السودان وإثيوبيا.. صراع حدود أم وجود؟

 

معاذ تنقو: السودان سعى لإكمال ملف الحدود ولكن إثيوبيا ظلّت تُماطله

نافع: إهمال الحدود وقرى الفشقة أغرى الإثيوبيين على التمدُّد واستغلالها

الخرطوم- فاطمة علي

أكد السفير عثمان نافع، أن أول محادثات تمت بين إثيوبيا والسودان في عام 1957م، وأن الوثائق أثبتت أن اتفاقية 1902 كانت خاصة بالحدود والمياه. وقال إن الاتفاقية أكدت على أن لا يقوم الإثيوبيون بعمل أي منشآت تؤثر على انسياب المياه أو تأجير منطقة النيل، متمها الإمبراطور الإثيوبي هيلاسلاسي بإعطاء مُعينات زراعية للتمدد ومن هنا بدأ التسلل والتمدد للحدود،، وأضاف أن اتفاقية 1972م وقع عليها من جانب السودان الراحل منصور خالد. وأضاف: بدأت المشاكل 1973م وأصبحت هناك حرب باردة بين السودان وأمريكا كانت سبب المواجهة، وأكد أن العلاقات كانت مغلقة تماماً عدا الملف الأمني، فالسودان احتضن الحركات الإثيوبية المتمردة وإثيوبيا مدّت قرنق بالسلاح، وأشار الى أن ملف الحدود لم يفتح إلا بعد أن سقط نظام مانقستو 1991م، وأضاف: ساءت العلاقات بين البلدين بعد حادثة محاولة اغتيال حسني مبارك 2002م، وعندما دخلت إثيوبيا وإريتريا في مشاكل، تحسّنت العلاقات السودانية – الإثيوبية.

وقال نافع خلال مخاطبته ندوة السودان وإثيوبيا “صراع وجود أم صراع حدود” التي نظمها مركز آرتكل للتدريب والإنتاج الإعلامي بحضور المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء فائز السليك، في الخرطوم أمس، إن العقلية الإثيوبية السودانية ظلت في صراع منذ الممالك القديمة إلى المهدية وحرب الحبشة التي انتهت بمقتل يوحنا، إضافةً إلى أن عقدة التنافس موجودة بجانب وجود العامل الديني “الإسلاميين والمسيحيين”.

إهمال الحدود

وأكد السفير عثمان نافع أن النظام السابق عمل على إضعاف السودان واستفادت إثيوبيا من هذا الضعف في فتح مسارات الحدود والميناء والسكة حديد، وانشغل السودان بمشاكل حرب دارفور والمقاطعة الأمريكية, وتأسف عثمان، على عدم اهتمام الحكومات كافة بملف الحدود، منوهاً إلى أن ملف الحدود في فترة أصبح إرشيفاً بوزارة الداخلية والرجوع إليه يأتي بعد حدوث حادث. وأضاف أن الحكومات ليست لديها استراتيجية للمحافظة على الحدود ووصفها (بعملية الإفراغ)، وأشار الى أن إهمال منطقة الفشقة وعدم توفر بيئة جيدة، وان المزارعين ليس لديهم ارتباط بالأرض إلا الزراعة، مما جعل العمالة أن تصبح إثيوبية وقيامهم بإيجار الأراضي السودانية واستزراعها لفترات طويلة، موضحاً أن الحكام تعاملوا مع ملف منطقة الفشقة الحدودية كأنه ملف ولائي وهو ملف قومي، مشيراً الى إهمال تنمية منطقة الفشقة، وأكد أن أخطاء كبيرة اُرتكبت لعدم الجدية في قضايا الحدود، لذلك تمدد الإثيوبيون وعملوا واقعاً جديداً، بعد أن كان العدد محدوداً بـ50 مزراعاً اثيوبياً أصبحوا الان بالآلاف واستولوا على الأراضي وأنشأوا مصانع وطرقاً معبدة وفنادق، وقال إن الاتفاقية تعطينا الحق في ترسيم الحدود، وشدد إلى ضرورة إيجاد لجنة خاصة تناقش وجود المزارعين من الدولتين لإيجاد معالجات، وأضاف ان ما يجري على الأرض يكتوي به أصحابها.

تماطل إثيوبيا

من جانبه، أكد رئيس مفوضية الحدود معاذ تنقو أن المفوضية تعمل للمحافظة على وثائق الحدود القانونية والإدارية، كما تقوم بإعداد الدراسات وتنوير الدولة بالوضع الحقيقي لمسار الحدود الدولية الخارجية والداخلية لاتخاذ القرار، وأضاف أن هناك وثائق لها أكثر من 100عام، بجانب وثائق مجهولة المصدر، وأن القانون هو المصدر والتحكيم الدولي، وأشار إلى أن القانون الجديد يمنع تطبيق القديم، موضحاً أن ليس كل حق يؤخذ أمام المحاكم، وإنما هناك خطة معروفة لنيل السيادة عبر التاريخ وتبلور الصراع لخطة استقلال، وشدد تنقو على أن هناك اتفاقيات لا يمكن إلغاؤها ويجب الحرص في تداول المصلحة الحدودية والتوافق بين البلدين في وثيقة مُصادق عليها بينهم، مطالباً بضبط المصطلحات لتوصيف الحدود ووضع العلامات على الأرض، بجانب الاستنباط من الوثائق، وأكد أن السودان التزم عام 2001 بإنشاء لجنة عليا لعملية ترسيم الحدود ووضع العلامات ولجنة لمعالجة مشاكل الزراعة والاستيطان، وتم رفع تقريرهما بالوجود الإثيوبي وقدِّم مقترح ولم يتم الرد، وكثفوا وجودهم على الأراضي السودانية.

تنمية الفشقة

تنقو أكد أن قانون هيئة تعمير الفشقة الذي أصدره الراحل جعفر نميري لم تهتم الحكومات به ولم تهتم بتقديم المساعدات والخدمات في تلك المنطقة ولم يفعل، ولم تعتمد ميزانية لهم ويبلغ عدد القرى 64 قرية بالفشقة، وأضاف أن الطمع في المنطقة ناتج لكونها غنية بالموارد وتربتها خصبة، وقال إنه في 2010م، قام الاتحاد الأفريقي بإعداد تقرير يؤكد الحدود ومساراتها، وذلك بموافقة اللجنة السياسية ورئيسي البلدين وإحداثيات النقاط لتوفير الميزانية، مشدداً بقوله: لا يوجد من يحرر دولة من الحدود إلا بموافقة الدولة الأخرى، وقطع بأن اتفاقية 1902م دخلت حيِّز النفاذ ولا تعدل كاتفاقية (فيينا)، وأضاف ان الظروف لا تلغي الاتفاقيات ولا الحدود التي أُنشأت، وقال تنقو ان ميثاق الوحدة الأفريقية نص على احترام الحدود الاستعمارية التي رسمها الاتحاد الأفريقي 1998م والنكران ليس بالسهل ولا يوجد أساس قانوني، منوهاً بأنه لا يوجد خلافٌ فنيٌّ في الحدود وأن الأوراق موقعة بالرضاء ومتفق عليها فنياً، وأشار الى أن عدم توفر الخدمات جعل التغول الإثيوبي أكثر على المنطقة، وطالب الدولة بمد المواطن في الفشقة بالخدمات والحرص على إعادة جميع أهالي القرى الذين تم تهجيرهم قسرياً من قبل الإثيوبيين، مع وجود الجيش للتأمين، واضاف ان التهجير ليس له أساس باستثناء 1992م. وقال تنقو إن هناك ظلماً يجب إعادة النظر فيه، مشيراً إلى أن الخلل حدث بين عام 2001م الى 2004م، وان المواطن السوداني ممنوع من حمل السلاح، فيما الطرف الأخر مسلحٌ، مشدداً على أنه يجب على الدولة دعمهم بدلاً من الطعن في النوايا، وأضاف أن الاحتلال ممنوع لأراضي دولة بوثيقة الأمم المتحدة ويحرمه القانون الدولي 1945م، وقال إن صاحب الحق يسعى لوضع ما كان عليه وله الحق فعل ما يشاء مع الالتزام بحقه وردع أي إذعان أو عدوان في أرضه، وأكد ان الأقليم الذي تحده الحدود ملكية الدولة بالعلامات التي تضعها وحق الأرض مُقدّس للفرد أياً كان، وأيضا للدولة، وطالب تنقو بتحرك دبلوماسي حتى لا يتحول لصراعٍ، بجانب تمليك الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الحقيقة، وقال: لا نمارس إلا سيادتنا على أرضنا، وزاد: نحن متسامحون.

استغلال إثيوبي

وأدان تنقو تصريحات السفير الإثيوبي، مؤكداً أن حديثه هو تعبئة رأي وهمي وطريقة سيئة، مشيراً الى أن سفيرنا بإثيوبيا لا يتاح له بالتصريحات ولا حتى زيارة الحدود، مبيناً: نحن ضد هذا السلوك، وقال إن المفوضية المشتركة الفنية أعدت عام 2012م كل اجراءاتها من (العلامات والإحداثيات) وتم رفع ميزانية وفي انتظار موافقة رئيس الوزراء الإثيوبي، وأكد أن المفوضية المشتركة جاهزة،  متهماً تماطل وتجاهل الحكومة الإثيوبية لهذه القضية لمدة 8 سنوات، وأضاف أنه كان من المفترض البدء منذ 2014م، وأشار الى ان العلامات هذه المرة يصعب إخفاءها أو طمسها، مُشيراً الى أن العلامات التي وضعت 2010م وأُلصقت بمادة ولكن شاهد الأدلة موجود.

الوقوف مع الجيش

وأشار الخبير معاذ تنقو الى أنه تم تكوين لجنة مشتركة لإعادة تكثيف العلامات للحدود وفشلت لعدم التزام فنلندا بتوفير 30 مليون دولار واعتذرت، وأكد مسؤول الشؤون الاجتماعية بحركة العدل والمساواة السودانية أن الوضع الإثيوبي داخلياً صعب والتغراي تأثروا بالسلطة، وقال إن الجيش السوداني يجب مساندته لحماية الوطن خاصة بعد ثورة ديسمبر، مؤكداً أن السلام لعب دوراً في أن يتحرك الجيش نحو الحدود مع إثيوبيا بعد أن نُقلت هذه القوات من دارفور التي كانت تتواجد فيها بسبب الحروب الداخلية والصراعات، وطالب الحكومة للاهتمام بمنطقة الفشقة وتعميرها، مؤكداً أنها مهملة ولا توجد بها تنمية، ما أغرى الإثيوبيين بالتمدد داخل الحدود السودانية وقاموا بإنشاء طرق معبّدة تمتد إلى 100 كيلو، وأشار إلى أن المنطقة التي يوجد بها المزارعون السودانيون وعرة، مناشداً بأن يولي أمر الحدود أهمية والوقوف مع القوات المسلحة.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى