بن فرحان في الخرطوم.. تفاصيل زيارة ليوم واحد

 

الخرطوم : مريم أبشر

أنهى وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان زيارة لافتة للخرطوم أمس، استمرت يوماً كاملاً تُعد الأرفع والأهم لمسئول سعودي كبير منذ تشكيل حكومة الثورة، بُحِثت خلالها جملة من ملفات العلاقات الثنائية بين الخرطوم والرياض مع قيادة الحكومة الانتقالية,  ابتدرت بلقاء ثنائي بالخارجية  مع وزير الخارجية المكلف عمر قمر الدين الذي استقبله بالمطار, قبل أن يلتئم لقاء ثانٍ بين خارجيتي البلدين بقاعة الصداقة رأس جانب السودان وزير الخارجية المكلف، والجانب السعودى بن فرحان, وشملت الزيارة لقاءات بوزير الخارجية السعودي مع رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك ورئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان للتعرف على آخر المستجدات على الساحة السودانية في أعقاب توقيع اتفاق السلام بجوبا، وانخراط قادة الكفاح المسلح في تنفيذه على أرض الواقع بعد وصولهم الخرطوم, فضلًا عن بحث الملفات الإقليمية والدولية التي تهم السودان والمنطقة يتصدرها ترقب الخرطوم لشطب اسمها نهائياً من لائحة الخارجية الأمريكية للدول الراعية للإرهاب الذي بات وشيكاً والتحرك المحموم لتمرير قانون الحصانة من قبل الكونغرس الأمريكي وحاجة السودان لمساندة الدول الصديقة والشقيقة في مقدمتها المملكة العربية السعودية .

أهمية التوقيت:

زيارة بن فرحان للخرطوم أمس اعتبرها مراقبون أنها أتت في توقيت مهم والحكومة الانتقالية تتهيأ للمرحلة الثانية للحكومة الانتقالية بعد وصول قادة الكفاح المسلح والشروع في تشكيل الحكومة في النسخة الجديدة لما بعد اتفاق سلام جوبا والاستعداد للانفتاح على العالم وطي صفحة العزلة بعد الإعلان عن رفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب التي ظل السودان حبيساً لها منذ ما يُقارب الثلاثة عقود الذي بات وشيكاً. وتأتي أهمية زيارة بن فرحان أيضاً من أنها تشكل امتداداً للدعم الذي ظلت المملكة العربية السعودية تقدمه للسودان, وتأكيداً  لعمق العلاقات بين الخرطوم والرياض, فضلاً عن أن الزيارة جاءت فى أعقاب  مؤتمر مجموعة أصدقاء السودان الثامن الذي احتضنته الرياض مؤخراً، وكانت من أهم مخرجاته  التوصية  بجدولة وإعفاء ديون السودان وحث الحركات التي لم تنخرط في مفاوضات جوبا والتوقيع على اتفاق السلام  بالمسارعة للحاق بركب السلام ليتمكن السودان من الانطلاق نحو البناء والتعمير والاستفادة من موارده. وستكون الزيارة فرصة أيضاً للوقوف على آخر تطورات الأوضاع في المنطقة العربية خاصة أن السودان يشارك بقوات في التحالف العربي الذي تقوده الرياض .

ملفات مهمة

وفي لقاء وزير الخارجية السعودي برئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، تم التطرق لملفات تهم البلدين، وعبر البرهان  عن  تقدير السودان حكومة وشعبًا لمواقف المملكة العربية السعودية الداعمة له في كافة المجالات ، خاصة خلال جائحة كورونا والفيضانات التي شهدتها البلاد. وأكد أن السودان حريص على تطوير علاقات البلدين بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين. وحمّل البرهان وزير الخارجية السعودي ــ حسب تعميم صحفي ــ  تحاياه لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، متمنيًا دوام الازدهار والتقدم للمملكة العربية السعودية. فيما  أكد من ناحيته  وزير الخارجية السعودي حرص المملكة على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والتنسيق في القضايا ذات الاهتمام المشترك إقليمياً ودولياً، وشدد على موقف المملكة الداعم لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بصورة نهائية ودعمها للحكومة لإنجاح الفترة الانتقالية.

وامتدح بن فرحان  موقف السودان ومشاركته في عاصفة الحزم، مشيراً إلى أن الجانبين أمّنا على التعاون المشترك فيما يلي أمن البحر الأحمر. وأشار التعميم إلى أن اللقاء تطرق لقضايا الاستثمار وسبل تذليل العقبات التي تواجه المستثمرين السعوديين بالسودان.

أزلية العلاقة

تُعَد العلاقات السودانية ــ السعودية  ضاربة في القدم منذ الهجرات القديمة  التي أسهمت خلق علاقات اقتصادية وثقافية واجتماعية مختلفة عمّقتها رحلات الحج والعمرة،  وقد أسهم السودانيون بقدر وافر في عمليات الإعمار بالمملكة، ومثلت قمة الخرطوم في العام 1967م والتي عرفت بقمة اللاءات الثلاثة التي شهدها الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز, تحوّلاً كبيراً في العلاقات السياسية،  وشكلت الزيارة المشتركة لرئيس مجلس السيادة ورئيس الوزراء للمملكة في أكتوبر من العام الماضي والتقاءهم بالعاهل بداية مرحلة لعلاقات جديدة لتعاون ثنائى  بين الحكومة الانتقالية والمملكة, استبقتها المملكة بالتنسيق مع دولة الإمارات عقب سقوط نظام الإنقاذ بتقديم دعم للحكومة الانتقالية  يبلغ ثلاثة مليارات دولار, فضلاً عن تسيير  الرياض لجسر جوي لمساعدات إنسانية للسودان إبان كارثة السيول والأمطار .

 

تقدير حكومي وشعبي:

وفي جلسة المباحثات الثنائية التي عقدها الجانبان بحضور كبار المسؤولين من الوزارة، ناقش قمر الدين وفرحان أوجه التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين، وسُبُل تطويرها سيما في مجالات التعاون الاقتصادي والاستثمار، وبحث الجانبان القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك وأهمية تنسيق الجهود والمواقف في المحافل الإقليمية والدولية، واتفقا على تفعيل آليات التعاون بين السودان والمملكة بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين.

وفي لقاء وزير خارجية السعودي بالدكتور عبد الله حمدوك رئيس مجلس الوزراء، عبّر حمدوك عن تقدير السودان العميق حكومةً وشعباً لخادم الحرمين الشريفين وحكومة المملكة للدعم المتواصل، الذي ظلت تقدمه للسودان لإنجاح الفترة الانتقالية والمساعدات الإنسانية المقدمة خلال جائحة كورونا وكارثة السيول والفيضانات الأخيرة، وقدم شرحاً بمستجدات الأوضاع في الفترة الانتقالية التي تمر بها البلاد واتفاق السلام الذي تحقق مؤخراً بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح، وعبّر عن تطلع السودان لدعم الأشقاء في هذه المرحلة، مؤكداً حرص السودان على استعادة دوره الفاعل على المستويين الإقليمي والدولي خدمةً لأمن واستقرار المنطقة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى