات القتل وأشار فيها المتظاهرون  إلى ضلوع أجهزة الأمن الإثيوبي في ذلك.

كل هذه الأحداث لم تكشف الأسباب وراء نذر الانشطار والحرب القادمة في إثيوبيا والقرن الأفريقي ولكن بحسب “منظمة التقرير الأفريقي” التي أوردت تحليلاً لشخصية السيد رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد، أوردت فيه على لسان مسؤولين أجانب التقوا برئيس الوزراء أو باحثين إثيوبيين عملوا معه عن كثب أو تحدثوا معه بشكل مطول، أنهم جميعاً رفضوا التحدث عن شخصيته رسمياً أو ذكر أسمائهم خوفاً من الانتقام لكنهم أجمعوا بأن السيد رئيس الوزراء أبي أحمد يفتقر إلى المعرفة السياسية والتاريخية والأصول البعيدة للأزمة في إثيوبيا التي تنبع من الروايات المتعارضة حول التاريخ الامبراطوري للبلاد.

أكدوا بأن خطاباته وموقعه تشير إلى مفهوم نمطي للتاريخ بدلاً من معرفية سليمة وشاملة كما أنهم لاحظوا أن ايمانه الأصولي الخمسيني “طائفة دينية” ليس مسألة خاصة وهو ينتمي إلى حركة المؤمنين “مولو ونجل” الانجيل الكامل وهي حركة تضم 405 مليون إثيوبي.

اتفق هؤلاء الخبراء والباحثون والسياسيون بأن عقيدة السيد أبي أحمد تسيطر عليه وتُملي عليه رؤيته وأفعاله السياسية. كما أفادت قلة من الإثيوبيين  بأنه يستغل الدين بوقاحة لتعزيز شرعيته.

وأفادوا وحسب ما ورد في التقرير أن المصادر التي تم استنطاقها قالت بان أبي أحمد يعتقد بان الله اختاره ليكون الرجل الوحيد القادر على إنقاذ إثيوبيا، وأنه سيفوز بشرط أن تكون مشيئته موجهة من الله.

كما أوردت الفاينانشيال تايمز في عدد 6 نوفمبر 2020 في مقال للكاتب ديفيد بللنق متسائلاً “كيف تحول أبي أحمد من رجل سلام إلى زعيم حرب” واستعرض في مقاله هذا أن أبي أحمد رئيس قومي للبلاد يدير صراعاً داخلياً ضد بعض القوميات التي لها آراء مختلفة لا تخدم ولا تتفق مع رئيس الوزراء لدرجة أن هذه الصراعات الداخلية تهدد أي فرصة للتحول الديمقراطي الذي وعد به رئيس الوزراء الحائز على جائرة نوبل للسلام. ولو انتظر الكاتب قليلاً لا تضح إليه جلياً بأن أصابع الاتهام تشير إليه في اغتيال قيادات فاعلة بقومية التقراي مثل وزير الخارجية الأسبق، سيوم مسفن، وأسملاش ولد سلاسي أحد قيادات التجراي وعضو برلمان سابق، والقيادي أباي سهاي، أحد المؤسسين لجبهة تحرير تجراي والذي تقلد عدة مناصب بينها مستشار رئيس الوزراء ووزير الشؤون الفيدرالية، فضلاً عن ” كيروس حقوس ”  وهو عقيد سابق للجيش الإثيوبي انضم للجبهة، وهذه الاغتيالات أرجعت ذاكرة المجتمع الدولي إلى حالة العنف السابقة في اثيوبيا وستؤدي إلى عدم استقرار في القرن الافريقي.

الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة بعد ما آلت إليه الأوضاع داخل إثيوبيا ونُذر الحرب مع السودان ماذا يريد أبي أحمد من تأجيج الصراع مع السودان الذي ظلت أراضيه مفتوحة على الدوام لإخوانهم الإثيوبيين الذين لجأوا إلى السودان لظروف الحرب والمجاعة، بل وشاركوا أهل السودان في القليل الذين يملكون دون من أو أذى ولكن يا ترى هل يريد السيد أبي أحمد صرف الأنظار عن الانتهاكات الداخلية ضد بعض القوميات؟ أم أنه يسعى إلى جمع اللحمة الوطنية الاثيوبية بخلق عدو خارجي كالسودان؟ وربط ما يجري بإنشاء سد النهضة؟ أم أن دبابة الموت التي تحمل جائزة نوبل ستحقق لأبي أحمد حلمه بأنه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ إثيوبيا؟

* التاريخ الحديث يؤكد وقوف السودان دائماً مع الجارة إثيوبيا دعماً للحرية والديمقراطية والنضال منذ دعم عودة الأمبراطور هِيلا سلاسي إلى إزاحة الديكتاتور منغستو هيلاي مريام.

 

 

* السودان ظلت أراضيه مفتوحة لاخوانه الاثيوبين في العسرة والرخاء “بالحسني” ويشهد اهل الحبشة بذلك وتشهد سجالات الامم المتحدة.

* نعم لاحترام الاتفاقيات الدولية لترسيم الحدود*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى