Site icon صحيفة الصيحة

التصالُح مع  الإسلاميين.. هبوط ناعم أم مطلوبات مرحلة؟

تقرير: صلاح مختار

أبدى القياديان بالجبهة الثورية، مالك عقار، ومني أركو مناوي، خلال مقابلة تلفزيونية، استعداداً للتصالح مع القيادات الإسلامية المعتدلة من النظام البائد . وأوضح رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي، أن المشاكسات خلال الفترة المقبلة ستؤدي إلى انهيار الدولة، مضيفاً، (ليس لدي مانع في التصالح مع المعتدلين من النظام البائد)، وأردف: (يجب أن يحاسب المجرمون). كما شدد رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال مالك عقار، على ضرورة إجراء المصالحات بين السودانيين لتجاوز المرارات، لافتاً إلى عدم وجود صعوبة في تجاوز آثار الحرب). مبدياً استغرابه من أحاديث البعض عن الحرب والتواطؤ مع فلول النظام البائد. وسبق أن قال القيادي بالحركة الشعبية ياسر عرمان يجب التفريق بين المؤتمر الوطني والتيارالإسلامي، مشيراً إلى أن الإسلام السياسي لا يمكن استئصاله ولكنه مطالب بالتصالح مع الشعب كما لا يجب أخذ الإسلاميين كتلة صماء فهنالك إسلاميون راغبون في مستقبل جديد ويجب أن تحسم قضية الدولة والدين في مؤتمر دستوري. فهل هذا يعني أن قوى الجبهة الثورية تسعى للهبوط الناعم بهذا مجرد البحث عن مصالحات مع الاسلاميين كما أشار ثلاثتهم لذلك، وهل هو هبوط ناعم أم إنه محض مناورات سياسية؟

سلة واحدة

قال عرمان، إنه لا أحد يستطيع اجتثاث الإسلاميين، فيما دعاهم إلى مراجعة برنامجهم ومشروعهم القديم. وأضاف أن “الإسلاميين كفكرة، لن يستطيع أحد أن يجتثهم من المجتمع، ويجب أن يراجعوا برنامجهم ومشروعهم القديم، إلى مشروع جديد، وهذا نرحب به، وهو مشروع قائم على المواطنة والديمقراطية، وعلى المحاسبة والشفافية”. وأردف عرمان “هناك فئات من الإسلاميين دعمت الثورة، وشخصيات منهم استشهدت مثل الأستاذ أحمد الخير، فنحن لا نريد أن نضع الإسلاميين في سلة واحدة، ونتعامل معهم ككتلة صماء”. وقال “الذي جعل من الحركة الإسلامية غولاً كبيرًا، هو سيطرتها على أجهزة الدولة، التي يجب إخراجها منها بالكامل، وإعادتها للشعب، وأن تكون أجهزة وطنية، لترجع الحركة الإسلامية إلى وضعها الطبيعي”.

الهبوط الناعم

وفي السياق نفسه وعقب وصوله الخرطوم بعد اتفاق السلام، ابتدر رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل إبراهيم أولى زياراته إلى منزل الراحل د. حسن عبد الله الترابي، حيث وجدت الزيارة ردود فعل متباية بين المؤيد والمنتقد للخطوة وربط البعض الزيارة بالتوجه الإسلامي بينه والحركة الإسلامية أو المؤتمر الشعبي، وحمل البعض الرجل بتلك الزيارة تبعات ذلك بالحديث عن الهبوط الناعم وأنه طرف في أي انشقاق في الساحة السياسية، ولكن في المقابل كانت الزيارة طبيعية للكثير من المراقبين باعتبار أن الحركة تريد توطيد علاقاتها مع كافة المكونات السياسية والوطنية، وبالتالي الزيارة مقدمة لعدد من الزيارات لرموز السياسة السودانية. كذلك وجه جبريل رسالة مبطنة وانتقاداً إلى مدير المناهج بعدم المساس بالتعاليم الإسلامية أو عدم استهداف التربية الإسلامية وتلك إشارة أن الدولة يجب ان لا تستهدف الإسلاميين عن طريق المناهج وأن التيار الإسلامي المعتدل يجب أن لا يبعد عن الساحة.

فن الممكن

وقرأ الخبير والمحلل السياسي بروفسير الفاتح محجوب دعوات المصالحة مع الإسلاميين في سياق النظرة الكلية للمشهد السياسي باعتبار أن السياسة فن الممكن ومليئة بالمناورات ما بين الاتتصار التام والمناورة،  وقال لـ(الصيحة) إن الحزب الشيوعي يضغط الآن في إطار التقليل من اتفاق السلام الموقع مع الجبهة الثورية ويناور في ذات الوقت بالاتفاق مع حركة الحلو في مواجهة المناورات التي تأتي من الجبهة الثورية بالاقتراب من الإسلاميين، ولذلك الحزب الشيوعي يريد إقصاء شبه كامل للجبهة الثورية من المعادلة السياسية الداخلية باعتبار أنه لا يعترف بالاتفاق ويريد مغازلة أعداء الجبهة الثورية مثل الحلو وعبد الواحد نور لإرباك المشهد، ولذلك يجب قراءة ما يدعو له قادة الجبهة الثورية في إطار المناورات السياسية التي تجيء كرد فعل لمناورات الشيوعي الرافضة لاتفاق السلام وللجبهة الثورية التي تريد تشكيل حاضنة جديدة تستبعد فيها الحزب الشيوعي.

مجرد مناورات

ويرى محجوب أن العمل السياسي يجب أن يقرأ في إطاره الكلي مع الدعوات والمناورات السياسية للرد بين الأطراف المختلفة، وقال إن كل ما هنالك من الأطراف عبارة عن مناورات تستخدم فيها القوى السياسية خاصة قبل قيام المجلس التشريعي الذي يعتبر بالونة اختبار، وقال إن الجبهة الثورية لا تريد أن يكون للحزب الشيوعي يد في تشكيل الحكومة المقبلة لذلك تعمل على إقصائه ما أمكن ذلك، ولذلك يطرح حاضنة مختلفة بالإضافة إلى أشياء هلامية، وأن المحصلة النهائية صراع سياسي قبل تكوين المجلس التشريعي، وبالتالي الدعوات غير جادة لاستيعاب الإسلاميين وإنما مناورات فقط.

مربع التخوين

ولأن الساحة تجاوزت مربع الحرب والتخوين والتشكيك بالتوقيع على اتفاق السلام وحضور قيادات حركات الكفاح المسلح للداخل، فإن القدرة على التعاطي الداخلي يجب أن يتجاوز كل تلك المرارات، وأتاحت الثورة رؤية جديدة للقوى السياسية للتعاطي مع الواقع.

ويرى المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أن تلك النظرة الجديدة تجاوز فيها الشعب السوداني عوامل التجزئة إلى الشعور كسودانيين وأن المواطنة أساس الحقوق والواجبات واحترام التنوع في السودان كي نصل إلى سيادة حكم القانون، وقال لـ(الصيحة): تجاوزنا مسألة نحن سودانيون وشيوعيتن وانتبهنا إلى القضية الأساسية وحدة البلد واللامركزية، وأكد أن المرحلة الجيدة أعطت الشعور كسودانيين في حق التعبير وما دام ليس هنالك فاسد او منتهك للحقوق أو سارق للأموال أو منحرف، وتابع: أي سوداني مرحب به يساهم في بناء وطنه دون أي تصنيف بأنه إسلامي أو شيوعي، وقال حتى المؤتمر الوطني تم حله لجهة أنه رمز للفساد والمهانة وإذلال السودانيين لذلك تم حله مثل حل الحزب النازي في ألمانيا، ودعا إلى عدم تضييع الوقت في مثل تلك التصنيفات.

حق التعبير

وقال خاطر: نحن كلنا إسلاميون  وتساءل من هم الإسلاميون الذين يعنيهم الآخرون، وأكد أن السودانيين تجاوزوا تلك المرحلة ولا نريد من أي شخص أن يقسمنا أسلاميين أو غير إسلاميين ولابد أن نحترم الأديان الأخرى. ويرى أن الحديث عن الهبوط الناعم هو وسائل للوصول للسلطة ورأى أن مسألة التخوين والإساءات للآخرين ليست جزءاً من تركيبة ما بعد الثورة وغنما للكل بعد الثورة الحق في التعبير ومرحب به من يريد بناء السودان، معتبراً الهبوط الناعم عملاً يسيء للبلد ولابد من إعادة الاعتبار ولابد من وضع أسس لمنع التدهور والتقزم.

 

Exit mobile version