أمل أبو القاسم تكتب :(عينكم للفيل، تطعنوا في ضله)!

 

لغط واسع أثارته ميزانية العام 2021م المعدلة، حيث تضاعفت نسبة زيادة مخصصات مؤسسات الدولة بشقيها بنسبة كبيرة، وطالب الكثيرون بخروج الحكومة لتوضيح هذه الزيادة ومبرراتها.

بيد أن هذه الزيادة وبالمقابل توازيها زيادة كبيرة في نسبة الفقر بالبلاد والتي بلغت بحسب الجهاز المركزي للإحصاء إلى 65%. إذن في أي وعلام هذه الزيادة لمؤسسات الحكومة سيما مجلس الوزراء الذي يكتوي المواطن من سياسات كل وزارة وما تسقطه عليه من حمل ومسؤولية فردية، كيف لا والحكومة كل ما عنّ لها الحال استعانت بالمواطن فأثقلته بالديون وقد تجلى ذلك في رفع الدعم عن الوقود والدقيق، وأخيراً الكهرباء التي كشفت مبررات زيادتها سياسة الحكومة عندما تنصب عنها  وزير الطاقة والتعدين المكلف (خيري أحمد)، وقال إنها من بنات أفكار وزيرة المالية التي تواجه وزارتها عجزًا سيما عقب زيادة المرتبات التي قررها الوزير الأسبق “البدوي” هذا قبل أن يعود ليقول ـ وأعني وزير الطاقة ـ أن ثمة أعطال حدثت بمعينات الكهرباء استوجبت تحسين أسعارها. الغريب أنه وبعد هذا التحسين (المبالغ فيه) والذي دخل أسبوعه الثاني ما زالت القطوعات مستمرة ومبرمجة، والغريب أنه ورغم أن مشكل الأعطال ليس بحديث عهد، إلا أن سيادته وقبل أيام قلائل قطع بعدم قطع الكهرباء مجدداً بعد إصلاح الكيبلات إلا للضرورة القصوى ثم عاد لذكر الأعطال…

في كل هذا يهمنا ما قالت به وزيرة المالية وتعليقها مشكلات وزارتها على  زيادة المرتبات، تلكم الزيادة التي تمتعت بها نسبة قليلة من المجتمع والعاملين بالمؤسسات الحكومية فقط بينما ظل البقية يدفعون فاتورة هذه الزيادة من دمهم وعرقهم، ليست المرتبات فحسب بل كل مشكلات الحكومة المالية يجد نفسه لدفعها صاغراً (يعني بدعم الحكومة عدييل) ثم لا يجد ما دفع من أجله فما زالت الصفوف لكل ما ذكرت على مد البصر.

حسناً.. فإن كان المواطن (شايل شيلته)، إذن فزيادة ميزانية مجلس الوزراء إنما تعني مخصصاتهم الشخصية فقط لا غير.

عجبت كذلك من الهبة التي وجهت نحو زيادة ميزانية الأجهزة الأمنيةـ وكان لجهاز المخابرات منها نصيب الأسد، وأياً ما كانت الزيادة فيقيني أنها مبررة ووضعت وفق متطلبات الجهاز، والطبيعي أن الأجهزة الأمنية (جيش، شرطة، دعم سريع، جهاز) تحتاج لميزانية كبيرة وفقاً لاحتياجاتها المعروفة بعيداً حتى من مرتبات منسوبيها كونها الأكثر حاجة لآليات ومعينات أمنية خاصة، وهذا ليس بحصري على السودان، فلو تتبع أصحاب الحملات التي ظلت تنظم بين فينة وأخرى تارة نحو الشركات وأخرى بدواعي الهيكلة وغيره لوجدوا أن هذا أمر شائع في كل البلدان.

يقولون قولهم هذا، ومع ذلك يعاني بعضها شحاً في المعينات كالشرطة مثلاً التي تشكو بعض وحداتها من نقص في سيارات الدورية، وبالكاد بدأت الآن في توفيرها.

ويبدو أنكم (تعاينوا للفيل وتطعنوا في ضله)، أو كما يقول المثل الشعبي. رغم أنه ما أحوجنا وإياكم لنقد ذاتي على كافة المستويات، وأن توضح مثالب الحكومة بشفافية لا يقدح في عملها بل هو توجيه ودعوة للشفافية والأمانة مع المواطن، لكن أن تتحامل على جهة سيادية على حساب أخرى فهذا لن يفيد البلاد والعباد في شيء، فالوطن وأهله أولاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى