محمد الفكي سليمان: الانفتاح بالحدود الشرقية كان قراراً سياسياً

هذه الأرض لنا

 

الخرطوم: محجوب عثمان

لا تزال قضية انفتاح القوات المسلحة السودانية على أراضي الفشقة الكبرى والفشقة الصغرى على الحدود مع دولة إثيوبيا، تمثل القضية الأبرز في الساحة السودانية، خاصة مع التصعيد الإعلامي الذي انتهجته إثيوبيا خلال اليومين الماضيين وإنكارها كل الاتفاقات السابقة، علاوة على انتهاج جهات لم تعلن عن نفسها سياسة الضرب تحت الحزام مستغلة التوتر بين البلدين لتزوير بيانات تصب الوقود على النار، مع تهدئة واضحة من الجانب السوداني، غير أن كثرة التداول الإعلامي دفعت عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان للخروج الى الإعلام أمس، موضحاً العديد من الحقائق الدامغة، التي تؤكد أن الجيش السوداني داخل حدود بلاده ويكشف عن دلائل دامغة تثبت أحقية السودان بالأرض.

الفشقة

في منبر سونا، حدد محمد الفكي سليمان، منطقة الفشقة بأنها محلية في ولاية القضارف محاددة لإثيوبيا تمتد على طوال الحدود السودانية الإثيوبية بطول 168 كلم ومساحة 5700 كلم مربع، بدءاً من منطقة خور الرويان في مثلث الحدود بين إريتريا وإثيوبيا والسودان شمالاً حتى جبل بنقا في خور يابوس بولاية النيل الأزرق في مثلث الحدود بين السودان وإثيوبيا وجنوب السودان، ونتج اسمها عن وجودها في تقاطع سيتيت وباسلام ونهر عطبرة، ما جعل أراضيها مسطحة وعالية الخصوبة وتنقسم إلى الفشقة الكبرى المحصورة بين نهر عطبرة وباسلام، والفشقة الصغرى المحصورة بين باسلام وسيتيت، مُوضِّحاً أنّ المنطقة أصبحت مروية طول العام بعد قيام سدي أعالي عطبرة وسيتيت وتسكنها قبائل الحمران والفلاتة والهوسا وعدد من القبائل الأخرى وكانت تنتشر فيها نقاط شرطية كثيرة في السابق، أهمها في اللكدي.

الوضع القانوني

قال محمد الفكي، إن الوضع القانوني للفشقة نتاج عن اتفاقية 1902 عندما وقّع الامبراطور البريطاني اتفاقية مع ملك إثيوبيا منليك، اعترفت فيه إثيوبيا اعترافاً قانونياً بتخطيط نائب مدير المساحة كوين وأصبحت الاتفاقية نافذة لدرجة أن إثيوبيا حتى هذه اللحظة تدرس تلك الحدود لطلاب مدارسها ضمن الأطلس المدرسي المعتمد، واستخدمت تلك الحدود في خريطتها الرسمية حتى اليوم، لافتاً الى أن جميع الخرط في كل العالم توضح أن منطقة الفشقة سودانية بالكامل.

الاحتلال

أكد محمد الفكي أن التعديات الإثيوبية على أراضي الفشقة بدأت في ملابسات سياسية، عندما كانت القوات المسلحة إبان النظام البائد تقاتل في حرب الجنوب وتم سحب نقاط عسكرية الى الجنوب، فكان أن بدأ الاستيطان عبر استئجار أراضي المزارعين السودانيين بمبالغ خرافية ابتداءً حتى اتجهت الحكومة لمنع الإيجار في العام 2016 وانتهت عملية الإيجارات فعلياً في العام 2018 لكن حينها كانت إثيوبيا قد بسطت يدها على كل الأراضي شرق نهر عطبرة عدا 4 معسكرات للقوات السودانية في سندس وود قولي والأنفال والأسرة وكانت إثيوبيا تقول إن هذه مليشيات متفلتة وليست قوات، وليس لدينا سيطرة عليها وظلت تتواجد في 17 منطقة، 7 في الفشقة الكبرى و10 في الفشقة الصغرى أهمها العلاو واللكدي ودبة سردي خور شين وجبل أبو طيور وغيرها.

الاستعادة

نفى محمد الفكي سليمان أن تكون القوات المسلحة السودانية قد دخلت المنطقة دون اي ترتيبات، مبيناً ان الأحداث التي وقعت في إثيوبيا حتمت على الجيش الإثيوبي سحب قواته سواء كانت قوات إثيوبية أو مليشيات مدعومة بقوات من الفشقة، وطالب السودان بحماية الحدود، فكان أن صدر القرار السياسي من مجلس الأمن والدفاع في الخرطوم بانفتاح القوات المسلحة على كامل الأراضي السودانية التي تكون خالية من القوات الإثيوبية، مؤكداً أن دخولهم كان فقط في المناطق التي انسحبت منها القوات الإثيوبية ما يؤكد على أن السودان لم يكن يريد الدخول إلى هذه المنطقة عسكرياً.

قرار سياسي

قطع محمد الفكي بأن قرار الانفتاح كان سياسياً، اتخذه مجلس الامن والدفاع بحسب نص الفصل الرابع من الوثيقة الدستورية التي تعطيه الحق في التوصية بإعلان الحرب، مشيراً الى أن مجلس الأمن والدفاع يتكون من مجلس السيادة بكامل عضويته المدنية والعسكرية ورئيس الوزراء ووزراء الداخلية والدفاع والعدل والخارجية والمالية، بجانب القائد العام للقوات المسلحة والنائب العام والمدير العام لجهاز المخابرات، مبيناً أن القرار سياسيٌّ بامتياز يمثل الحكومة السودانية وليس قراراً عسكرياً، وقال “الحكومة جميعها تقف خلف هذا القرار”.

لجان مساندة

كشف محمد الفكي سليمان، عن تكوين مجلس الأمن والدفاع لـ(3) لجان حكومية عالية المستوى تبدأ بلجنة سياسية يقودها هو، ولجنة دبلوماسية إعلامية يقودها وزير الخارجية د. عمر قمر الدين، ولجنة للدعم والإمدادات لمتابعة وتوطين المواطنين العائدين الى أراضيهم تقودها وزيرة المالية د. هبة محمد علي، وقال “الملاحظ إنهم جميعاً مدنيون، ما يؤكد رغبة الحكومة بالتعامل مع هذا الملف في إطاره السياسي المدني الدبلوماسي وإعطاء الدبلوماسية فرصة للعمل على تلافي الوقوع في الحرب”.

تصعيد

قال محمد الفكي، إن السودان لم يكن يريد الدخول في حرب تصريحات إعلامية، على اعتبار أن التصريحات يمكن أن تُفهم كتصعيد للموقف، ومن حرص الخرطوم على التهدئة لم تنجر وراء التصيحات الإثيوبية السالبة، لكن كان لزاماً أن يخرج للحديث بعد أن أصبحت إثيوبيا تُملِّك العالم معلومات مغلوطة عن الموقف، وقال “رغم أننا لا نريد أي تصعيد فكل ما في الأمر أن السودان بسط سيطرته على أرضه”.

مناطق لا تزال تحت الاحتلال

كشف محمد الفكي عن وجود منطقتين لا تزالان تحت سيطرة الجانب الإثيوبي، وطالب إثيوبيا بالخروج عنها حتى يستطيع الجيش السوداني السيطرة عليها، مبينا ان السودان لو كان يريد الدخول اليها عسكرياً لتم ذلك “خلال هذا المساء”، وقال “قطراند وخور عمر لا تزالان تحت سيطرتهم، ونطالب الجانب الإثيوبي بالانسحاب منهما حتى يبسط السودان سيطرته على كل الفشقة، ولو أردنا الدخول لهذه الأراضي عسكرياً لتمكّنا من دخولها هذا المساء، لكننا لا نرغب، نحن سائرون في الحل السياسي والدبلوماسي”، وأشار الى أنّ كل الخيارات مفتوحة حال رفضت إثيوبيا الخروج عن الموقعين، غير أنه أشار الى أن القرار حينها بشأن المنطقتين سيكون سياسياً يصدر من كل قيادات الدولة في مجلس الأمن والدفاع.

مطلب ثوري

نفى محمد الفكي أن يكون السودان مدفوعاً للدخول في هذه الحرب، مبيناً أن تحقيق السلام وبسط السودان سيطرته على كامل أراضيه أحد أهداف الثورة، وقال “هذا أحد مطالب الثورة الأساسية التي تطالب باسترداد كل الأراضي، ونحن نسعى لتنفيذ التكليف الموكل إلينا من قِبل ثورة ديسمبر المجيدة”.

وساطات

نفى محمد الفكي وجود أي وساطة لحل القضية، وقال “حتى الآن ليست لديّ معلومة رسمية بأن هناك وساطة، لم نجتمع حتى نسمع تقارير حول هذه الوساطة، لكن حديثنا وموقفنا واضح، هذه أرضنا ولن نسطيع أن ننسحب عنها أو أن نقود تفاوضاً حوله”، ونفى ان تكون هناك دولة بعينها قد قدمت مقترحاً بتقسيم الأرض، وقال ذلك غير منطقي ولا يُمكن أن تذهب لدولة وتطلب منها تقسيم أرضها، وأضاف “هذه الارض سودانية ومملوكة لمواطنين سودانيين، وهناك مشروعات زراعية مخصصة لمواطنين ولهذا لا يمكن التفريط فيها”.

معلومات استخباراتية

أكد محمد الفكي أن المعلومات الاستخباراتية تؤكد لهم وجود تحشيد إثيوبي على الحدود، ولفت لاختراقات جوية، بيد أنه أشار الى أن المنطقة الشرقية الآن سياسية عسكرية تتطلب تعاملاً خاصاً، فضلاً عن وجود اضطراب في الجارة إثيوبيا يتطلب اتخاذ وجود عسكري مقدر، وقال “في المرحلة الأولى كان في مطالبات من إثيوبيا بأن ننتشر على الحدود حتى لا يحدث تهريب للسلاح، وهذا الوضع يتطلب أن يكون هناك انتشار والقرار ليس بيد جهة واحدة، نحن موجودون ونراقب مجالنا الجوي وحدودنا”.

لا حوار

قطع محمد الفكي بعدم وجود اي حوار بينهم وإثيوبيا في الوقت الحالي، وقال “الآن لا يوجد حوار بيينا وإثيوبيا، نتمنى أن يوجد حوار وأن ينفتح لأن الحل عبر الحوار أفضل والبديل للحوار هو الحرب التي لا نرغب فيها ولا نرغب أن تخوضها الجارة إثيوبيا أيضاً”.

سد النهضة

وحول سد النهضة، أكد محمد الفكي أن إثيوبيا تمضي عبر سياسة الأمر الوقع لتحقيق غايتها دون الالتفات للشركاء، وقال “ملأت إثيوبيا المرحلة الأولى من غير مشاورتنا وتتجه لملء المرحلة الثانية من غير مشاورتنا، ونحن في السودان موقفنا واضح واتخذنا مواقف صارمة، لأن الأمر ليس فقط في الملء، انما ايضا في الاتفاقية المشتركة لإدارة وتشغيل سد النهضة لأنه سيؤثر بصورة مباشرة على سد الروصيرص، وموقفنا في هذه القضية واضح لأن الأمر لن يتكرر مرة أخرى لأن سياسة فرض الأمر الواقع لن تمر علينا”.

 جسور

أكد محمد الفكي أن الحكومة شرعت في مد جسور على الأنهار الثلاثة، وقال “المعلوم أن المنطقة تنقطع في فصل الخريف وصدر قرار بإنشاء كبارٍ على هذه الأرض وهذه الكباري هي ضرورة حياتية هناك لإعمار الاراضي وهي ليست ضرورة عسكرية، وقد أصدرنا التوجيهات والكباري ستركب والخريف القادم سيعبر الناس نهر عطبرة وسيتيت وباسلام”.

وجود عسكري متكامل

نفى محمد الفكي سليمان عدم مشاركة فصيل عسكري بعينه في الانتشار العسكري في الفشقة، مبيناً أن كل الفصائل العسكرية موجودة الآن في منطقة الفشقة، وقال “اطمئنكم أن كل التشكيلات العسكرية موجودة هناك وتحت إمرة القائد العام، وتشارك جنباً إلى جنب، والسودان سياسياً وعسكرياً متوحد خلف هذه القضية”.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى