الموازنة في طاولة تشريح الخبراء الاقتصاديين

**فتحي: تحديات قد تؤدي إلى تراجع الناتج المحلي

 بروف الزين : ميزانية ٢٠٢١ لم تكن أقل سوءاً من ميزانية ٢٠٢٠م

 الرمادي: الأرقام خادعة في ظل التضخم الجامح

 خبير: معدلات البطالة في البلاد ٤٣% 

الناير: الموازنة غير  واقعية ومتضخمة  وغير قابلة للتطبيق

الخرطوم: سارة إبراهيم عباس

وصف خبراء اقتصاديون ميزانية  ٢٠٢١  بأنها أسوأ من الميزانية السابقة وترتفع فيها درجة الإحباط وأجمعوا على أنها ميزانية لأداء الواجب وسوف تزيد من التدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد حالياً، وعابوا عليها عدم الشفافية والغموض وإخفاء التفاصيل وإظهار موارد كبيرة لم توضح طريقة  تغطيتها.)   الصيحة) استطلعت عدداً من الخبراء وخرجت بالحصيلة التالية

تضخيم الإيرادات

الخبير الاقتصادي د. هيثم  محمد فتحي أكد أن  الموازنة اتبعت ذات المنهج السابق في 2020 بالمبالغة في تضخيم الإيرادات والمصروفات، ما سيقود لمزيد من التدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد حالياً. وأضاف لا أعتقد أن الموازنة قادرة على خفض التضخم إلى 95%، لأن العام السابق تم استهداف معدل تضخم 30% ، وسجل 250%، لذلك نتوقع مزيداً من التصاعد نسبة لوجود واستمرار نفس الأسباب التي تساهم في رفع نسبة التضخم والمبالغة في حجم الإيرادات وحجم المصروفات لذلك زاد العجز، مع استمرار الاعتماد غير المباشر على الضرائب التي ستقود لمزيد من الضغوط على المواطنين، لأنها ترفع أسعار السلع، والاستمرار في التعويل على مبالغ المنح الخارجية، مشيراً إلى تحديات خارجية وداخلية، قد تؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي وزيادة التضخم وارتفاع نسبة البطالة وعجز الموازنة وزيادة الدين العام.

 سياسات تقشفية

وشدد  هيثم على أهمية  انتهاج الحكومة سياسات تقشفية فيما يتعلق ببنود الصرف والإنفاق على تسيير مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى مراجعة ميزانية الصرف على البعثات الدبلوماسية بالخارج، منادياً بضرورة الاستفادة الكاملة من رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والانفتاح على النظام المالي الدولي وجذب الاستثمارات الأجنبية، مع تحقيق استقرار أمني وسياسي لأنه سبب مباشر في الاستقرار الاقتصادي وسبب رئيسي في الأزمة الاقتصادية المتفاقمة مع وصول التضخم في ديسمبر إلى 269%، ونقص متقطع في الوقود، والخبز، والكهرباء وغيرها .

وقال في تقديري الآن السودان يمكن له العمل لإعفاء واسع من الديون، وهي عملية أصبحت ممكنة بعد رفع القيود الأمريكية على المساعدات مما يعني مزيداً من التدهور لقيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية سيكون خاصة مع الإبقاء على دعم القمح، والكهرباء، والدواء التي تحتاج لمبالغ مالية كبيرة بالعملات الأجنبية.

في حين أبقت الموازنة سعر الصرف الرسمي للدولار في حدود 55 جنيهاً دون أي تعديل وهو متوقع  تنفيذاً لسياسة التدرج في تغيير العملة الوطنية.

إخفاء التفاصيل

ومن جانبه عاب الخبير الاقتصادي أستاذ الاقتصاد بجامعة المشرق  البروفسور عصام الدين الزين على الموازنة إخفاء التفاصيل وإظهار موارد كبيرة ولم توضح طريقة  تغطيتها، وقال في حديثه لـ(الصيحة) إن موازنة ٢٠٢٠م كانت السبب الرئيسي والكبير في التدهور الحالى بل هزت كل القاعدة. وأضاف أن الموازنة الجديدة حملت ٥٦٨ مليار حجم الإيرادات بقدرة قادر وصلت ٢٦٩ مليار دولار تقدر بنسبة ٤٠% من الموازنة السابقة، بجانب أنها ركزت على خفض معدلات البطالة وتشغيل الشباب وبنهاية العام وصلت معدلات البطالة في البلاد إلى ٤٣%  فضلاً عن تركيز الميزانية السابقة على خفض معدلات التضخم بنهاية العام لـ ١٤٨% والموازنة الجديدة  وضعت خفض التضخم إلى ٩٥ %  ولا يمكن أن يثبت التضخم في هذه النسبة مع الفرق الخيالي  الواضح،  مشيراً إلى اللجان الثلاث التي وضعت الميزانية خاصة فيما يتعلق بتعظيم الإيرادات برسوم عالية تزيد من الأسعار وتحد من القدرة التنافسية، وأضاف علمنا بخفض الإنفاق العام ولكنه في ازدياد.

المشاركة الشعبية

ولفت الزين إلى أن الموازنة لم تظهر  المشاركة الشعبية والتي اعتبرها مهمة جداً وقال إن المشاركة الشعبية تعني الاتحادات والنقابات  والمجلس التشريعي (البرلمان) والتي تكون بمثابة المراقب للموازنة،  مشيراً إلى مبلغ ٢٦٠ مليار الخاص بدعم الأسر والحماية الاجتماعية و٥٤٠ مليار دعماً لاتفاقية سلام جوبا  وقال إنها تعادل ثلث الميزانية، وتساءل عن الأرقام الحقيقية للميزانية مشيراً إلى سعر الصرف الرسمي ٥٥ جنيهاً ولكن للأسف كل التعاملات التي تتم بواسطة الدولة تتم بسعر السوق الموازي، وهذه التعاملات ساهمت بشكل كبير في ارتفاع الأسعار لزيادة الطلب الحكومي على الدولار  فضلاً عن غياب لجنة السياسات المالية. وتساءل عن دورها ووضعها في المؤشرات الاقتصادية وسعر الصرف واستقرار العملة الوطنية وزاد هذا يعني الكثير في الاقتصاد.

وقال الزين إن التضخم سرطان الأمراض الاقتصادية وعدم الاهتمام واتباع سياسات تضخمية مبنية على استغلال السوق الاجتماعي المطبق في كثير من الدول المتقدمة جميعها (حجج ولف ودوران ) وإزالة الدعم   والإبقاء عليه هزيان لأن القاعدة الأساسية عندما ترفع الدعم ينخفض سعر العملة الوطنية.

 غموض وإحباط

وواصل الزين حديثة وقال إن الموازنة خصصت ١٤٧ مليار جنيه لدعم التعليم بما يعادل ٥٠٠ مليون دولار ومبلغ ٩٦ مليون جنيه للصحة بما يعادل ٢٥٠ مليون دولار،  وهذه المبالغ بسيطة جداً لا ترقى لطباعة الكتاب المدرسي، لافتاً لعدم الوضوح والغموض والشفافية المطلوبة. وقال في الميزانية السابقة اعتمدوا على الاستدانة من الجهاز المصرفي ٢٠٠ مليار دولار ولم ترجع بعد، والآن زيادة الضرائب سواء كانت على القطاع الصناعي في البلاد فيه مشاكل كثيرة وارتفاع مدخلات الإنتاج والأسعار ترتفع بمعدل كل ساعة نتيجة ارتفاع الوقود والنقل والترحيل، ولم تفصح حتى الآن عن زيادة أي مورد. وتساءل عن سعر الدولار الجمركي؟ لأن الميزانية لم تشر إلى الدولار الجمركي إطلاقاً ثباتاً أو نقصاناً أو زيادة، موضحاً أن ميزانية ٢٠٢١ لم تكن أقل سوا من ميزانية السابقة ٢٠٢٠م ودرجة الاحباط بها عالية جدا وهي ميزانية لأداء الواجب بأن هناك ميزانية تم وضعها ولا يوجد بند خاص بالتنمية وهي خالية من أي مشروع تنمية وتوقع تدهور  الواردات والصادرات وعجز كبير في الميزان التجاري.

 الأرقام تكذب

وفي سياق متصل قال الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي  ان الميزانية جاءت في ظروف استثنائية دون الطموحات للشارع والسواد الأعظم من الشعب في ظل ارتفاع معدلات الفقر. وأضاف معظم الأسر تقف  تحت خط الفقر وتسارع وتيرة التضخم بصورة مخيفة. وأشار في حديثه لـ(الصيحة)  إلى ملامح عامة وقال إن الإيرادات  في العام ٢٠٢١ مقدرة بـ ٩٣٨ مليار جنيه وفي العام السابق ٥٦٨ مليار جنيه. وقال الظاهر أن الموازنة الجديدة حملت زيادات أكثر من ثلاثة أضعاف بالأسعار الجارية في ظل التضخم الجامح الذي يقدر بثلثي المبلغ بمعناه الرقم الحقيقي هو ٣١٣ مليار جنيه وأكثر من ٦٠٠ مليار زيادات تضخمية،  وقال إن ميزانية الصحة اعتمد لها ٩٩ مليار في ٢٠٢١ وفي العام السابق ٥١ مليار ولكن إذا حسبناها بالمعاملة تجد أن بند الصحة انخفض إلى ٢٥ مليار جنيه نصف الموضوع لها في العام السابق،    وكذلك التعليم ١٢٧ مليار والحقيقة ٣٤  مليار أما الدفاع والأمن وضعت له ٩٠ مليار ، لافتاً إلى الزيادة الحقيقية التي حملتها الموازنة في بند الحماية الاجتماعية التي ارتفعت إلى ١٠٤ بدلاً من ٤٧ مليار جنيه، وكذلك الحال في مجلس الوزراء كان في ٢٠٢٠م ٢٩٨ مليار جنيه أصبحت ٨٨٠ مليار جنيه وقال إن الأرقام خادعة في ظل التضخم الجامح.

ومن جهته قال أستاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين الخبير محمد الناير إن الموازنة غير  واقعية ومتضخمة  وغير قابلة للتطبيق، رغم أن المناخ إيجابي برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب،  وأضاف أن الإيرادات المستهدفة في ٢٠٢٠ كانت ٥٧٠ مليار جنيه والمنفذ منها ٣٠٠ مليار حوالي ٤٣% من الإيرادات الفعلية، ولا يعقل أن يكون الأداء الفعلي أقل من النصف وأن تقفز الإيرادات مرة أخرى إلى ٩٣٢ مليار جنيه في ٢٠٢١ لافتاً إلى أن الصرف على التنمية ما يزال ضعيفاً. وقال إن إعداد الموازنة مبالغ فيه وإن القروض والمنح الموجودة حوالي ٤،٤ مليار دولار قروض ٧٠٠ مليون دولار  ومن ٣،٤ مليار دولار وهي مبالغ ضخمة ولا نتوقع أن تتحقق بالفعل .

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى