علي شاكوش رئيس تحرير السودان المجلس القيادي لـ(الصيحة)

* مقاطعة إسرائيل ليست من مصلحتنا وندعم السودان ليعود لمكانته الطبيعية
* أملنا في الدعم السريع لحماية دارفور عقب خروج اليوناميد
* هناك مصفوفة لإنفاذ السلام تجاوزها الزمن وتهدِّدُ بنسف الاتفاق
* الألسن التي تنطق بها الحكومة مُتعدِّدَة وهذا يصعب فهمه

في هذا الحوار أكد رئيس حركة تحرير السودان المجلس القيادي المكاسب الكبيرة التي حققها اتفاق جوبا لسلام السودان للنازحين واللاجئين ولجميع السودانيين، بيد أنه أشار إلى عقبات كبيرة تعيق إنزاله على أرض الواقع. وطالب شاكوش عبر (الصيحة) أطراف السلام والشركاء بالشفافية والمصداقية والعمل بجد لإنزال السلام على أرض الواقع بجانب إزالة كل المعوقات التي تهدد الاستقرار بالبلاد. وأشار إلى أن ما يجري بدارفور اليوم هو نتاج عدم إنزال السلام وإنفاذه وفق المصفوفة الزمنية المحددة، مشيراً إلى أن غياب قوات اليوناميد كان له الأثر الكبير ولكنه شدد على أن قوات الدعم السريع الموجودة هناك مناط بها حماية دارفور من الانزلاق نحو الصراعات القبلية وحماية أمنها العام واستقرارها، فيما وصفها بأنها هي الأمل الباقي لوحدة واستقرار الإقليم. هذا وغيره الكثير عبر هذا الحوار:-
حوار- عبد الله عبد الرحيم
* حركة جيش تحرير السودان المجلس القيادي حركة جديدة كيف دخلتم ووقعتم في اتفاق جوبا؟
الحركة قديمة تكونت في العام 1992 كانت الفكرة في تكوينها وكنا في مناطق مختلفة وفي 2002 ظهرت في الساحة وأول عملياتها في ‘‘طور وقولو’’ ومن بعد تقسمت خرجت منها مجموعة مني وغيرهم إلى أن خرجنا نحن منها من مجموعة عبدالواحد في شهر مايو 2019، قمنا بتجميد نشاط عبدالواحد وكلفنا شخصاً آخر لرئاسة الحركة وبموجبه أتينا نحن مجموعة من الرفاق كامتداد للحركة وجئنا جوبا وقمنا بتوقيع الاتفاق الشهير في جوبا، وسمينا الحركة بجيش تحرير السودان المجلس القيادي.
* دخولكم مفاوضات جوبا كان منذ انطلاقها؟
نحن جئنا ووجدنا أن المفاوضات قد بدأت ووجدنا معارضة من قبل بعض رفاقنا في الحركات المسلحة بالجبهة الثورية.
* ولماذا؟
قالوا لابد من أن يكون هناك اتفاق بيننا والمجموعة الأخرى بالحركة.
* أنتم جزء من الثورية؟
لا نحن منضوون تحت الجبهة الثورية الثانية (مناوي) ولسنا جزءاً من مجموعة الهادي إدريس.
* يعني أنكم لحقتم بتوقيع الاتفاق؟
التوقيع بالأحرف الأولى لم نكن جزءاً منه ولكننا لحقنا بالتوقيع النهائي وهذه هي النقطة التي وسعت الخلاف بيننا ورفاقنا.
* لماذا؟
لأنهم كانوا يرون أنه يجب ألا نوقع في هذا الاتفاق ولابد من خلق منبر جديد يستوعبنا ونفتح فيه هذه الملفات وبموجبه يتم التوقيع، لكننا رأينا أن كل القضايا التي تم طرحها هي قضايانا وعلى ضوئها وقعنا التوقيع الأخير.
* قلت إن الاتفاق فيه مكاسب كبيرة لأهل دارفور؟
المنبر تقسم لمسارات متعددة وكل يتحدث عن قضاياه من خلال مساره، فنحن في دارفور والمنطقتين قضايانا مختلفة عن بقية المسارات هناك ضحايا وإبادة واغتيالات ودمار شامل وغيره . وكنا نرى لابد من ترميم لما اندثر، كان هناك حديث عن الحواكير وعودتها لأصحابها وهو جوهر القضية، ولابد من إخلائها لعودة أصحابها. هناك حديث عن التعويضات للمتضررين، تعويضات فردية وجماعية ولابد من هذه التعويضات، أيضاً هناك حديث عن السلطة والمشاركة في السلطة المركزية، كل ذلك كان مكاسب لأهل دارفور وبنفس المنوال هناك حديث مشابه عن المنطقتين.
وماذا عن عودة النازحين؟
هذا مرتبط بالوضع الأمني الذي ذو علاقة بالترتيبات الأمنية المهمة وهناك عدد 12 ألف جندي سيتم توزيعهم على دارفور بالتساوي، ستة آلاف للحكومة ومثيلها لدارفور لاستتباب الأمن. والمنبر تناول كل الملفات ذات الصلة.
* هل تم وضع زمن محدد لإنفاذ التعويضات أم هي مفتوحة على مدار فترة إنفاذ السلام؟
الواضح أن هناك خللاً واضحاً لأن هناك مصفوفة وجداول زمنية محددة لإنفاذها وتجاوزها الزمن والخلل واضح وربما يعصف بالاتفاقية نفسها، لأن القيمين على وضع الحكومة الانتقالية وسوء الأوضاع الاقتصادية وعدم مقدرة الحكومة على توفير الجوانب المادية لإنفاذ السلام يهدد بنسف هذه الاتفاقية، والوضع حقيقة إلى الآن ضبابي.
* نسف الاتفاقية هل ناتج عن عدم التمويل أم للمواقف السياسية من شركاء الداخل؟
هناك مواقف سياسية للشركاء بالداخل ومواقف تتعلق بالتمويل وحقيقة المهددات كبيرة وبهذا الشكل أقدر أقول إنه لا يمكن أن يمضي إنفاذ هذا الاتفاق.
* السيناريو المتوقع حيال هذه التحديات التي تقف عقبة أمام إنفاذ السلام؟
الذين كانوا يرعون سلام جوبا عليهم أن يقفوا بجد لإنفاذ الاتفاق وإلا سيكون كل مجهودهم السابق دون معنى. لأنه حتى هذه اللحظة هناك من يفرض نفسه في هذه الاتفاقية بأنه صاحب حق والآخرون ليس لديهم حق وهناك متاريس كثيرة تصنع.
* أهذا يحدث داخل الذين وقعوا اتفاق سلام جوبا؟
نعم هناك تكتلات تحدث هنا وهناك دون الآخرين وفي تقديري هذا مهدد للعملية السلمية، وإذا سارت الأمور بهذا المنوال فإن الأوضاع ستعود للمربع الأول.
* البعض يشير إلى أن الخلافات وسط شركاء السلام ناتجة من توزيع السلطة والمشاركة في الحكومة الانتقالية القادمة؟
نعم هناك من يفتكر أنهم يستحقون مواقع بعينها دون الآخرين ونحن نرى أن التوزيع للمناصب يجب أن يتم بالاتفاق بيننا كلنا كرفاق وبالتراضي، لكن هناك من يعمل تكتلات وهي لا تترك هذه العملية السلمية أن تمضي بسلاسة لما تم الاتفاق بشأنه. هناك أناس يعملون ضد إنفاذ السلام ويجب بترهم إذ أن أسماء تخرج للساحة السياسية ويقال إنها قائمة الثورية ونحن جزء منها نفاجأ بها، وهذا سيعصف بالسلام.
كل أطراف العملية السلمية قاموا برفع قوائمهم للتشكيل الحكومي الآن؟
لا يوجد اتفاق حتى الآن حول هذا الأمر ولكن هناك من يمضي في الظلام ويخرج مثل هذه الكشوفات وهذا هو الخلاف بعينه.
* ما هي الآليات البديلة لإنقاذ وإنفاذ السلام؟
أرى أن الوسيط والحكومة الراعين لاتفاق السلام الجلوس مع أطراف السلام الـ(13) لمعرفة الكيفية التي سيتم بها تشكيل الاتفاقية، وإلا فإن ما يجري سيعصف بالاتفاق.
* دور صناع السلام بالداخل (حمدوك- حميدتي – البرهان) في تقريب وجهات النظر والشقة بين هذه الأطراف؟
الآن هناك أطراف تنادي بضرورة جمع الفرقاء والعمل على صلحهم واحتواء بوادر أزمة التوزيع وقسمة المناصب.
* الحركات التي لم توقع ما هو مصيرها هل تجرون اتصالات معهم تحضهم للدخول في السلام؟
منذ ان بدأ محور جوبا كنا تواقين أن يجنح كل حملة السلام للعملية السلمية، ولكن إخوتنا في الثورية بالمنبر ومن خلال ممارساتهم تسببت أن لا يأتي هؤلاء للدخول في المنبر، ولذلك نحن ننادي الحكومة بفتح المجال لإلحاق إخوتنا بنا ونقول لهم أرضاً سلاح ورغم التأثيرات التي تحيط بالملف إذا ما جلس جميع الناس، يمكن أن يتم حلحلة المشاكل الداخلية بطرق سلمية بمن فيهم عبدالواحد والحلو.
* البعض عاب على الحركات المسلحة عقب الحضور من جوبا، طوافها على الولايات المختلفة دون دارفور، هل أنتم موجودون وسط النازحين وسكان المعسكرات؟
نحن همنا الأكبر أن يجد هؤلاء النازحون أنفسهم في هذا الاتفاق وهم الآن في مساحات ضيقة جداً داخل المعسكرات. نحن نهدف لضرورة عودتهم لمناطقهم وزراعتهم وهم آمنون وعدم زيارتنا لهم هو التمويل. وهو مؤشر خطير جداً ربما أدى لتعطيل إنفاذ الاتفاق.
* يعني ذلك أن التمويل هو العقدة الأساسية؟
حسب رأيي وقناعتي، نعم.
* رؤيتكم لمجريات الأوضاع الآن في الساحة السياسية والمخرج من هذه التعقيدات؟
الوضع ما مبشر لسببين،الحكومة القائمة نفسها مفككة غير قادرة على إدارة الدولة بصورة موحدة وهذا خلق تبايناً داخل سلطة اتخاذ القرار. ثانياً شركاء السلام ليسوا على قلب رجل واحد وهذا ما يزحزح ويعيق بناء الدولة ويزيد الوضع سوءاً.
* خروج اليوناميد من دارفور وتفجر الصراع مجدداً كيف تنظر للوضع؟
هناك محاولات لخلق بديل لليوناميد، وهناك قوة اسمها حفظ السلام في دارفور تم تشكيلها قبل التوقيع على السلام وذهبت لدارفور وهي عددها غير كبير ولذلك فهي لا تستطيع أن تحل محل اليوناميد، التي لم تكن قوة حامية وإنما كانت شهوداً على ما يحدث هناك.
والقوة التي ذهبت ستكون في مواقع اليوناميد وحتى تحرك اليوناميد سيتم من خلالهم. لكن التعويل كله على قوات الدعم السريع الموجودة الآن هناك ومكلفة لتحمي دارفور بصورة عامة والسودان، وهي الأمل في حماية الوضع. فالوضع الآن كل يوم يزداد سوءاً قتل وتشريد وأزمات أمنية وعلى الحكومة أن تقوم بواجبها وإلا سيكون هذا الأمر مؤشراً خطيراً لمآلات الأوضاع الأمنية التي قد تنفلت يوماً ما.
* برأيك هل القوات المشتركة مناط بها حماية المنطقة دون وجود ممثلين للحركات المسلحة قادرة على القيام بالأمر؟
ما تم إسعاف أولي قبل أن يتم توقيع الاتفاق الذي به بند الترتيبات الأمنية وهو يحيل أمر الأمن في الإقليم إلى القوات التي سيشملها الدمج وغيره وتوزيعها لحماية مناطقها بمشاركة قوة أخرى, الخطوة كانت ترميمية لمسألة خروج اليوناميد الذي تم قبل إنفاذ الاتفاق.
* عملت في المنظمات الدولية، لفترات طويلة حدثنا عن المشاكل والعقبات التي تواجه النازحين داخل المعسكرات؟
بداية النزوح اشتغلت مع ( msf) الفرنسية، كنا نرتب للناس عملية وجودهم داخل المعسكر. وكنا نجمع المعينات من غطاء وشراب وقدرنا على إنشاء هذه المعسكرات الموجودة في وسط دارفور ثم توالت من بعد المنظمات الأخرى الكثيرة وانتقلت من ثم لمنظمة مرسي كروب الأمريكية، وكنا نوزع المعينات للمواطنين. وتم إيواء النازحين وقدموا لهم الرعاية الكاملة لكن كان الوضع الأمني خارج المعسكرات صعباً جداً. وقبل أن تذهب حكومة البشير كانت تؤكد أن الوضع آمن وقامت بطرد المنظمات جميعها عدا منظمتين وخلقت من بعد الفجوة الغذائية لأهل المعسكرات التي يحيط بها عدم الأمان والسلم مما أثر بصورة كبيرة في حياة الناس، فكثر الموت والانتهاكات نتيجة خروج سكان المعسكرات لأجل توفير لقمة عيشه. والآن الناس موجودون داخل المعسكرات ولم يخرجوا منها إلا بعد استتباب الأمن، ووجود المعسكرات مؤشر على أن الوضع غير آمن ويؤكد أن دارفور ليس فيها سلام رغم توقيعه في جوبا ولكنه لم ينزل على الأرض لعدم الإيفاء بالالتزامات لأسباب كثيرة، منها ضعف الوساطة نفسها التي لم تقم بالضغط على الشركاء لإنفاذه.
* برأيك كيف سيتم إنفاذ الترتيبات الأمنية في ظل عدم الثقة بين مكونات الثورية؟
هناك مسميات كثيرة ويمكن أن تتم كل هذه الأشياء على الورق ولإنزاله على الأرض تقف مشكلة التمويل التي تقف عائقاً أمام كل هذه الاتفاقيات من ترتيبات أمنية وإنزال السلام على الأرض.. وكل هذا الآن ‘‘ما ماشي’’ وإذا استمر هذا على نفس المنوال فإني أرى أن الاتفاق غير موجود.
* أين علاقات الحركات المسلحة الدولية التي قالت عنها وكيف أنها ستساعد في إنزال السلام وتمويله؟
المجتمع الدولي والراغبون في دعم السلام لابد من أن يروا بأن السلام الآن جارٍ إنفاذه كخطوة أولية، وإلا فماذا يدعم إذا كان الأمر غير ذلك، المانحون ما لم يتأكدوا أن هناك خطوات بدأت تنفذ على الأرض لن يقدموا أي دعم، ولأننا لم نستطع خطو خطوة واحدة فعلى ماذا يدعمونا؟. أما العلاقات الشخصية لقيادات الحركات فليست لأنفسهم وإنما لأجل إنزال الخدمات على الأرض وهذا ما لم يتم.
الآن هناك أكثر من جسم يعبر عن الحكومة، الحرية والتغيير، الحركات المسلحة، مجلس شركاء الحكومة الانتقالية، ومجلس الوزراء.. الألسن التي تنطق بها الحكومة متعددة ولا يوجد إيقاع موحد لها، ولم تشارك الحركات في الحكومة حتى الآن ما يجعل الأمر صعباً فهمه.
* ما حقيقة القوائم المنشورة على أنها مرشحو الثورية للتشكيل الحكومي؟
هناك أشياء تتم ليلاً غير متفق عليها وكل الأسماء التي ظهرت لسنا متفقين عليها وإذا كانت نهائية فإن السلام سوف يفقد معناه الأساسي.
* هل أنتم موجودون داخل لجان التشكيل الحكومي؟
نحن موجودون داخل اللجان التي تتحدث عن شكل الحكومة وقانونيتها وكيفية ظهورها، أما الأسماء التي سوف تختار للتشكيل الحكومي تتم من خلال أطراف السلام ولم يخرج عنها أبداً. هناك من يعمل ليلاً لقطع الطريق أمام التشكيل المتفق عليه. هناك من يشير إلى أنه صاحب الحق في الشراكة القادمة والآخرون لا يملكون الحق .. هذا ما يجري داخل الثورية الآن.
* هذا يعني أن الخلافات داخل الجبهة كبيرة؟
نعم بالتأكيد هناك خلافات لا أنفيها.
الحكومة بذلت مجهوداً كبيراً جداً لإنجاح السلام في جوبا لكنها اهتمت بمجموعات وتركت أخرى .
كيف يعني فسر أكثر؟
حاملو السلاح قاموا ببتر بعض الحركات وتركت أخرى وأوصدت الباب أمام حركات لا زالوا يحملون السلاح. وكان لوجودهم داخل اتفاق جوبا لو تم سيكون له الأثر الكبير لأنهم تواقون للسلام، لكن لإرادة الثورية كانوا يقولون لو هؤلاء دخلوا فإنهم سوف يخرجون.. عملية السلام تحتاج لعملية إسعاف عاجل ووقوف من كل الحادبين على مصلحة البلد لتجنب الفشل وإصلاح الحكومة القائمة الآن.
* لكن الحكومة الآن مشغولة بقضية الحدود مع إثيوبيا فما هو موقفكم؟
ما يجري الآن من مشاكل مع إثيوبيا يمكن حلها بالدبلوماسية أكثر منه عسكرياً لواقع الصداقة والأخوة التي تربطنا مع الجارة إثيوبيا، هذا لا يمنعنا من حشد جيشنا لحماية حدودنا إطلاقاً لكن الأفضل هو اتباع الطرق الدبلوماسية والسلمية خاصة مع دولة مثل إثيوبيا.
* الانفتاح الخارجي والتطبيع مع إسرائيل؟
نحن كنا مكبلين وقضينا وقتاً كبيراً من وقتنا في مقاطعة ليست من مصلحتنا، أرى أن الخطوة الراهنة هي الاتجاه الصحيح للعلاقات التي تمنحنا آفاقاً أفضل ونحن نرحب به وندعمه ليعود السودان لمكانته الطبيعية.

أحمد

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى