Site icon صحيفة الصيحة

شركاء الحكم.. البحث عن اتفاق!!

تقرير/ عبد الله عبد الرحيم

أثار الإعلان عن تكوين مجلس شركاء الحكم، الذي صدر عن رئيس مجلس السيادة  نقاشات وردود فعل واسعة. شاركت فيها مختلف الجهات، مما يدل على أهمية الموضوع وحيوية الوسط السياسي الذي تطرق لهذه الخطوة بهذا الاهتمام الكبير. وحسب إشارات السيدة عائشة موسى عضو مجلس السيادة بقولها: “هناك فرق بين العمل السياسي الحزبي الضروري لبناء مؤسسات حزبية تشارك في السلطة، وبين بناء ديمقراطية تعددية تستوعب الجميع في هيكل دولة مدنية تعبر عن كل الأطياف السياسية والنقابية والمجتمع المدني بكل مواعينه وخياراته”، وقد أرسلت عضو المجلس بهذه العبارات رفضها القاطع لمجلس شركاء الحكم في الفترة الانتقالية الذي تم إصداره بقرار سيادي خواتيم بحر الأسبوع المنصرم. لتتوالى ردود الفعل من بعد تباعاً لترسم واقعاً على المشهد المعقد سياسياً فتزيده ربكة على “ربكة”. ليظل السؤال المحوري ما الجديد المنتظر عقب توقيع السلام المهم في عاصمة الجنوب كخطوة كبيرة نحو إحقاق الحكم الديمقراطي والذي يستوجب معه اتباع خطوات أكثر جرأة وسياسة بحسبان أن ما تم من خطوة كانت باتفاق دستوري اتفقت عليه سابقاً كل القوى السياسية التي تتسيد الموقف الراهن، وإن كان الذي حدث هو أول اختبار حقيقي للتحول الديمقراطي عقب توقيع السلام ودخول لاعبين جدد للمشهد السياسي، فهل المجلس يأتي تنفيذاً لمقررات جوبا باعتبار أنه أضاف قيادات الثورية لمطبخ القرارات؟ وكيف سيتم تجاوز هذه العقبة إذا ما اعتبرنا رفض المجلس، أولى عقبات السلام؟ ولماذا رفضت القوى السياسية هذا القرار؟ وألم تكن الخطوة قد تمت بالتنسيق المشترك خاصة وأن الترشيح لم يتخط القوى السياسية؟

تصويب المؤسسات

ومايَز محمد ضياء الدين القيادي بحزب البعث أحد مكونات قوى الحرية والتغييرعن مجلس شركاء الحكم، بين موقفين ومنطلقين متمايزين في تناول شركاء الحكم. أحدهما يرى في كل ما يصدر من الحكم الانتقالي ومؤسساته عملاً شيطانياً، ينبغي معارضته ورفضه، وثانيهما فهو الذي يصدر من خندق قوى الثورة، وينطلق من الحرص على تصويب عمل مؤسسات الفترة الانتقالية وتمكينها من أداء مهامها بشكل مُرضٍ. وقال ضياء الدين: ما ورد على لسان الناطق الرسمي لقوى الحرية والتغيير، الذي انتقد قرار إعلان المجلس، بأنه تضمن مسائل لم تكن محل اتفاق الأطراف المعنية، خاصة فيما يتعلق بصلاحيات المجلس ووضع رئيس الوزراء ضمنه. مؤكداً وقوفه إلى جانب رئيس الوزراء، الذي صدرت تسريبات تشير إلى تحفظاته على تكوين المجلس، قبل أن يصدر بيان رسمي للناطق الرسمي لمجلس الوزراء، يتضمن تفصيلاً موقف رئيس الوزراء، ورفضه إعلان قيام المجلس بكيفية لم تكن محل اتفاق.

وفقاً للدستور

وأكد عضو البعث، أن هناك حاجة ملحة لتوسيع دائرة التشاور مع الأطراف المعنية حول المجلس وتكوينه وصلاحياته وذلك لم يتم، وأن عملية تكوين المجلس، والتي بدا أنها قد فاجأت الكثيرين، لم يسبقها نقاش كافٍ أو تنوير للرأي العام، أو شفافية في عمل أطراف المجلس المقترح حينها، مؤكداً أن المجلس تم النص عليه في التعديلات المقترحة للوثيقة الدستورية، كما أنه كانت له نواة ممثلة في منبر ثلاثي، يضم ممثلين لمجلسي الوزراء والسيادي، والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير. وبعد اتفاق جوبا أصبحت هناك ضرورة لتوسيع المنبر لاستيعاب أطراف اتفاق جوبا، بعد تطويره إلى مجلس بصلاحيات محددة، تكون مهمته التنسيق بين أطرافه وإزالة التباينات في الرؤى، وتوحيدها إزاء الموقف من مختلف قضايا المرحلة، دون تغول على صلاحيات أي من مؤسسات الحكم الانتقالي، ومراعاة التزام الجميع بحدود السلطات والصلاحيات المحددة لكل طرف بالوثيقة الدستورية. وقال إن محصلة المناقشات، والتي تمحورت حول صلاحيات المجلس، تمكن من معالجة الإشكالات المتعلقة بهذا الموضوع بروح الديموقراطية والمزيد من المشاورات، والشفافية المطلوبة التي تحصن الرأي العام من البلبلة ومن الوقوع في أحابيل قوى الثورة المضادة الرامية لإشاعة الفرقة والصراع بين قوى الثورة. وزاد: نتطلع أن يكون الحراك الذي صاحب عملية الإعلان عن تشكيل مجلس الشراكة دافعاً للإسراع بتكوين المجلس التشريعي نحو استكمال هياكل السلطة الانتقالية الاتحادية والولائية. مع إتاحة الفرصة للمزيد من الحوارات البينية من أجل تقنيين مجلس الشركاء بصلاحيات محددة واضحة لا لبس فيها، ولا تقبل التأويل، وتجيب على التحفظات والتخوفات والأسئلة المشروعة التي يجب أن تجيب على كل ما يشاع حول أمر المجلس، ما يوحد الشارع ويجعل التفافه حول المجلس عاملاً مساعداً في معالجة الإشكالات بين مكونات السلطة الانتقالية، وليس العكس.

الدستورية وسلام جوبا

وقال المحلل السياسي د. السر محمد علي لـ(الصيحة)، إن صلاحيات مجلس الشركاء، جاءت وفقاً للتعديلات التي أقرتها الوثيقة الدستورية المعدلة، وهي ترتكز على حل التباينات في وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، ويعمل لخدمة المصالح العليا للسودان، والتي تعنى بالسياسة الداخلية والخارجية والاقتصاد والأمن القومي، بجانب ذلك أن يعمل لضمان نجاح الفترة الانتقالية، وهو أن يقوم هذا المجلس بمراقبة الحكومة ــ أي الجهاز التنفيذي ــ بل ويساهم في اختيار الكفاءات المقدر لها قيادة الفترة الانتقالية عقب توقيع السلام.

وقال السر إن رافضي المجلس لم يقرأوا جيداً مكونات لائحته بتبصر لجهة أن صلاحياته تقوم على توجيه الفترة الانتقالية بما يخدم المصالح العليا للسودان وفق ما قاله البرهان في قرار التكوين، بجانب النصوص المتفق عليها حسب اللائحة في الوثيقة المعدلة في 2020م التي تحوي أي سلطات أخرى لازمة لتنفيذ اختصاصاته وممارسة سلطاته.

وأكد السر أن مجلس الشركاء هو حاضنة سياسية ليس بديلاً لمجلسي السيادة والوزراء أو المجلس التشريعي الذي تعطل تشكيله بسبب الخلاف بين قوى الحرية ولجان المقاومة حول نِسب تقسيم مقاعده، بجانب بعض المماحكات التي أحاطت بإنشاء المجلس التشريعي من قبل القوى السياسية المكونة لقوى الحرية والتغيير وقيادة الجبهة الثورية، وقال: ربما الأخيرة تم تجاوزها بناء لاتفاقية جوبا التي حددت نسب كل منها في التشريعي.

ويرى السر أن الاعتراض على تشكيل مجلس الشركاء هو اعتراض على اتفاق سلام جوبا، و هو محاولة قد يفهم منها الرفض لمشاركة الحركات الموقعة على الاتفاق في صنع (القرار السياسي) للدولة .

المادة (80)

فيما يرى مراقبون أن الاجتماع المشترك الذي أجاز في أكتوبر الماضي تعديلات الوثيقة الدستورية للعام 2020 م بما يتواءم مع اتفاق سلام جوبا وفقاً للجريدة الرسمية الصادرة عن وزارة العدل بتاريخ 2 نوفمبر 2020م على إضافة المادة (79) و (80)، وتقر أن ينشأ مجلس يسمى “مجلس شركاء الفترة الانتقالية”، تُمثل فيه أطراف الاتفاق السياسي في الوثيقة الدستورية ورئيس الوزراء وأطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا، يختص بحل التباينات في وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، وخدمة المصالح العليا للسودان، وضمان نجاح الفترة الانتقالية، ويكون لمجلس شركاء الفترة الانتقالية الحق في إصدار اللوائح التي تنظم أعماله) .

 

Exit mobile version