ملامحه بدأت تتضح.. أسبوعان على إعلان التشكيل الوزاري الجديد

الخرطوم- محجوب عثمان
يبدو أنّ الحكومة الانتقالية وحاضناتها المتمثلة في تحالف قِوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية التي انضمت بعد توقيع اتفاق جوبا للسلام، تمضي قدماً للإيفاء بتعهد قطعته بإعلان تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة بعد أسبوعين تقريباً، في ذكرى تحرير الخرطوم 26 يناير، فقد تسارعت الخطى بوتيرة عالية لحسم عدد من القضايا التي تعوق إعلان التشكيل، بدءاً من الخلافات التي نشبت بين الحرية والتغيير والجبهة الثورية حول قسمة الوزارات، وانتهاءً بالأسماء المُرشّحة لتولي حقائب الوزارات نفسها، فقد أكدت آخر المعلومات توافق قوى الحرية والتغيير على الكثير من الأسماء لتولي الحقائب، فضلاً عن الاتفاق على الوزراء المغادرين من كابينة قيادة التشكيل الحالي، بينما تمضي الجبهة الثورية على ذات الطريق.
مشاورات
كثير من المشاورات تمت بهدف الوصول إلى قائمة الوزراء التي ستقود الفترة المقبلة، فقد تم الاتفاق ابتداءً على تشكيل الحكومة من 26 وزيراً، كما تم الاتفاق على حصص الجبهة الثورية بعد خلافات كبيرة حول الوزارات وقطاعاتها، وقد ظلت إحدى الوزارات الرئيسية وليست السيادية تمثل حجر عثرة، نتيجة الخلاف بين “قوى الحرية” والجبهة الثورية، وأكد مصدر مطلع لـ(الصيحة) أن قوى الحرية والتغيير تمسّكت بحقيبة وزارة الزراعة في الحكومة الجديدة ضمن الوزارات التي تريد تسكينها، غير أن الجبهة الثورية طالبت أيضاً بتلك الوزارة على اعتبار أنها وزارة تتصل مباشرة بالجماهير، ويمكن للحركات أن تقدم من خلالها ما يحقق رؤاها التي ظلت تناضل من أجلها، فضلاً عن ثقتها في المرشح الذي تقدمت به لتلك الوزارة الحيوية وما يتمتع به من خبرة وكفاءة عالية يمكن أن تفيد البلاد كثيراً، بعيداً عن المحاصصات والتوازنات السياسية.
ترشيحات
أكدت مصادر مطلعة لـ(الصيحة)، أن تحالف قوى الحرية والتغيير لم يفرغ بعد من إعداد القائمة النهائية لمرشحي التحالف في التشكيل الوزاري الجديد، بيد أنه قطع بالاتفاق على غالبية الأسماء والمواقع، مُشيراً إلى أن القائمة التي رشحت في الإعلام والتي تتكون من الأستاذ بابكر فيصل وزيراً للخارجية وخالد عمر “سلك” وزيراً لرئاسة مجلس الوزراء، وإبراهيم الشيخ وزيراً للصناعة، وكل من عمر النجيب وجمال إدريس لوزارة الصحة وجلال مصطفى لوزارة الزراعة وآمنة مريود لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ونبيل النويري للنقل ومحمد ضياء الدين للشباب والرياضة ويوسف الضي وتيسير النوراني للعمل وحمزة بلول وعلي الأمين للثقافة والإعلام وعيسى تيراب شاطر وعلي جدو للتجارة ومنذر أبو المعالي لوزارة الاتصالات، وقرّر التحالف أن يظل نصر الدين مفرح وزيراً للأوقاف والشؤون الدينية والبروفيسور ياسر عباس وزيراً للري والموارد المائية ود. نصر الدين عبد الباري وزيراً للعدل.
حزب الأمة والمرأة
وتلاحظ من خلال الترشيحات، انخفاض نسبة المرأة بصورة كبيرة عن النسبة التي أقرتها الوثيقة الدستورية والبالغة 40% من جملة المقاعد، بيد أن القيادي بقوى الحرية والتغيير ساطع الحاج أكد في حديثه لـ(الصيحة)، أن القائمة التي تم تداولها ليست نهائية وأن الحرية والتغيير لم تنتهِ بعد من مشاوراتها، موضحاً أنهم ملتزمون بما جاء في الوثيقة الدستورية حول نسبة المرأة، وقال إن التحالف سيرشح نساءً لمواقع وزارية بنفس النسبة التي أقرّتها الوثيقة.
وأكد مصدر مطلع، أن التشاور لا يزال مُستمراً، مشيراً الى أن القائمة خالية حتى الآن من مرشحي حزب الأمة القومي والذي سيقدم ترشيحات عنه لوزارات الزراعة والاستثمار والتعليم العالي والاتصالات والطاقة.
مغادرة
ما بين حديث ساطع الحاج لـ(الصيحة)، وحديث مصادر متطابقة، تأكد مغادرة وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني للتشكيل الوزاري، خاصة بعد فصل الوزارة لوزارتين الأولى يختص أداؤها بالصناعة، والأخرى بالتجارة وترشحه ليشغل منصب وزير رئاسة مجلس الوزراء، غير أن الرياح سارت عكس ما تشتهي سفنه لتدفع أشرعة سفائن خالد عمر نحو مبنى مجلس الوزراء، كما تأكّدت مغادرة انتصار صغيرون من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وولاء البوشي من الشباب والرياضة، فضلاً عن مغادرة عمر مانيس ولينا الشيخ ليضافوا الى 5 وزراء، أبرزهم أكرم علي التوم ود. إبراهيم البدوي اللذين غادرا قبل 5 أشهر دون أن يتم استبدالهما.
حراك الجبهة
وبمثلما تمور دواخل الحرية والتغيير بتفاعلات كبيرة لاختيار مرشحيها، تنتظم الجبهة الثورية مشاورات عالية، خاصةً وأن البداية كانت في عدد الوزارات نفسها ومن ثم الدخول في مفاوضات مع الحرية والتغيير للوزارات التي ينبغي أن تكون في قسمة الجبهة الثورية قبل الدخول في تقسيم تلك الحصة على مكونات الجبهة، لتبدأ مشاورات داخل كل تنظيم أو حركة لاختيار ممثلها، وكانت هذه عملية مخاض طويلة بحسب ما أشار القيادي بالجبهة الثورية إبراهيم زريبة لـ(الصيحة)، لافتاً إلى أن اتفاق سلام جوبا أقر بمنح الجبهة الثورية 25% من السلطة، بما يعني أن نصيب الجبهة الثورية من الوزارات سيكون 7 من جملة 26 وزارة، بينما تشغل الحرية والتغيير 17 وزارة، ويعين المكون العسكري وزارتي الدفاع والداخلية، وأوضح زريبة أن نصيب الجبهة الثورية انحصر في وزارات المالية، الثروة الحيوانية، الحكم الاتحادي، العمل، التربية والتعليم، التخطيط العمراني والرعاية الاجتماعية، كاشفاً عن مشاورات تجرى بكثافة الآن داخل مكونات الجبهة الثورية لاختيار شاغلي تلك الحقائب.
بديهيات
إبراهيم زريبة أكد أن الاتفاق حول شاغلي الوزارات والمناصب الدستورية لن يكون عسيراً بين مكونات الجبهة الثورية، لجهة أن تقديم قادة المكونات السياسية أمرٌ معمولٌ به في كل العالم، لافتاً إلى أن مسار دارفور مُكوّن من عدد من حركات النضال المسلح، الأمر الذي سيدفع بقادتها لتنسم الحقائب الوزارية، مشيراً لكل من جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة ومني أركو مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان والطاهر حجر رئيس قوى تجمع تحرير السودان والهادي إدريس المجلس الانتقالي، متوقعاً أن يشغل هؤلاء الوزارات المطروحة.
غربال ناعم
ومن المُؤكّد أن الترشيحات للحكومة الجديدة ستُخضع لمزيدٍ من المُشاورات من قِبل قوى الحرية والتغيير نفسها من جانب، ومن الجبهة الثورية من الجانب الآخر، قبل أن تُسلّم إلى رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك الذي غادر الى الإمارات العربية المتحدة للاستشفاء، عقب عودته المُتوقّعة نهاية الأسبوع الحالي لتمر القائمة عبر “غربال ناعم” تعلن بعده كاختيار نهائي وفق نص الوثيقة الدستورية التي تلزم الجهات المرشحة أن تسلم رئيس الوزراء قائمة تشمل (3) مرشحين لكل وزارة، يختار منهم رئيس الوزراء واحداً ليشغل منصب الوزير.
انتظار
ينتظر الشعب أسبوعين آخرين لتكون ذكرى تحرير الخرطوم من الاستعمار، فرحة مزدوجة تعيشها الخرطوم بتمجيد ذكرى التحرير وإعلان مؤسسات الحكم التي تكمل شعار ثورة ديسمبر “حرية.. سلام وعدالة”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى